خسرت مصر مليارات الدولارات على مدار عام مع اندلاع التوترات في منطقة الشرق الأوسط في 7 أكتوبر تشرين الأول الماضي؛ ما أسهم في الضغط على الاقتصاد المصري الذي كان يعاني أصلاً أزمة اقتصادية طاحنة.
وستكون هذه الخسائر مرشحة للزيادة في ظل ارتفاع وتيرة التوترات بين إسرائيل وإيران مؤخراً، في وقت وصف رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، ما يحدث بأنه ظرف استثنائي يلقي بظلاله على الأوضاع الاقتصادية لدول المنطقة وبينها مصر.
وكانت مصر ضمن دول منطقة الشرق الأوسط التي تضررت بشدة من زيادة حدة التوترات التي أسهمت في انخفاض السياحة الوافدة للمنطقة وتعطل حركة النقل عبر دول المنطقة بسبب امتداد الصراع لمنطقة البحر الأحمر.
ويقول آنجوس بلير، الرئيس التنفيذي لمعهد Signet، لـCNN الاقتصادية، إن اقتصاد مصر تأثر بالحرب بين إسرائيل وغزة والآن لبنان بشكل مباشر وغير مباشر.
مصر تخسر عائدات قناة السويس
«شعرت مصر بالتأثير الفوري لهذه التوترات مع تعطل الملاحة في البحر الأحمر»، حسب ما قالت رامونا مبارك، رئيسة إدارة المخاطر بمنطقة الشرق الأوسط في فيتش سوليوشنز لـCNN الاقتصادية.
وأضافت، «وفقاً لتقديراتنا، انخفض عدد السفن التي تعبر قناة السويس بنسبة 60 في المئة على مدار 12 شهراً، كما نقدر أن مصر خسرت نحو 5 مليارات دولار من عائدات قناة السويس، مع استبعاد الإيرادات الضائعة من النمو السنوي للإيرادات المتوقع».
وخلال الربع الأول من عام 2024 توسع الصراع في الشرق الأوسط بعد اعتراض جماعة الحوثيين السفن الإسرائيلية التي تسير في البحر الأحمر، ما حول مسار السفن بعيداً عن قناة السويس.
وقبل أيام قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إن مصر خسرت 6 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس خلال 8 أشهر.
وتعد إيرادات قناة السويس مصدراً رئيسياً للعملة الصعبة في مصر، التي كانت تعاني أصلاً من شح الدولار على مدار العام الماضي.
ومع اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر تشرين الأول 2023، شهدت مصر انخفاضاً في عدد حجوزات السائحين إلى مصر، قبل أن تعود لتنتعش مرة ثانية، بحسب آنجوس بلير.
وخلال العام المالي الماضي 2023- 2024 حققت مصر إيرادات من السياحة بلغت 14.4 مليار دولار بزيادة 5.5% مقارنة بالعام سابق له.
وتقول رامونا مبارك إن مصر كان لديها فرصة لكي يصبح الموسم السياحي أقوى من ذلك؛ ما يعني أن الحرب في المنطقة أضاعت إيرادات متوقعة من السياحة في مصر.
سعر الدولار والتضخم في مصر
تسببت زيادة التوترات في المنطقة في التأثير على معنويات المستثمرين، وشهدت مصر خروج الأجانب من استثمارات أدوات الدين المحلية مع زيادة حدة هذه التوترات، وفقاً لما تقوله رئيسة إدارة المخاطر بمنطقة الشرق الأوسط في فيتش سوليوشنز.
وتضيف أن هذه التبعات زادت الطلب على الدولار الأميركي في السوق المصرية ما ضغط على سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.
وأسهم ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه ووجود سعرين للعملة الصعبة في مصر إلى قفزة كبيرة في معدلات التضخم، قبل أن تقرر مصر تحرير سعر الصرف في مارس آذار الماضي 2024، ليفقد الجنيه نحو نصف قيمته.
وبحسب الرئيس التنفيذي لمعهد Signet، فإن معدل التضخم في مصر لا يزال مرتفعاً ويظل عرضة للعوامل الخارجية، بما في ذلك زيادة تكاليف الغذاء والنفط التي من شأنها أن تؤثر على عجز الموازنة الحكومية.
وقال رئيس الوزراء المصري، أمس، إن الحكومة المصرية تعمل على تأمين مخزون استراتيجي من الاحتياجات الأساسية للمواطنين، في ظل حالة عدم اليقين التي تعيشها المنطقة.
وكشفت وكالة رويترز أمس عن أن الهيئة العامة للسلع التموينية في مصر اتفقت على واحدة من كبرى صفقاتها المباشرة على الإطلاق لتوريد القمح شهرياً من نوفمبر تشرين الثاني إلى أبريل نيسان، بإجمالي يصل إلى 3.12 مليون طن خلال تلك الفترة.
ما التوقعات للاقتصاد المصري مع ازدياد رقعة الصراع؟
في ظل تفاقم التوترات في المنطقة فإنه من المحتمل أن يمثل هذا ضغطاً أكبر على الجنيه المصري مقابل الدولار، حسب ما يقول بلير.
ومنذ منتصف أغسطس آب الماضي، بقي سعر صرف الدولار مقابل الجنيه مستقراً قرب 48.8 جنيه.
ويقول بلير إن مصر تخطط لإصدار سندات على المدى القصير، ومع ازدياد المخاطر الجيوسياسية الإقليمية من الممكن أن يتضاءل الطلب المؤسسي عليها، على الرغم من أن البنك المركزي المصري ووزارة المالية يفعلان الشيء الصحيح لتحسين المالية الحكومية، وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر واستخدام السياسة النقدية للحد من التضخم.
وتخطط مصر لإصدار سندات دولية بنحو 3 مليارات دولار خلال العام المالي الجاري، بحسب تصريحات وزير المالية المصري.