المشاريع الفريدة والأولى من نوعها في العالم في شتى المجالات تتحول شيئاً فشيئاً إلى حقيقة، وليست خيالاً أو موقعاً على خارطة، هكذا أكد بيتر تيريوم المدير التنفيذي لشركة «ENOWA» السعودية، التي تتولى تنفيذ مشاريع الطاقة والمياه المستدامة لمدينة «نيوم»، مشيراً إلى أن الابتكار وحجم المشاريع وتفردها يفتح الباب لتكنولوجيا المستقبل ويرفع سقف معايير البنى التحتية وطاقة الإنشاءات والتحديات لتنفيذها إلى مستويات غير مسبوقة.
«CNN الاقتصادية» التقت تيريوم للحديث بشكل موسع عمّا تحمله مشاريع «ENOWA» للمستقبل.
متى نرى مشروعات «ENOWA» على الأرض؟
«هناك عدد من المشاريع التي انطلقت ونعمل بالفعل على التحضير لها الآن».
«أولاً مدينتنا الصناعية (أوكساغون)، إذ لدينا بالفعل ميناء بحري عميق، ونعمل على توسيع هذا الميناء وسيصبح محطة حاويات، وحول هذا الميناء سننشئ مدينتنا الصناعية».
«سبب بدئنا بذلك هو أن هناك شركات سترغب بالتأكيد في اتخاذ مقرات لها في (نيوم) بسبب موقعها المناسب للتصدير، الذي يقع بجوار طريق الشحن المؤدي لقناة السويس، هذا الميناء سيكون جيداً للسعودية، إذ لدينا أيضاً شرق إفريقيا على الجانب المقابل، كما أن 40 في المئة من سكان العالم يعيشون على بُعد ست ساعات طيران، لذا فإن الموقع سيمثل أحد أسباب اختيار الشركات لـ(نيوم)،
فضلاً عن إتاحة الطاقة الكهربائية المتجددة ومشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر العملاق بالتعاون مع (أكوا باور)».
«نعمل أيضاً على تشييد ثلاثة مراكز بيانات مع واحدٍ من أكبر مشغلي مراكز البيانات في الولايات المتحدة، ولأن هذه المراكز تحصل على الكهرباء من مصدر متجدد فهي تحصل عليها بشكل تنافسي».
«تعد «نيوم» موقعًا رائعًا لمشغل مراكز البيانات حيث ستوفر «ENOWA» طاقة نظيفة ومتجددة بشكل تنافسي وسهلة الاتصال بكابلات بيانات الإنترنت الرئيسية التي تمر عبر البحر الأحمر لربط جنوب شرق آسيا بأوروبا والولايات المتحدة».
«ثانياً، واحدة من جزر عدة نمتلكها ونعمل على تطويرها، هي جزيرة سندالة، ستكون جاهزة بنهاية العام الجاري أو في مطلع العام المقبل لاستقبال زائرينا،
وستطل الجزيرة على كل جمال (نيوم) وعلى البحر وعلى الشعاب المرجانية وكأن كل شيء حولك».
«لدينا أيضاً مشروع (تروجينا) الذي بدأنا في تشييده، وهو المنتجع الجبلي في (نيوم)، وسيكون منتجعاً مناسباً على مدار العام، إذ ستتمكن من ممارسة الأنشطة الترفيهية خلال الصيف، لكن في فصل الشتاء على وجه الخصوص سيكون المشروع مجهزاً لرياضات الشتاء مثل التزلج في الهواء الطلق في السعودية».
«ستجد فوق الجبال والقمم العالية، التي قد يصل ارتفاعها إلى 2600 متر، الثلوج والأجواء الشتوية الضرورية لممارسة هذه الأنشطة، ولا يقتصر الأمر على التزلج وحسب، بل كل الألعاب الأوليمبية الشتوية، ونقول بفخر إننا فزنا العام الماضي باستضافة الألعاب الآسيوية الشتوية لعام 2029».
ما آخر المشاريع الإنشائية؟
«آخر أعمال التشييد التي تحدث الآن أو التي نقوم بها هي مدينة (ذا لاين)، وتتكون من عنصرين، نطلق على أحدهما (العمود الفقري) وهو الموصل الحركي الذي سيربط (ذا لاين) من الغرب للشرق، وهو تحت الإنشاء وسيكون بطول المدينة، والعنصر الثاني هو الوحدات الأولى التي سيتم إكمالها مع استكمال (ذا لاين)».
«لدينا اليوم في (نيوم) أكبر أعمال الاساسات العميقة في العالم، وبنهاية العام سيكون لدينا من الدعامات الإنشائية ثلاثة أضعاف الموجود الآن، إلا أنها الأكبر على مستوى العالم بالفعل، أول القاطنين في (نيوم) سيعيشون في (أوكساغون)، إذ ستصبح المنازل جاهزة في غضون عام أو اثنين من الآن، ثم ستصبح أولى وحدات (ذا لاين) جاهزة بحلول عام 2027 بينما سيكون أول إيجار صناعي سيكون بحلول 2025».
