أثار إعلان الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول الأحكام العرفية جدلاً واسعاً داخل البلاد وخارجها، هذا القرار -الذي يُعتبر الأول من نوعه منذ التحول الديمقراطي في عام 1987- قد يحمل تداعيات اقتصادية كبيرة على واحد من أكبر الاقتصادات في آسيا.
وفيما يلي نلقي الضوء على الأبعاد الاقتصادية لهذه الخطوة، مع التركيز على التأثيرات المحتملة على التجارة، الاستثمارات، وسوق العمل.
الأسواق المالية
يسبب إعلان الأحكام العرفية غالباً اضطراباً في الأسواق المالية. وفي كوريا الجنوبية، تراجعت قيمة الوون الكوري نتيجة حالة عدم اليقين السياسي، حيث ارتفع الدولار الأميركي مقابل الوون بنسبة 2.3%، لتسجل عملة كوريا الجنوبية أدنى مستوى لها خلال عامين.
وذلك بجانب انخفاض في مؤشرات الأسهم، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والصناعات الثقيلة التي تعتمد على الاستقرار الداخلي.
كما قد تؤدي هذه الخطوة إلى خروج رأس المال الأجنبي، حيث يفضل المستثمرون تقليل تعرضهم للمخاطر.
وتوجد أمثلة سابقة تدعم هذه الاحتمالات، ففي عام 1979، أدى إعلان الأحكام العرفية إلى تراجع اقتصادي ملحوظ بسبب توقف العديد من الأنشطة التجارية.
وبالمقارنة مع اضطرابات هونغ كونغ الأخيرة، فقد شهدت الشركات خسائر بالمليارات بسبب هجرة رأس المال.
التجارة الدولية
تعتمد كوريا الجنوبية على التجارة الدولية بنسبة كبيرة، إذ تشكل الصادرات نحو 40% من ناتجها المحلي الإجمالي، بجانب ما قد يحدث من التوترات مع الشركاء التجاريين، إذ قد تؤدي الاضطرابات الداخلية إلى صعوبة في الالتزام بالعقود التجارية.
كما توجد مخاوف بشأن سلاسل التوريد، فالشركات العالمية التي تعتمد على المنتجات الكورية (مثل أشباه الموصلات) قد تواجه تأخيرات وإرباكاً.
الاستثمارات الأجنبية المباشرة
تواجه كوريا الجنوبية خطر انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إذ يعد الاستقرار السياسي عاملاً أساسياً لجذب المستثمرين، والأحكام العرفية قد تؤدي إلى تعليق أو سحب الاستثمارات الجديدة.
وبالتأكيد سيكون هناك تأثير سلبي على الشركات الكبرى مثل «سامسونغ» و«هيونداي»، التي قد تواجه تحديات في إدارة أعمالها وسط قيود جديدة.
سوق العمل
يعاني سوق العمل في كوريا الجنوبية مؤخراً من إضراب الأطباء، وإذا كانت عودة الأطباء المضربين قد توفر استقراراً مؤقتاً في القطاع الصحي، إلا أن فرض الأحكام العرفية قد يؤدي إلى اضطرابات أوسع في سوق العمل، خاصة مع التوقف المحتمل لبعض الصناعات.
ويؤدي هذا الوضع إلى زيادة البطالة نتيجة تراجع الإنتاجية وتعليق النشاطات السياسية والنقابية.
العلاقات الاقتصادية الدولية
ستكون هناك ردود فعل دولية، إذا وضعنا في الاعتبار مراقبة الولايات المتحدة للوضع في البلاد، حيث تعتبر كوريا الجنوبية حليفاً اقتصادياً واستراتيجياً مهماً لواشنطن، وأي توتر داخلي قد يؤثر على الاتفاقيات التجارية الثنائية.
ويمكن أن تعاني كوريا الجنوبية من عزلة محتملة، لأن استمرار الأحكام العرفية قد يعرض البلاد لعقوبات دولية أو فقدان الثقة كشريك تجاري.
والأحكام العرفية عموماً تمثل خطوة في غاية الخطورة، قد تكون لها تداعيات طويلة الأمد على الاقتصاد الكوري الجنوبي، ما يجعل الحاجة إلى استقرار سياسي واقتصادي أمراً بالغ الأهمية، وإذا استمرت هذه الحالة لفترة طويلة، فمن المتوقع أن تشهد كوريا الجنوبية انكماشاً اقتصادياً وتراجعاً في مكانتها كمركز تجاري عالمي.