فرضت إسرائيل الحصار الكامل على غزة في أعقاب عملية طوفان الأقصى المباغتة التي نفّذتها حركة حماس قبل أيام، ومع نفاد آخر كميات المياه والوقود من القطاع بدأت الأصوات والتحذيرات الدولية تعلو مشككة في مدى شرعية اللجوء لمثل هذا القرار ضد المدنيين.

يسكن القطاع، الذي تبلغ مساحته 365 كيلومتراً مربعاً والمطل على البحر المتوسط، نحو 2.3 مليون شخص بينهم نحو مليون طفل، ويعتبر من أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان في العالم.

واجتاح مسلحون من «حماس» التي تسيطر على غزة أجزاء من جنوب إسرائيل انطلاقاً من القطاع لتبدأ عملية عسكرية إسرائيلية قد تكون الأكبر في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

خريطة قطاع غزة تحت الحصار الكامل

وأعلنت الإذاعة الرسمية الإسرائيلية في آخر حصيلة لها يوم الخميس أن عدد القتلى في إسرائيل وصل إلى أكثر من 1300 في حين أصيب أكثر من 2700.ويعاني سكان غزة بالفعل من الحصار الجزئي المفروض منذ عام 2007 بعد أن سيطرت إسرائيل على المجال الجوي والمياه الإقليمية واثنين من المعابر الثلاثة البرية للقطاع في حين تسيطر مصر على معبر رفح المفضي إليها.ووصفت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الوضع في حينه بأن إسرائيل حوّلت القطاع إلى «سجن مفتوح»، وبحلول عام 2023، ذكر تقرير للأمم المتحدة أن 58 في المئة من سكان القطاع يحتاجون لمساعدات إنسانية في حين وصلت البطالة إلى 46 في المئة ويعيش 29 في المئة في أوضاع وُصفت بالكارثية.

وعلى الرغم من الحصار طوال 16 عاماً الماضية كانت إسرائيل تسمح بدخول بعض البضائع وتمد القطاع بالكهرباء والمياه والخدمات الرئيسية بالتعاون مع المنظمات الدولية.

لكن اليوم لا مياه ولا كهرباء ولا طعام ولا وقود، وفق ما قال وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت.

ويوم الخميس، أكّد مسؤولون بارزون بينهم وزير الطاقة إسرائيل كاتز أن إسرائيل لن تخفف الحصار إلا إذا أطلق المسلحون الفلسطينيون الأسرى لديهم والمقدر عددهم بنحو 97.

وكان رئيس سلطة الطاقة في السلطة الفلسطينية، ظافر ملحم، أبلغ إذاعة صوت فلسطين يوم الأربعاء بأن ما تبقى من وقود في شركة كهرباء غزة، وهي المحطة الوحيدة التي توفر الكهرباء، يكفي لما بين عشر ساعات و12 ساعة على الأكثر بعد قطع إسرائيل إمدادات الكهرباء من طرفها.

ظروف إنسانية بائسة

قال المدير الإقليمي للصليب الأحمر الدولي، فابريزيو كاربوني، للصحافيين يوم الخميس إن المحادثات جارية مع جميع الأطراف، ومن ضمنهم مصر لفتح معبر إنساني عند نقطة رفح الحدودية.

وقال كاربوني «لدينا مؤن داخل غزة لكن المشكلة أننا غير قادرين على التنقل»، مضيفاً «نعم، نحن نستعد للأسوأ، لكن الأسوأ في (هذه) المنطقة لا حدود له ولهذا الوضع صعب».

وهو ما أيّده أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أيمن سلامة، في حديث لـ«CNN الاقتصادية» بقوله إن الحصار هذه المرة مختلف تماماً عن كل ما شهدته محطات النزاع سابقاً.

ووصل عدد القتلى الفلسطينيين إلى 1417، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، بينهم مئات الأطفال والنساء وجرح أكثر من ستة آلاف في حين سُجلت حركة نزوح لأكثر من 218 ألف شخص إلى مدارس الأونروا حفاظاً على حياتهم من القصف المدفعي والجوي والصاروخي العنيف.

وقال سلامة إن القانون الدولي وجميع الأعراف التي تحكم النزاعات المسلّحة تحظّر اللجوء إلى حصار يمنع دخول الطعام والماء والمواد الأساسية للحياة للمدنيين، متسائلاً «كيف ستعمل المستشفيات والمخابز وسيارات الإسعاف وفرق الإخلاء وغيرها من المنشآت» في هذه الظروف.

كما حذّر المدير الإقليمي للصليب الأحمر من أن «المستشفيات ستتحول إلى مشارح» في غياب الطاقة الكهربائية.

بدوره، اتهم مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي، جوزيبي بوريل، الحكومة الإسرائيلية بانتهاك القانون الدولي بفرضها الحصار الكامل على غزة.

وتقول وزارة الخارجية المصرية إن معبر رفح مفتوح ولم يُغلق في أي وقت منذ بدء الأزمة الراهنة لكن تعرض مرافقه على الجانب الفلسطيني للتدمير نتيجة للقصف الإسرائيلي يحول دون انتظام العمل.