أسهم قطاع التجزئة بنحو 308 مليارات دولار في اقتصاد دول الخليج، أي بنحو 14 في المئة من الناتج المحلي غير النفطي عام 2023، ويدل هذا الحجم على الدور الحيوي الذي يلعبه هذا القطاع في تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل في المنطقة.

ومن المتوقع أن تزدهر صناعة التجزئة في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل نمو سنوي مركب قدره 4.6%، لتصل إلى 396.9 مليار دولار أميركي في عام 2028، وفقاً لتقرير صناعة التجزئة في دول مجلس التعاون الخليجي الصادر عن شركة ألبن كابيتال آر.

وقال بانوس ليناردوس، رئيس منتدى دائرة قادة التجزئة العالمي، لـCNN الاقتصادية إن هناك العديد من التحديات التي تواجه صناعة البيع بالتجزئة العالمية، والصناعة الإقليمية ليست بمنأى عنها، مشيراً إلى أن انعكاسات العوامل الخارجية، كالحروب والصراعات والانتخابات في مناطق مختلفة، أدت إلى اضطرابات في سلاسل الإمداد وأثرت مباشرة على تكاليف شحن البضائع، ناهيك عن معدلات التضخم المتزايدة وأسعار الفائدة التي شهدها العالم خلال الثلاث سنوات الماضية ،التي رغم اتجاهات التخفيف تبقى التحدي الرئيسي لصناعة التجزئة.

وأفاد بأنه إزاء هذه التحديات «تعمل صناعة التجزئة والتجار على بناء نماذج تشغيل مرنة وفعالة من حيث التكلفة».

آفاق الفرص

ترتكز استراتيجيات التجزئة المرنة، برأي ليناردوس، على تنويع مصادر الدخل واستكشاف طرق مبتكرة تتكامل مع مستلزمات التجارة الإلكترونية، التي من المتوقع أن تناهز الـ50 مليار دولار بحلول عام 2025.

ولفت إلى النسب الملفتة لانتشار التجارة الإلكترونية في المنطقة، التي وصلت في الإمارات إلى نحو 20 في المئة، وهو رقم «يتماشى مع المتوسط العالمي للانتشار، وإذا ما استثنيت الصين فهذا المعدل يتجاوز المعدلات في بعض الدول الأوروبية كفرنسا وإسبانيا».

واستشهد بانوس بمجموعة ماجد الفطيم، التي بفضل ابتكاراتها في مجال التجارة الإلكترونية حققت نمواً في المبيعات بنحو 40 في المئة بشكل سنوي منذ فترة جائحة كورونا.

وأشار إلى أن التحولات تنعكس على سلوكيات المستهلك، «فبالرغم من تفضيل نحو نصف المستهلكين لحلول الدفع النقدي»، فإننا نرصد استعداداً لدى المستهلكين لتغيير علاماتهم التجارية بناء على توقعاتهم من حيث تجربة العملاء والاستدامة والراحة.

كما أفاد بأن هناك اتجاهاً خاصاً من قِبل تكتلات البيع بالتجزئة الكبرى في «تبني استراتيجيات الذكاء الاصطناعي كخطط رئيسية، لتحسين تجربة العملاء ورفع الكفاءة التشغيلية وتقليل التكلفة، فضلاً عن استغلال الإمكانات التجارية على نطاق واسع».

وأضاف أن الذكاء الاصطناعي، إلى جانب مناقشة الخطط التي يحتاج أصحاب المصلحة إلى تبنيها بهدف تحقيق أقصى عائد على الاستثمارات الموظفة، سيشكل المادة الدسمة للمنتدى الذي سيعقد في فبراير المقبل في الرياض تحت عنوان «إعادة بناء المستقبل».

لا لـ«عزلة التجارة»

يرى ليناردوس أن البيع بالتجزئة لا ينبغي أن يعمل بمعزل عن الصناعات الأخرى، «لذلك ستكون أحد الأهداف الأساسية للمنتدى زيادة التعاون واستكشاف فرص النمو المشترك عبر قطاعات مثل الضيافة والسفر والسياحة والترفيه والرياضة، التي تعد قوة دفع رئيسية لاقتصاد المنطقة».

وأشار إلى فرص النمو الهائلة للشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل العمود الفقري لاقتصاد المنطقة لتوفير مستويات عالية من الابتكار والخدمة الشخصية والراحة، وقال إن المنتدى سيسلط الضوء على المبتكرين والمؤسسين لهذه الشركات، الذي يتحدون الوضع الراهن لبعض اللاعبين التقليدين في صناعة التجزئة بهدف جذب الإلهام لهذه الصناعة، ومشاركة خبراتهم وتفاعلاتهم المستمرة مع العملاء.

المنافسة المتزايدة

وقال بانوس «هناك صمت كبير تجاه المنافسة المتزايدة من قبل اللاعبين الدوليين في مجال التجارة الإلكترونية ومن تجار التجزئة التقليديين، خصوصاً من الأسواق الكبرى مثل الصين، المشهد التجاري في المنطقة الخليجية يشهد حالياً تحولات كبيرة، ما يخلق تأثيرات عميقة على تجار التجزئة المحليين، ومنصات التجارة الإلكترونية المحلية».

وكشف أن المنتدى القادم سيشهد إطلاق مبادرة تجمع أصحاب المصلحة الرئيسيين في الصناعة من المنطقة، لفهم أفضل لكيفية التنقل في هذا المجال، وسنتطرق إلى التأثير على تجار التجزئة المحليين والإقليميين، وما القيمة المضافة التي تقدمها هذه المنصات العالمية الضخمة، وما الاستراتيجيات التي يجب أن يتبناها تجار التجزئة التقليديون والمنصات المحلية لضمان المرونة والنمو المستدام.

وكان المنتدى قد أعلن مؤخراً عن شراكة استراتيجية تهدف إلى رصد وتحليل التحول الرقمي في قطاع تجارة التجزئة عبر الولايات المتحدة وآسيا وأوروبا ودول مجلس التعاون الخليجي، من خلال المؤشر الرقمي العالمي بالتعاون مع منصة إيماركيتر، المتخصصة في تحليل السوق الرقمية.

سيتم خلال المنتدى الكشف عن تقرير المؤشر الرقمي العالمي؛
تحليل لمكانة دول مجلس التعاون الخليجي لمناقشة دور التحول الرقمي في إعادة تشكيل مستقبل قطاع التجزئة

ويغطي هذا المشروع عدة مناطق، منها رئيسية الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا ودول مجلس التعاون: السعودية والإمارات والبحرين والكويت وعمان وقطر.

كما يسلط هذا التحليل الضوء على اتجاهات المشاركة الرقمية الفريدة في المنطقة، والتأثير المتزايد للتجارة الإلكترونية عبر الحدود، والعوامل الرئيسية التي تشكل سلوك المستهلك، من خلال فحص التفاعل بين هذه العوامل، يوفر المؤشر فهماً دقيقاً لمكانة دول مجلس التعاون الخليجي في الاقتصاد الرقمي العالمي، ما يمهد الطريق لرؤى عملية وفرص استراتيجية.