عاد الشتاء من جديد إلى القارة الأوروبية حاملاً معه ذكريات أزمة الغاز الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، في الوقت الذي تواجه فيه أوروبا تحديات جديدة بسبب حرب غزة، وفي هذا السياق أشارت كادري سيمسون، المفوضة الأوروبية لشؤون الطاقة، في مقابلة خاصة مع «CNN الاقتصادية»، إلى الخطط والإجراءات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي لمواجهة هذه التحديات ومستقبل الاتفاقية التي تستورد أوروبا بموجبها الغاز الإسرائيلي من مصر.

أوضحت سيمسون أن الاتحاد الأوروبي نجح في استبدال كميات الغاز التي فقدها نتيجة الأزمة بشكل أساسي بالغاز الطبيعي المسال، ما أسهم في توفير الطاقة وتلبية احتياجات الاتحاد في فصل الشتاء الماضي، وأكدت سيمسون أهمية الغاز الطبيعي المسال واحداً من المصادر الرئيسية للطاقة في هذه الأزمة، وشددت على أن الاتحاد لديه بنية تحتية قوية في جميع أنحاء أوروبا تمكنه من استقبال الغاز الطبيعي المسال، وأشارت أيضاً إلى أن الدول التي لا تملك خطوطاً ساحلية أو محطات خاصة بها للغاز الطبيعي المسال يمكنها الاعتماد على جيرانها في حالة الحاجة، إذ وضع الاتحاد تدابير تضامنية تمكن الدول الأعضاء من الاستجابة لأي انقطاع محتمل في الإمدادات خلال فصل الشتاء الحالي.

الطاقة المتجددة بديل للغاز

كما دفعت الحرب الروسية الأوكرانية الدول الأوروبية إلى اللجوء إلى مصادر الطاقة المتجددة كبديل للغاز الطبيعي العام الماضي، حين استبدلت الغاز بالكهرباء المستمدة من مصادر مثل الرياح والطاقة الشمسية، وقالت سيمسون إن هذا الإجراء كان ناجحاً وفعالاً، لأنه مكّن الاتحاد الأوروبي لأول مرة في تاريخه من توليد كميات أكبر من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة مقارنة بالغاز الطبيعي.

وأضافت المفوضة الأوروبية أن الاتحاد اتخذ أيضاً إجراءات أخرى مثل خفض استهلاك الغاز بنسبة تصل إلى 18%، مؤكدة أن التكتل سيواصل هذه السياسة خلال فصل الشتاء الجاري، وعللت سيمسون هذا الإجراء بالمخاطر الجيوسياسية الجديدة التي تواجهها الأسواق العالمية، بما في ذلك تصاعد التوترات الناجمة عن الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل.

وأشارت سيمسون إلى أنه على الرغم من هذه التوترات والنزاعات الجيوسياسية الجديدة، لم تتأثر أسعار الغاز بشكل كبير حتى الآن، مضيفة أن الغاز يُتداول حالياً في سوق التجزئة بالاتحاد الأوروبي بأسعار أقل من تلك التي كانت مسجلة منذ بداية الحرب الروسية- الأوكرانية في فبراير شباط 2022.

وعن الطاقة المتجددة، أكدت سيمسون أن زيادة استخدام الوقود الأحفوري بسبب أزمة الغاز العام الماضي لم تُعق خطط الاتحاد الأوروبي للتحول إلى صافي صفر انبعاثات كربونية، ورغم وجود بعض محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في أوروبا، فإن الدول الأعضاء في الاتحاد لم تغير تواريخها المستهدفة للوصول إلى الحياد الكربوني.

وأضافت سيمسون أن العام الماضي شهد تحقيق أرقام قياسية في تثبيت القدرة الشمسية الجديدة، وأن هذا العام يعد أفضل من السابق، حيث تم تثبيت أكثر من 55 غيغاواط من الطاقة الشمسية الجديدة، بالإضافة إلى زيادة في الاستثمار في مجال طاقة الرياح.

وأكدت سيمسون أن من المهم بشكل كبير أن تدرك الحكومات في جميع أنحاء العالم أن صناعة الوقود الأحفوري لا يمكنها الاستمرار بوتيرتها الحالية، وأن تغيير تلك الوتيرة جهد عالمي مشترك، وأشارت إلى دور الاتحاد الأوروبي في هذا السياق وجاهزيته لدعم الدول النامية في تلبية الزيادة المتوقعة في الطلب على الطاقة، مع التأكيد على أن هناك مئات الملايين من الأشخاص الذين لا يزالون يفتقرون إلى مصادر الطاقة المتجددة.

مصير اتفاقات الغاز مع مصر وإسرائيل

وأكدت كادري أيضاً أن مذكرة التفاهم بين الاتحاد الأوروبي ومصر التي تهدف إلى زيادة صادرات الغاز الطبيعي إلى أوروبا ما زالت قائمة، وعلى الرغم من الاهتمام بمستقبل تبادل الهيدروجين الأخضر مع مصر، فإن التركيز الحالي يتعلق بمساعدة مصر في تلبية الزيادة المتوقعة في الطلب على الطاقة باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، وقالت «أعلنت مؤسساتنا المالية بالفعل عن نيتها تمويل محطات رياح رئيسية في مصر، ما سيمكنها من تلبية جزء من احتياجاتها من الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة، وهذا سيسمح لها بزيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال».

وكانت مصر قد وقعت في يونيو حزيران 2022 مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي وإسرائيل لزيادة صادرات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي، بهدف إمداد أوروبا بالغاز الإسرائيلي عبر محطات الإسالة المصرية.