تتركز أنظار الأسواق على اجتماع منظمة أوبك بلس الأسبوع المقبل، ما يثير التساؤل حول مستقبل أسعار النفط في حال قررت المجموعة تخفيضات إضافية في الإنتاج في ظل التوترات الجيوسياسية الراهنة.

وفي هذا السياق، قالت مصادر في أوبك بلس إن القيود الحالية على الإنتاج قد لا تكون كافية، ورجحوا أن تقرر المنظمة تخفيضات أكبر في اجتماعها المقبل الذي أجلته حتى الثلاثين من نوفمبر تشرين الثاني، بحسب ما نقلته وكالة رويترز.

ومع ذلك، يرى بعض الخبراء، ومن بينهم عاصم منصور، كبير استراتيجي الأسواق لدى شركة أوربكس، احتمالية ضعيفة لقيام أوبك بلس بتخفيضات كبيرة في الإنتاج في الفترة الراهنة، وأشار منصور إلى أن ضعف معدلات الطلب على النفط سيكون المحرك الرئيسي للأسواق.

وقال منصور في تصريحات لشبكة «CNN الاقتصادية»، «منظمة أوبك قدرتها محدودة للغاية في خفض معدل الإنتاج، بسبب مخاوف خسارة حصتها في الأسواق لصالح النفط الصخري الأميركي، ما يقلل احتمالية مشاهدة انخفاضات كبيرة في الإنتاج أو استمرارها لفترة طويلة».

ولم يستبعد منصور بالكامل إمكانية خفض الإنتاج من قبل منظمة أوبك، لكنه توقع تأثيراً محدوداً لهذا القرار على الأسواق؛ بسبب وجود وفرة في المعروض النفطي.

وأيدت توريل بوسوني، رئيسة قسم أسواق النفط في وكالة الطاقة الدولية، هذا التحليل في تصريحاتها لوكالة رويترز، متوقعة أن تسجل سوق النفط العالمية فائضاً طفيفاً في عام 2024، حتى في حالة إقرار أوبك بلس تخفيضات إضافية في الإنتاج.

وكان تحالف أوبك بلس قد أقر في يونيو حزيران تمديد خفض إنتاج النفط ليصل إلى 40.46 مليون برميل يومياً حتى نهاية 2024، ولم يقر أية تعديلات إضافية منذ ذلك الحين.

إضافة إلى ذلك، تعهدت السعودية بخفض طوعي في الإنتاج في يوليو تموز بواقع مليون برميل يومياً، ثم مددته حتى نهاية ديسمبر كانون الأول 2023، وقررت روسيا خفض صادرات النفط بواقع 300 ألف برميل يومياً، ثم تمديده أيضاً حتى نهاية العام الجاري.

كيف تتأثر أسعار النفط بسيناريوهات خفض الإنتاج؟

أشار عاصم منصور في تصريحاته لشبكة «CNN الاقتصادية» إلى ثلاثة سيناريوهات محتملة، الأول هو خفض إضافي لإنتاج النفط من أوبك، الذي سيكون له تأثير محدود على الأسعار لتظل بين 70 و85 دولاراً للبرميل.

أما السيناريو الثاني، فهو عدم إقرار خفض في الإنتاج، وفي هذه الحالة ستكون زيادة الأسعار محدودة للغاية بحيث لا تتجاوز مستوى 80 دولاراً للبرميل.

ورأى منصور أن السيناريو الوحيد الذي قد يقفز بأسعار النفط نحو حاجز 100 دولار للبرميل، هو اتساع رقعة الحرب في غزة ودخول أطراف أخرى في الصراع، وبخاصة إيران.

انخفاض أسعار النفط رغم حرب غزة

مع اندلاع حرب غزة، بدأت المخاوف من نقص المعروض في الأسواق على غرار أزمة الإمدادات التي شهدتها السوق العالمية وقت تصاعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وكانت أسوأ السيناريوهات المحتملة في حالة اتساع نطاق أحداث غزة هو ضعف المعروض بواقع ستة ملايين برميل، ما يرفع أسعار النفط نحو 150 دولاراً للبرميل، بحسب توقعات البنك الدولي.

وتعليقاً على ذلك، قال منصور، «طالما اختلفت مع هذه التوقعات؛ لأن انخفاضات أسعار النفط الحالية ترجع إلى أزمة في الطلب، وليس المعروض فقط».

وأضاف «مخاوف الأسواق من إمكانية حدوث ضعف في الطلب؛ بسبب سياسات البنوك المركزية ووصول معدلات الفائدة إلى أعلى مستوياتها في أكثر من 22 عاماً، قد يؤدي إلى ضعف النمو الاقتصادي في عام 2024؛ وبالتالي تراجع معدل الطلب على النفط الخام».

على الجانب الآخر، رفعت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعام 2023 بشكل طفيف من 2.3 مليون برميل يومياً إلى 2.4 مليون برميل يومياً، ما يزيد إجمالي الطلب خلال العام إلى 102 مليون برميل يومياً.