اختار منتدى المرأة العالمي في نسخته الثالثة، الذي عُقد يومي 26 و27 نوفمبر 2024 بتنظيم من مؤسسة دبي للمرأة، شعار «قوة التأثير»، ليعكس دوره الفاعل في تعزيز مكانة المرأة عالمياً، وقد شهد هذا العام مشاركة واسعة وتفاعلاً لافتاً، مع التركيز على موضوعات مهمة تمت مناقشتها عبر ثلاثة محاور رئيسية: «اقتصاد ومجتمعات المستقبل»، و«جهود ومسؤوليات مشتركة»، و«تكنولوجيا وابتكارات مؤثرة».
ركز المنتدى على أهمية المشاركة الاقتصادية للمرأة، وسد فجوة التوازن بين الجنسين، بالإضافة إلى إشراك القطاع الخاص، ورواد الأعمال، وشركات تمويل رأس المال المغامر، فقد شكل المنتدى منصة شاملة لتبادل التجارب، وطرَح حلولاً عملية لتمكين المرأة، ودعم مسيرة النمو والتنمية، وأكدت أمينة أردوغان، سيدة تركيا الأولى، في مداخلتها أهمية هذا التوجه، مشيرة إلى أن المرأة تمثل نصف سكان العالم، ورغم ذلك فإن مشاركتها في العديد من المجالات لا تزال محدودة، حيث لا تتعدى نسبة النساء الناشطات في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات الـ30%، بينما تصل مشاركتها في القوى العاملة إلى 36%، وأضافت أردوغان: «تطور التكنولوجيا من دون تمكين المرأة لن يقودنا إلى المستقبل».
وأشارت الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة مؤسسة دبي للمرأة، خلال الجلسة الافتتاحية إلى ضرورة سن القوانين والتشريعات اللازمة لتمكين المرأة من المشاركة الفعالة في مسيرة التنمية، وأكدت أن منح المرأة الفرصة لتكون شريكاً فاعلاً في تحقيق الأهداف التنموية يعكس رؤية دولة الإمارات وتطلعاتها المستقبلية.
أهمية التوقيت
يأتي انعقاد منتدى المرأة العالمي في دبي في وقت يشهد فيه العالم العديد من الأزمات والتحديات، حيث تعد المرأة الأكثر تأثراً بالأزمات العالمية والنزاعات المسلحة والتغيرات المناخية.
في هذا السياق، وصف ديباك شويرا، الطبيب والكاتب العالمي، العالم بحاجة إلى «القوة الإلهية للمرأة» للمساعدة في إنقاذه من حالة الاضطراب الحالية، مؤكداً أن النساء يقدمن أعمالاً تتجاوز ما يقوم به الرجال في العديد من المجالات، خاصة في رعاية الأسرة والأبناء، وتساءل شويرا: «لماذا لا تُحتسب هذه الجهود ضمن الناتج المحلي الإجمالي؟».
ورغم ما تتيحه التكنولوجيا من فرص، فإن العديد من التحديات تظل قائمة، مثل القيود الثقافية، وأعباء الرعاية، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والانحياز من قبل المستثمرين تجاه المؤسسات التي تؤسسها النساء، كما أكدت ناتالي أكون جابالا، المدير العالمي لشؤون المساواة بين الجنسين والشمول الاقتصادي في مؤسسة التمويل الدولية، أن هذه العوائق تحتاج إلى اهتمام بالغ من أجل تحقيق نمو مستدام لمشاركة المرأة في الاقتصاد.
مشاركة المرأة في سوق العمل.. تحديات وفرص
على الرغم من التطورات التي شهدها مجال تمكين المرأة، فلا تزال مشاركة النساء في سوق العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من بين الأدنى في العالم، حيث لا يتجاوز معدل مشاركة النساء في القوى العاملة في المنطقة 19% مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يصل إلى 47%، مع فجوة في التوازن بين الجنسين تقدر بنحو 62.6%، ورغم ذلك فإن تحقيق المساواة بين الجنسين قد يضيف نحو 12 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وقد يعزز الاقتصاد في بعض البلدان بنسبة تصل إلى 35%، وفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي.
التجارب الملهمة
استعرض المنتدى العديد من التجارب الرائدة في دعم تمكين المرأة، من أبرزها تجربة دولة الإمارات التي جاءت وفق ما صرحت به منى غانم المرّي، رئيسة مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمؤسسة دبي للمرأة، حيث حصلت الإمارات على المركز السابع عالمياً والأول إقليمياً في مؤشر المساواة بين الجنسين لعام 2024، وقد حققت الإمارات ذلك من خلال سياسة محورية ورؤية واضحة تهدف إلى تحقيق التوازن بين الجنسين.
أما البحرين، فقد تبنت نموذجاً فريداً يعزز العلاقة التكميلية بين تمكين الشباب وتنمية المرأة عبر استراتيجيتها الوطنية لتمكين الشباب، كما أوضحت روان بنت نجيب توفيقي، وزيرة الشباب في البحرين.
بذلك، يُعتبر منتدى المرأة العالمي في دبي 2024 بمثابة نقطة انطلاق جديدة لتحقيق مزيد من التطور والمساواة في مجالات العمل والتنمية، وهو منصة مميزة لدعم دور المرأة في المجتمع والعمل على إيجاد حلول مبتكرة للتحديات التي تواجهها.