خبر سار تلقّاه المشاركون في مؤتمر «غلوبال ريل» المنعقد بين 8 و10 أكتوبر الحالي في أبوظبي والذي تستضيفه قطارات الاتحاد، إذ أُعلِن في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر عن توفير تمويل مصرفي بقيمة 1.5 مليار دولار أميركي من قِبل بنوك ومصارف إماراتية وعُمانية، بالإضافة إلى مساهمة بنوك إقليمية وعالمية لشبكة «حفيت للقطارات» الشركة المسؤولة عن تنفيذ وتشغيل شبكة السكك الحديدية الإماراتية العُمانية.
وسبق هذا التمويل تمويل لرأس مال شركة قطارات حفيت قامت به كلٌ من «الاتحاد للقطارات» و«قطارات عُمان»، وشركة «مبادلة» وفق اتفاقية الشراكة بين المساهمين وذلك إيذاناً بمباشرة الأعمال الإنشائية لمشروع شبكة السكك الحديدية العُمانية الإماراتية خلال شهر مايو الماضي، وتمتلك قطارات الاتحاد ومجموعة أسياد الحصة الأكبر من المساهمين في الشركة المشتركة «حفيت للقطارات».
ويكتسب هذا الإعلان أهمية استراتيجية لكون المشروع المشترك بين البلدين الذي خفضت قيمته الإجمالية من 3 إلى 2.5 مليار دولار هو الخطوة الأولى في مشروع ربط السكك الحديدية بين دول الخليج كافة.
وقالت مديرة إدارة السياسات والاستدامة «قطارات الاتحاد» عذرا المنصوري، إن تظافر الاهتمام من قِبل المصارف المحلية والعالمية يعكس الثقة الكبيرة التي حظي بها هذا المشروع وحظيت به قطارات الاتحاد في إنجاز مشاريعها ضمن المهل الزمنية المحددة وبالميزانيات الموضوعة في فترات قياسية وصعبة تلت أزمة جائحة كورونا.
ثقة متزايدة
ولتأمين هذا التمويل قام بنك ستاندرد تشارترد منذ العام 2023 بصفته المستشار المالي الرئيسي، بدور محوري في تأمين التمويل البنكي المطلوب لتطوير المشروع، منذ أوائل عام 2023. كما عمل بنك أبوظبي الأول مستشاراً مالياً مشاركاً.
وكان مصرف أبوظبي الوطني قد وفّر عام 2022 تمويل مشروع خدمات السكك الحديدية لنقل الركاب بقيمة 1.990 مليار درهم إماراتي لصالح قطارات الاتحاد، وذلك ضمن البرنامج الوطني للسكك الحديدية لدولة الإمارات، أكبر منظومة من نوعها للنقل البري على مستوى إمارات الدولة كافة.
الفرض البنكي لتمويل المشروع جاء من البنوك الإماراتية والعُمانية والإقليمية والدولية عبر شرائح تقليدية وإسلامية بكلٍ من عملتي الدرهم الإماراتي والريال العُماني.
وقد شارك في التمويل البنكي الناجح لأول شبكة سكك حديدية عبر الحدود بين الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان مجموعة من البنوك من دولة الإمارات والتي تضمنت بنك أبوظبي التجاري، والبنك العربي، وبنك دبي التجاري، وبنك أبوظبي الأول، وبنك الكويت الوطني، وستاندرد تشارترد، ومصرف أبوظبي الإسلامي، ومصرف عجمان.
ومن سلطنة عُمان شارك البنك الأهلي، وبنك ظفار، وبنك مسقط، والبنك الوطني العُماني، وبنك عُمان العربي، والأهلي الإسلامي، وبنك مسقط (ميثاق للصيرفة الإسلامية)، وبنك نزوى، وبنك العز الإسلامي.
وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة أسياد المهندس عبدالرحمن الحاتمي في بيان صحفي، إن الاهتمام الكبير الذي أبدته المصارف الرائدة في كلا البلدين لتمويل المشروع يعكس الثقة الراسخة في هذا الاستثمار الاستراتيجي.
إن نجاح «حفيت للقطارات» في تأمين هذا التمويل البنكي لا يعزز فقط قطاع النقل والخدمات اللوجستية، بل يسهم أيضاً في تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز النشاط التجاري بين البلدين، ومن المؤكد أن مشروع شبكة السكك الحديدية العُمانية الإماراتية المشتركة سيعزز من تنافسية البلدين مركزاً تجارياً واستثمارياً حيوياً يربطها بالأسواق العالمية عبر موانئها البحرية ومطاراتها الحديثة.
وأفاد الرئيس التنفيذي لشركة قطارات الاتحاد شادي ملك، في البيان الصحفي، بأن الحصول على مثل هذا التمويل «يعزز قدرة المنطقة على جذب الاستثمارات ويؤكد مكانتها مركزاً تجارياً رئيسياً ومحوراً للوصول إلى الأسواق العالمية»، وأضاف أن ربط ميناء صحار بشبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية سيمثل شرياناً حيوياً للتجارة بين البلدين، فضلاً عن ترسيخ مكانة المنطقة كمركز عالمي للعمليات اللوجستية.
يشار إلى أن شبكة السكك الحديدية المشتركة تمتد على مسافة 238 كيلومتراً وتضمّ 60 جسراً، يصل ارتفاعها إلى 34 متراً، وأنفاقاً تمتد على مسافة 2.5 كيلومتر، وسوف تربط خمسة موانئ رئيسية ومراكز صناعية ومناطق حرة عديدة في البلدين، ومن المتوقع أن تنقل كل رحلة قطار عبر الشبكة أكثر من 15 ألف طن من البضائع، بما يعادل 270 حاوية قياسية.
وتضم القطاعات التي ستستفيد من هذه القدرات الجديدة التعدين والحديد والصلب والزراعة والأغذية وتجارة التجزئة والتجارة الإلكترونية والبتروكيماويات.
وعند تشغيلها، ستعمل شبكة السكك الحديدية على تقليص وقت السفر بين أبوظبي وصحار إلى 100 دقيقة فقط، وتصل السرعة القصوى لقطار البضائع إلى 120 كم/الساعة، بينما تصل السرعة القصوى لقطار الركاب إلى 200 كم/الساعة، ويمكن لقطار واحد استيعاب ما يصل إلى 400 راكب.
وتزداد أهمية هذا التمويل في البعد الاستراتيجي لربط شبكات سكك الحديد العربية خاصة بعد إعلان استثمار الإمارات نحو 2.3 مليار دولار لإنشاء سكة حديد لربط ميناء العقبة بمناطق التعدين في الأردن والذي من المتوقع أن يدخل حيز التشغيل في 2030 وترفع من قدرات الأردن اللوجستية والتصديرية للفوسفات والبوتاس بحجم يبدأ بـ16 مليون طن.