في ظل الحرب المتصاعدة والأحداث الدامية، يواجه لبنان تحديات غير مسبوقة تهدد تراثه الثقافي وسلامة شعبه. وأكد وزير السياحة اللبناني، وليد نصار، في مقابلة مع CNN الاقتصادية، أن عملية إعادة الإعمار ليست صعبة، مشيراً إلى أن العدوان الإسرائيلي لم يعد مقتصراً على الأهداف العسكرية فحسب، بل امتد ليشمل المواقع الأثرية اللبنانية المسجلة ضمن لائحة التراث العالمي لليونسكو، ما يُعد اعتداءً صارخاً على الإرث الحضاري للبلاد.

المواقع الأثرية تحت القصف الإسرائيلي

وشدد نصار على أن تدمير المواقع الأثرية والسياحية يُعد خطوة خطيرة وغير مقبولة، منوهاً بأن ردود الفعل الدولية لم تعد كافية، وقد بادر باللجوء إلى المنظمات الدولية، بما في ذلك المنظمة العالمية للسياحة والمنظمة العربية للسياحة، لمحاولة الضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ موقف حازم تجاه التصعيد الإسرائيلي الذي تجاوز حدود النزاع المسلح، ليشمل تدمير الحضارة والاعتداء على المدنيين والصحفيين وحتى الجيش اللبناني.

وأكد الوزير اللبناني أن هذا الهجوم غير المبرر يخلق جواً من اليأس لدى شعب بلاده ويهدد نسيجه الاجتماعي، إذ يحاول العدو خلق موجة غضب بين الشعب اللبناني تجاه المقاومة.

وأشار نصار إلى أن هذه الأزمة تتزامن مع جهد دبلوماسي غير مسبوق من قبل الحكومة اللبنانية، بقيادة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي يسعى جاهداً للتواصل مع القيادات الأوروبية والعربية لإيجاد حل سلمي، وللضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار.

وأضاف نصار أن هناك جهوداً لإقناع الأمم المتحدة بضرورة التوجه نحو هدنة، وإعادة تفعيل القرارات الدولية، بما فيها القرار 1559، لإعادة ترتيب الوضع الداخلي اللبناني.

إعادة إعمار لبنان

وفي ما يتعلق بمستقبل لبنان الاقتصادي والسياحي بعد الحرب، قال نصار إنه على الرغم من أن الاقتصاد اللبناني صغير مقارنةً بالدول المجاورة، فإن إعادة إعمار البلاد ليست بالأمر المستحيل، وقد مرّ لبنان سابقاً بتجارب مشابهة، إذ أُعيد إعمار البلاد بعد حروب عديدة.

وأضاف أن دعم الأشقاء العرب والمجتمع الدولي سيلعب دوراً حاسماً في مرحلة إعادة الإعمار، والتي يجب أن تكون مبنية هذه المرة على أسس متينة من الإصلاحات.

ورأى نصار أن المجتمع الدولي، بما فيه الدول العربية، سيقف إلى جانب لبنان كما فعل في مناسبات سابقة، لكن الدعم سيعتمد على استعداد لبنان لاستقبال المساعدات بشفافية وعلى أسس إصلاحية واضحة.

وأكد نصار أهمية وجود حكومة جديدة وبرلمان قادر على إقرار القوانين الإصلاحية التي تضمن استعادة ثقة المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن الوضع الحالي يتطلب خطوات جادة لإعادة هيكلة النظام اللبناني وإصلاحه.

واختتم نصار حديثه بالتأكيد على ضرورة أن تكون إعادة الإعمار جزءاً من مشروع شامل لإصلاح لبنان، حيث تكون الدولة اللبنانية بجميع مؤسساتها هي الجهة المسؤولة التي تقود هذا المشروع، بالتعاون مع المجتمع الدولي، لضمان عدم تكرار المآسي التي يعاني منها اللبنانيون حالياً.

خسائر لبنان في قطاع السياحة

وكان وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني أمين سلام قد قال في وقت سابق إن دخل موسم الصيف السياحي خلال عام 2024 كان يُتوقع أن يبلغ بين 5 و7 مليارات دولار كما كانت الحال في عام 2023، لكن هذه الدخول توقفت بسبب الحرب.

ويشهد فصل الصيف عادة زيارة ملايين الأشخاص إلى لبنان، معظمهم من الجاليات اللبنانية الكبيرة الموجودة في الخارج.

من جانبه، قدر رئيس اتحاد نقابات المؤسسات السياحية في لبنان، بيار الأشقر خسائر قطاع السياحة في لبنان بنحو 3.5 مليار دولار، بالإضافة إلى خسارة نحو 50 في المئة من دخل السياحة في لبنان المحقق في عام 2023 والمقدر بنحو 7 مليارات دولار.