كانت ابتكارات الطاقة الشمسية في غزة على مدار العقد الأخير أحد المصادر المحدودة بالنسبة للأهالي المحاصرين للحصول على الطاقة، لكن هذه الآمال تلاشت مع بدء الحرب في غزة.
وتعرض عددٌ من مشاريع الطاقة الشمسية بالمدينة للقصف من قِبل الجيش الإسرائيلي بعد هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الجيش الإسرائيلي في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
ونظراً لأن غزة تعتمد بشكل كبير على إسرائيل لتوصيل الكهرباء ووقود الديزل بشكل خاص لتوليد الكهرباء، وتعاني انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع نتيجة للحصار، كانت مشاريع الطاقة الشمسية أحد الآمال القليلة لحصول القطاع على الطاقة.
أزمة الوقود في غزة والطاقة الشمسية
في السنوات الأخيرة، سعى الفلسطينيون والجهات الفاعلة الدولية إلى تعزيز مرونة قطاع الكهرباء في غزة، من خلال تركيب الكثير من ألواح الطاقة الشمسية للبنية التحتية الحيوية، والشركات، والاستخدام المنزلي.
وقدر تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الصادر في 21 نوفمبر تشرين الثاني، أن قطاع غزة كان يمتلك قبل السابع من أكتوبر تشرين الأول، أعلى كثافة لأنظمة الطاقة الشمسية على الأسطح في العالم.
وذكر التقرير «نظراً لأن غزة لديها 320 يوماً مشمساً في السنة، والعديد من المباني ذات أسطح مسطحة، فهي تتمتع بظروف مثالية لألواح الطاقة الشمسية على الأسطح».
وعلى مستوى الأسرة، سارع سكان غزة الذين يستطيعون شراء الألواح الشمسية إلى شرائها، إذ ارتفع عدد محطات الطاقة الشمسية في غزة بشكل كبير من 12 محطة في عام 2012 إلى 8760 محطة في عام 2019، وفقاً لدراسة أجريت عام 2021.
وقدر تحليل مهندس تحدث لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن ما لا يقل عن ثلث سكان غزة وأكثر من 50 في المئة من شركاتها استخدموا الألواح الشمسية في مارس آذار 2023.
وقبيل اندلاع حرب غزة، ابتكر محمد لولو، المهندس الفلسطيني، وحدة مياه متنقلة لتنقية مياه البحر والآبار وتحليتها لتصبح صالحة للشرب، وهي تعتمد بالكامل في عملها على الطاقة الشمسية دون الحاجة إلى أي مصادر طاقة أخرى، ما يجعلها مثالية في ظل الحصار المُطبق على مدينة غزة.
ولكن الصراع الراهن حال دون استمرار هذه الابتكارات، خاصة بعدما قال المركز الفلسطيني للإعلام «إن الجيش الإسرائيلي يستهدف تدمير ألواح الطاقة الشمسية للمخابز والمستشفيات»، في حين قال الجيش الإسرائيلي إن الألواح الشمسية تخدم أغراضاً عسكرية محتملة.
انقطاع الكهرباء في غزة وقصف الألواح الشمسية
تعرضت ألواح الطاقة الشمسية في غزة إلى قصف مستمر من قبل الجيش الإسرائيلي، وبخاصة تلك التي تعمل مخابز شركة العائلات باستخدامها، أشهر المخابز في المدينة المُحاصرة، ما تسبب في إخراجها عن العمل.
ثم توسع قصف ألواح الطاقة الشمسية ليصل إلى مستشفيات مثل الشفاء والمعمداني، ما أدى إلى تعطيل أجزاء كبيرة منها، والوضع يزداد سوءاً مع قصف أجزاء جديدة من تلك المستشفيات.
ورغم أن بعض أنظمة الطاقة الشمسية ظلت سليمة، فإنها لم تتمكن من العمل بسبب نقص الوقود، إذ إنه غالباً ما تتطلب أنظمة الطاقة الشمسية على أسطح المؤسسات سحب كمية صغيرة من الكهرباء من الشبكة لتعمل، وقد انهارت الشبكة الآن.
وبحسب الدراسة، يمكن للأنظمة الصغيرة خارج الشبكة أن توفر طاقة محدودة، لكنها غالباً ما تكون غير كافية للتبريد، ويمكنها فقط شحن الهواتف المحمولة أو تشغيل الأضواء.
ابتكارات أهالي غزة للحصول على الطاقة
بينما يحاول مئات الآلاف من النازحين والسكان في قطاع غزة الحصول على الغذاء اللازم للمعيشة وسط انقطاع الكهرباء وتلاشي مخزون البلاد من الوقود، ظهرت بعض الابتكارات والجهود التي لجأ إليها الأهالي.
ولشحن الهواتف، حوّل بعض الأهالي بطاريات السيارات لتصبح مصدراً للشحن مع استمرار انقطاع الكهرباء، بالإضافة لمحاولات استخدام الحطب وبقايا الخشب لتسخين الطعام.
كما انتشر مقطع فيديو لابتكار الأهالي فرناً باستخدام صفائح الزيت والسمن، بهدف الحصول على الخبز وبعض التدفئة مع اقتراب فصل الشتاء، فضلاً عن استخدام الطوب وبقايا الحديد والكحول لصنع موقد يمكن استخدامه في أعمال التسخين.
في غضون ذلك، حذرت الأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، من أن أهالي غزة يواجهون في الوقت الحالي خطر الإبادة الجماعية، مع استمرار الصراع بين إسرائيل وغزة.
وبالفعل، أعلن الطرفان عن هدنة لوقف إطلاق النار على نحو مؤقت لمدة أربعة أيام تبدأ يوم الخميس 23 نوفمبر تشرين الثاني، ثم تأجيلها ليوم الجمعة، ولكن حتى كتابة هذه السطور لم تبدأ الهدنة بعد.