هل ستصبح «نيوم» مدينة مستدامة كلياً؟
«هذا هو هدفنا وهو موجود في خطتنا التنفيذية، فبحلول 2030 ستصبح كل كهرباء (نيوم) محايدة للكربون بنسبة مئة في المئة وتأتي من مصادر متجددة بنسبة مئة في المئة، عندما أقول بحلول عام 2030 فهذا يعني أن لدينا خطة مكثفة لبناء مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح».
«وفي بعض السنوات، عندما تُشغل مزرعة للطاقة الشمسية أو طاقة الرياح قد نوفر ما يفوق احتياجنا من الكهرباء، وفي سنوات أخرى قد تقل قليلاً عنه، لذا لدينا الوقت حتى 2030 ليكتمل بناء النظام ويصبح متجدداً بنسبة مئة في المئة».
«والجانب المهم في ذلك هو تغطية الوقت من اليوم الذي لا توجد فيه رياح أو شمس، لا يحدث هذا كثيراً لكنه يحدث أحياناً، وهذا يعني أننا سنستثمر في بطاريات تخزين بأشكال مختلفة، وهذه التقنيات ليست ناضجة بعد، مثل توربينات الهواء أو الطاقة الشمسية الكهروضوئية، لذا نخطط لإضافتها على نطاق واسع في النصف الثاني من هذا العقد».
«ونعمل على تحقيق الاكتفاء بالنظر إلى أنشطة أخرى بالتوازي، فالتنقل هو قطاع آخر له تأثير كبير على الكربون، ولذلك نحن نعمل على عدة قطاعات واحداً تلو الآخر ومصممون على الوفاء بوعدنا بأن نكون محايدين للكربون بحلول عام 2030».
«أيضاً لا نصمم (نيوم) كمدينة تعتمد على السيارات، سيكون هناك بعض السيارات خلال مرحلة الإنشاء، لكن حين تتحول (نيوم) لمدينة مأهولة ستكون تحركاتنا داخلها باستخدام الكهرباء والطاقة متجددة، إذ ستعتمد كل وسائل النقل إما على الكهرباء أو على الهيدروجين الأخضر».
هل هناك خطط لمشروعات كبرى أخرى؟
«في ما يتعلق بالمياه، نحن على وشك الخروج بمناقصة لإنشاء أول محطة لتحلية المياه، ولن تكون مجرد محطة لتحلية المياه بل ستكون الأولى من نوعها، كل محطات التحلية تنتج محلولاً ملحياً مركزاً ونحن سنستفيد حتى من هذه المخلفات بدلاً من إعادتها إلى البحر».
«عادة تستخرج معظم محطات تحلية المياه نحو 40 إلى 45 في المئة من المياه من البحر، لكننا نسعى لاستخراج أكثر من 70 في المئة من المياه من البحر، أي ضعف النسبة تقريباً، لذلك أقول إنها ليست مجرد محطة تحلية مياه، ولا حتى محطة بأداء أفضل، هي توجه مختلف يتم باستخدام تقنية مختلفة، لذا يمكنني القول إنها الأولى من نوعها».
هل تتوقعون تصدير الطاقة إلى البلدان المحيطة؟
«حسناً، من المحتمل أن يكون العمل الأول والمبيعات الأولى للطاقة التي نخطط لها من مصانع الهيدروجين النظيفة، المصنع وحجم المعمل، هو محلل كهربائي بقوة 2000 ميغاواط، وينتج نحو 1.2 مليون طن من الأمونيا سنوياً، كل هذا سيكون للتصدير لا لاستخدام (نيوم) المحلي، فحجمه كما قلت سابقاً هو الأكبر على مستوى العالم وينتج أكثر بكثير مما تحتاجه (نيوم)».
«تلك كانت الخطة من الأساس، فالموقع هنا تنافسي بالنظر إلى النفقات وبالنظر إلى الموقع، لذا سيتم شحن كل تلك الأمونيا الخضراء وبيعها في الأسواق بأفضل الأسعار، من المفترض أن تكون الوجهة هي أوروبا لأنها قريبة جداً، وأيضاً جنوب شرق آسيا، ومن المحتمل أيضاً أن نصدر للولايات المتحدة، هذا أول مثال على تصدير الطاقة، وهي بالأساس طاقة متجددة».
«وبما أن الأردن جارتنا ومصر في الجهة الأخرى من خليج العقبة، سيكون هناك المزيد من الربط وتبادل الكهرباء، بدأت السعودية حالياً في بناء خط ربط كبير يربط قلب المملكة بمصر».
(ساهمت بالترجمة مارينا ميشيل)