يسعى مؤتمر كوب 28 لحل معادلة صعبة للغاية بين محاولة تلبية طلب العالم من الطاقة، وتحقيق أهداف المناخ، وتظهر دعوات حظر استثمارات الفحم لتسلط الضوء على هذه المعضلة.

وتقول وكالة الطاقة الدولية: «في حين تستبدل معظم دول العالم الفحم تدريجياً لتوليد الطاقة، فإنه سيستمر في لعب دور حاسم في إنتاج الحديد والصلب إلى أن تتوفر تقنيات أحدث، وبخاصة في الدول النامية».

ويكشف الاستخدام المرتفع المستمر للفحم التحدي المتمثل في مواءمة إجراءات العالم مع طموحاته المناخية، إذ إن أكثر من 95 في المئة من الاستهلاك العالمي الحالي للفحم يحدث في البلدان التي تعهدت بتحقيق صافي انبعاثات صفرية، بحسب بيانات وكالة الطاقة.

دعوات حظر استثمارات الفحم في كوب 28

كشف تقرير خاص لوكالة رويترز، أن فرنسا، بدعم من الولايات المتحدة، تخطط للدعوة لوقف التمويل الخاص لمحطات الطاقة المعتمدة على الفحم خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ كوب 28 في وقت لاحق هذا الشهر.

وقالت إيمان عادل: خبيرة الطاقات المستدامة في المركز الإقليمي للطاقة المتجدّدة وكفاءة الطاقة لشبكة «CNN الاقتصادية»، «هذا الاقتراح في حال تحققه يعكس اعترافاً متزايداً بالحاجة الملحة للابتعاد عن الفحم للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة».

وأضافت «محطات الفحم هي مساهم رئيسي في انبعاثات الكربون، ووقف تمويل مشاريع المحطات الجديدة، سيساعد على توجيه الاستثمارات نحو مشاريع الطاقة المتجددة».

وقال مسؤولان هنديان لوكالة رويترز: إن وزيرة الدولة الفرنسية للتنمية كريسولا زاكاروبولو أبلغت الحكومة الهندية بالخطة التي يطلق عليها «سياسة استبعاد الفحم الجديدة» للمؤسسات المالية الخاصة وشركات التأمين.

يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا، من بين دول أخرى، إلى وضع خطة لتسريع التخلص التدريجي من الفحم، الذي وصفوه بأنه «التهديد الأول» لأهداف المناخ، في حين تنتقد هذا النهج دول مثل الصين والهند.

ولا يزال الفحم يوفر ما يزيد قليلاً على ثلث توليد الكهرباء على مستوى العالم، على الرغم من أنه أكبر مصدر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، بحسب وكالة الطاقة الدولية.

لذلك، قد تعتزم بعض البلاد مقاومة الضغط لتحديد موعد نهائي للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري أو التخفيض التدريجي في مؤتمر كوب 29، بحسب مصادر، إذ سيكون الفحم مصدر الطاقة الرئيسي لها لبضعة عقود أخرى، وبدلاً من ذلك قد تختار التركيز على خفض الانبعاثات.

ماذا لو طالت هذه الدعوات استثمارات النفط الخام عالمياً؟

حذر كبير استراتيجيي الأسواق لدى شركة أوربكس، عاصم منصور، في تصريحاته لشبكة «CNN الاقتصادية»، من أن دعوات دول العالم للانتقال إلى الطاقة المتجددة من خلال مشاريع ضخمة دون التركيز على المرحلة الانتقالية، قد يضر بأسواق الطاقة والاقتصاد العالمي.

وقال عاصم منصور: «يحتاج العالم إلى الانتقال إلى الطاقة النظيفة مع الحفاظ على وتيرة معتدلة من الاستثمارات في قطاع النفط، حتى اكتمال البنية التحتية التي تسمح بالتحول الكامل للطاقة المتجددة».

وأوضح الخبير الاستراتيجي أن سحب استثمارات النفط على نحو مفاجئ قد يكون السبب الرئيسي في مشاهدة مستويات مرتفعة من أسعار النفط، وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم العالمية، وما يضر بأسواق الطاقة والاقتصاد العالمي.

هل ستؤثر هذه الخطوات على احتياجات العالم من الطاقة؟

مع استمرار نمو الطلب على الطاقة، تشعر العديد من البلدان أنه ليس لديها خيار سوى الاستمرار في توليد الطاقة باستخدام الوقود الأحفوري وبخاصة الفحم والنفط، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.

وقالت إيمان عادل: خبيرة الطاقات المستدامة، «بالطبع سنواجه صعوبات في تلبية حاجة العالم من الطاقة، وأيضاً أثناء المرحلة الانتقالية وبناء البنية التحتية»، لكنها ترى إمكانية تحقيق هذا التحول في نهاية المطاف خاصة أن التحول إلى الطاقة المتجددة له أشكال عديدة.

وذكرت إيمان لشبكة «CNN الاقتصادية»، أن الطاقة المتجددة تضم العديد من الأوجه، على رأسها التحول إلى الهيدروجين الأخضر الذي يؤدي دوراً حيوياً في التحول الطاقي في الشرق الأوسط، وتلبية احتياجات الطاقة العالمية.

وترى وكالة الطاقة أن الحكومات وصناعة الفحم تحتاج إلى تطوير ونشر تكنولوجيات أقل تلويثاً وأكثر كفاءة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه.

وكشف التقرير الأخير لوكالة الطاقة الدولية أن هناك حاجة إلى نحو ستة تريليونات دولار لتقليل انبعاثات الفحم من الصناعة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ حتى عام 2050 من خلال طرح تقنيات وبنية تحتية ذات انبعاثات قريبة من الصفر.

ومن المقرر أن تجتمع دول العالم لمناقشة كيفية الحد من الانبعاثات العالمية وتحقيق أهداف المناخ في مؤتمر كوب 28 المنتظر انعقاده في مدينة إكسبو دبي بالإمارات في الفترة من الثلاثين من نوفمبر تشرين الثاني وحتى الثاني عشر من ديسمبر كانون الأول.