أطبقت حرب غزة عامها الأول على المنطقة ليكون لبنان الخاسر الأكبر من دول جوار فلسطين، لتتوازى مع خراب نحو 5 سنوات من أزمة اقتصادية طاحنة لقبت بأنها بونزي القرن الواحد والعشرين.

ومنذ نحو الشهر، تطور الصراع في لبنان لتصبح العاصمة بيروت تحت النار، وعلى الرغم من عدم انتهائها فإن الخسائر باتت تتجاوز 7 مليارات دولار، حسب ما أِشار الخبير الاقتصادي منير يونس في حديث لـ«CNNالاقتصادية».

اقتصاد لبنان.. عام على الحرب

في حين تشير الإحصاءات إلى انكماش اقتصادي يتراوح بين 6 في المئة و7 في المئة، حسب ما أشار نسيب غبريل رئيس قسم البحث والتحليل الاقتصادي في بنك بيبلوس، في حديث لـ«CNN الاقتصادية»، خصوصاً بعد الخسائر الضخمة التي تكبدتها القطاعات المنتجة كافة، لا سيما وسط انتكاسة القطاع السياحي الذي كان يعوّل عليه اللبنانيون، قال منير يونس إن التوقعات بعد هذه الحرب باتت ترتفع إلى انكماش قد يصل إلى 25 في المئة بحجم الناتج المحلي الإجمالي، وهو أمر كارثي على حد قوله لاقتصاد لا يتعدى ناتجه المحلي 18 مليار دولار، نصفها أو أكثر من تحويلات المغتربين.

من جهته قال نسيب غبريل إن السيناريو الأسوأ قد تحقق وبدأت إسرائيل حربها على لبنان، وسط خسائر مبدئية تجاوزت 52 ألف وحدة سكنية دمرتها الحرب بشكل كامل، والرقم مرشح للارتفاع بشكل أكبر.

وأضاف أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة للمعبر الحدودي الوحيد بين لبنان وسوريا، شكلت ضربة قاسمة للقطاع الزراعي، الذي قضت عليه بالأساس غارات الطيران الحربي الإسرائيلي الذي قضى على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، لا سيما وسط موسم قطاف الزيتون الذي يعتبر جزءاً كبيراً من المحصول المحلي.

وتابع أن الانتكاسة التي ضربت القطاع السياحي أواخر تموز يوليو مع تصاعد الحرب، أضف إليها ما سيعاني منه القطاع الصناعي بعد ضرب عدد كبير من المصانع وكذلك توجه اللبنانيين لترشيد استهلاكهم وشراء السلع الأساسية فقط، كل هذه عوامل ستترك أثراً كبيراً على القطاع الصناعي، الذي بدأ منذ 2022 يشهد بعض التعافي.

من جهة أخرى، النقل البحري للتجارة عبر السفن بات كذلك أمراً مكلفاً جداً، نسبة لارتفاع كلفة التأمين بسبب الحرب ومخاطرها.

وبينما تتوقع وزارة المالية اللبنانية فائضاً مالياً بنسبة 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام بناءً على أداء المالية العامة في الأشهر الثمانية الأولى، توقع غبريل أنه في أفضل الحالات قد نشهد فائضاً من صفر في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى عجز بنسبة 1 في المئة بسبب اشتداد القتال وعدم الوضوح بشأن أفق انتهاء الصراع.

أما الليرة اللبنانية التي شهدت بشكل لافت ثباتاً غير منطقي رغم الظروف، فأمرها مرهون بقرارات الحكومة اللبنانية التي تتبع سياسة تقشفية في إنفاقها حتى اليوم من جهة، وسياسة مصرف لبنان لضبط السيولة في السوق من جهة أخرى، وبرأي الخبراء لا خوف مبدئياً من مزيد من التدهور بسعر صرفها مقابل الدولار، وذلك أيضاً بفضل تحويلات المغتربين التي تتجاوز 10 مليارات دولار سنوياً، منها ما هو شرعي وآخر تحمله الحقائب عبر المطار.

كما لفت غبريل إلى أن سياسة المصرف المركزي الذي رفع حد السحب الشهري بالدولار للمودعين منذ تشرين الأول أكتوبر الجاري، سيشكل بدوره عاملاً أساسياً في رفع السيولة المحلية بالدولار، ما يعطي الليرة اللبنانية دافعاً إضافياً يحافظ على ثباتها.

تجدر الإشارة إلى أن حزب الله في لبنان دخل في ما أسماه «حرب إسناد غزة» مباشرة بعد يوم واحد على انطلاق عملية طوفان الأقصى التي اندلعت على إثرها حرب ضروس بين غزة وإسرائيل، وهي مستمرة حتى اليوم بحيث ذهب ضحيتها أكثر من 42 ألفاً من الضحايا الفلسطينيين، ما دفع الكثير لإطلاق مصطلح حزب الخراب على لبنان بل المنطقة.