لبنان ينازع على البقاء فمع تفاقم الاعتداء الإسرائيلي ونزوح أكثر من مليون و200 ألف شخص من منازلهم وقراهم قدر النداء العاجل، الذي تعده لجنة الحد من مخاطر الكوارث وإدارتها برئاسة مجلس الوزراء بالتنسيق والتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، التمويل المطلوب لسد الحاجات الأساسية المستفحلة لغاية ديسمبر من العام الحالي بنحو نصف مليار دولار (425.7 مليون دولار).

وقالت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بليرتا أليكو لـCNN الاقتصادية إن البرنامج يشعر بقلق بالغ خاصة مع وقوع ضحايا في الأرواح بنحو 1640 بين أكتوبر 2023 وسبتمبر 2024 ومن بينهم 104 أطفال و194 امرأة.

وأضافت «لقد أدى التصعيد إلى دمار هائل، وإحساس كبير بالضيق من انعدام الأمن، والوضع برمته مأساوي للغاية فيما يتعلق بالنزوح حيث وصلنا إلى مليون نازح، أي ما يعادل 90 في المئة منهم، خلال الأسبوع الماضي كما تم تسجيل 25,100 عائلة في منصة إدارة الأزمات الموجودة في السراي مقر مجلس الوزراء أي بعدد إجمالي للنازحين المسجلين بنحو 128,000 نازح، يلجؤون إلى 793 ملجأ جماعياً».

وفي هذا الصدد، قال وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام في مقابلة مع CNN الاقتصادية إن الصراع سينعكس على نمو البلد إلى جانب توقف القوى العاملة عن العمل بشكل كامل في مناطق البقاع والجنوب، وقد يكون انعكاسها بالمليارات على الناتج المحلي الاجمالي وفق دراسة أولية أعدتها الوزارة بهذا الشأن.

ونبه سلام الذي أشاد بجهود الدولة اللبنانية ومصرف لبنان بالعمل على استقرار الليرة اللبنانية حتى الساعة من تأثير تفاقم الأوضاع وتوسع نطاق الحرب على سعر الصرف مستقبلاً.

أزمة لبنان معقدة

يعد هذا النداء العاجل مكملاً ودعامة لخطط الاستجابة في لبنان LRP والتي رصدت حاجات تمويل تفوق 2.72 مليار دولار لدعم الحالات الإنسانية ولمعالجة التأثيرات السابقة للاعتداء على المدى المتوسط وللفئات السكانية الضعيفة بمن في ذلك اللبنانيون واللاجئون والمهاجرون.

لكن الاستجابة للحاجات تواجه تحديات متعددة، فالتمويل لا يزال محدوداً نظراً لتفاقم الأوضاع، وكان الصندوق الإنساني (LHF) لحالة طوارئ قد خصص نحو 10 ملايين دولار، وعلى المنوال نفسه يستكمل صندوق الأمم المتحدة للاستجابة المركزية (CERF) بقيمة 10 ملايين دولار صرف الاعتمادات للاستجابة السريعة، رغم ذلك تبقى الحاجة ماسة إلى موارد إضافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة لا سيما على نطاق مواد الإغاثة والإمدادات الأساسية.

وفي هذا السياق قالت أليكو إن أولويتنا الرئيسية هي بناء الثقة، لذلك نعمد إلى وضع الحكومة اللبنانية في موقع القيادة. التنسيق على المستوى الوطني وبين البلديات والمستوى المركزي هو أمر أساسي للغاية، ومن خلال هذا سنضمن فعالية وسرعة تزويد منصة إدارة الأزمات بالمعلومات والبيانات في الوقت الفعلي.

ورأت أن الدولة اللبنانية تحتاج اليوم إلى تعزيز ملكيتها وقيادتها ودعوتها للتعاون القوي والفعال لتجنب أي ازدواجية تطرأ على المعلومات، وشددت على أن معرفة وثقة الشعب اللبناني بحكومة تدعمه وتناصره لتحقيق النتائج المطلوبة هي من الأهمية بمكان.

ولفتت أليكو إلى جانب رصد الحاجات الأساسية من قبل البلديات، إلى أن خطة الاستجابة تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي، لذلك ركزت على توفير تمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الخاصة «وذلك لسببين: الأول هو أنهم تعرضوا لضربة شديدة على المستوى المحلي. وثانياً، لأننا نعتقد أنه من خلال ضخ الأموال النقدية والحصول على التمويل، سيكونون قادرين أيضاً على إنتاج بعض المواد الأساسية المنتجة في لبنان والحصول عليها لتسهيل وصولها إلى السكان المتضررين».

ومع استمرار العمل في مرفأ بيروت واستئناف عملية الاستيراد، يؤكد سلام أنه حتى الساعة، تفرغ حمولات القمح في المرفأ، ويؤكد أن كميات القمح في البلاد تكفي لشهرين، ويضيف سلام أنه في حال استلام لبنان شحنات القمح فإن المخزون يكفي لثلاثة أشهر، شريطة عدم استهداف إسرائيل للمرافق الحيوية أو فرض حصار بحري.

الوضع الإنساني كارثي

يعيش 90 في المئة من اللبنانيين في المناطق الحضرية، بما في ذلك المناطق الحضرية المترامية الأطراف والمكتظة بالسكان، وشهد لبنان بين أكتوبر 2023 وسبتمبر 2024، أكثر من 10200 هجوم بين إسرائيل وحزب الله وغيره من الجماعات المسلحة في لبنان، ونفذت إسرائيل أكثر من 8300 هجوم.

أدت هذه الهجمات إلى وقوع إصابات جماعية في المناطق الحضرية وألقت بتبعات كبيرة على كبار السن، وذوي الإعاقة، وغيرهم من الأشخاص غير القادرين على الفرار بسبب الخطر متزايد في المناطق الواقعة تحت القصف والهجوم.

ويستضيف لبنان نحو 1.5 مليون نازح سوري و23,026 لاجئاً فلسطينياً من سوريا، 180,000 لاجئ من فلسطين في لبنان وأكثر من 11,200 لاجئ من جنسيات أخرى، ما يجعله أكبر دولة في معدل عدد من اللاجئين من نصيب الفرد والكيلومتر المربع في العالم وفقاً لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNCHR).

كما تضررت البنية التحتية الأساسية ووصل عدد المباني السكنية المدمرة قبل 20 سبتمبر، إلى 4000 فيما أصيب 20 ألفاً آخرون.

وتسببت الأزمة الاقتصادية والمالية المتلاحقة التي مر بها لبنان بانخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبنان من 54.9 مليار دولار في 2018 إلى 17.94 مليار دولار في عام 2023، ويصارع لبنان مع التضخم المفرط، وتآكل القدرة الشرائية للأفراد وتضاعف الفقر الذي وصل إلى 59 في المئة بحسب البنك الدولي.

وأشاد التقرير بأعمال التضامن المجتمعي في جميع أنحاء البلاد بالرغم من انكشاف بعض الحالات من التوترات والإحباط الذي تعمل الخطة على الحد منها من خلال التنسيق والوثيق المسبق مع السلطات المحلية ونقاط الاتصال الخاصة بإدارة الحقوق الرقمية وزارة الشؤون الاجتماعية وزارة الداخلية والبلديات، وذلك بهدف ضمان الاستقرار الداخلي الذي يعتبر الأولوية للجميع.