في خطوة جريئة تهدف إلى إعادة تشكيل مشهد الغاز الطبيعي المسال، أعلنت قطر، وهي واحدة من أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال في العالم، عن خطط توسع طموحة، تزيد من طاقتها الإنتاجية بنسبة 85 في المئة.

وأعلن وزير الدولة لشؤون الطاقة الرئيس التنفيذي لشركة «قطر للطاقة» سعد الكعبي، في مؤتمر صحفي هذا الأسبوع، أن هذا التوسع سيرفع سعة الإنتاج من 77 مليون طن متري سنوياً إلى 142 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030.

وتعزز هذه الخطوة مكانة قطر المهيمنة في قطاع الغاز الطبيعي المسال، ما يزيد من الضغط على المنافسين، بما في ذلك الولايات المتحدة، التي كانت المصدر الرئيسي للغاز الطبيعي المسال العام الماضي.

مشهد الطاقة العالمي

بدءاً من عام 2025، سيشهد العالم طفرة غير مسبوقة في مشاريع الغاز الطبيعي المسال الجديدة، بحسب تصريحات لوكالة الطاقة الدولية، ونتيجة لذلك سيتم توفير أكثر من 250 مليار متر مكعب سنوياً من الطاقة الجديدة بحلول عام 2030، وهذا ما يقرب من نصف إجمالي إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمية اليوم.

يؤكد مشروع التوسع تصميم قطر على الاستفادة من الطلب العالمي المتزايد على الغاز الطبيعي المسال، الذي من المتوقع أن يصل إلى ذروته بحلول عام 2030 وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، خاصة من الأسواق المتعطشة للطاقة مثل الصين وأوروبا.

ويشير المحللون إلى أن حملة التوسع القوية في قطر تشكل تحدياً مباشراً للولايات المتحدة، التي برزت كلاعب هائل في مجال الغاز الطبيعي المسال في السنوات الأخيرة، بفضل ثورة الغاز الصخري.

ومن المحتمل أن تؤدي خطوة قطر إلى خنق آفاق نمو مشاريع الغاز الطبيعي المسال الأميركية التي تمتلك نحو 30 بالمئة من حصة السوق بفضل موقعها الجيوغرافي، كما استحوذت على حصة كبرى من السوق الأوروبية بعد الحرب الروسية الأوكرانية.

وأشار الخبير في الشؤون الاقتصادية والأستاذ المساعد في كلية الاقتصاد في جامعة قطر جلال قناص، إلى أن «إنتاج الغاز في قطر أقل تكلفة من الدول الأخرى، خاصة الولايات المتحدة وأستراليا، وهما المنافسان الرئيسيان لقطر، وهو ما يعطي مساحة أكبر في السوق لقطر».

وتصل تكلفة وحدة إنتاج الغاز الطبيعي المسال في قطر إلى 0.3 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مقابل 3 إلى 5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية على مستوى العالم، وفقاً لوكالة الأنباء «رويترز».

علاوة على ذلك، تأتي هذه الخطوة الاستراتيجية لقطر في وقت يسير الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال في مسار تصاعدي، مدفوعاً بالاستهلاك القوي في الصين وأوروبا ومناطق أخرى.

وفي عام 2023 أرسلت قطر أكثر من 70 في المئة من صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى آسيا، و25 في المئة إلى أوروبا في عام 2022، وفقاً لبيانات تتبع الناقلات من شركة «Kpler».

في حين أن الغاز الطبيعي لا يزال وقوداً أحفورياً، فإنه يلعب دوراً حاسماً في سياق تحول الطاقة، ومقارنة بالفحم والنفط، يوفر الغاز الطبيعي بديلاً أنظف للاحتراق، وينبعث منه عدد أقل بكثير من الغازات الدفيئة وملوثات الهواء.

وفي ظل التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة، يعتبر الغاز الطبيعي المسال بمثابة وقود الجسر الأساسي، كما أكد قناص، ويدعم الغاز الطبيعي المسال احتياجات أمن الطاقة في الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، حيث يوفر مصدراً موثوقاً للطاقة الأساسية يمكن أن يتكامل بسرعة مع مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ومع ذلك، يرتبط مستقبل الغاز الطبيعي المسال بوتيرة تحول الطاقة العالمية، وأضاف قناص أنه «من المرجح أن يظل الطلب على الوقود النظيف، مثل الغاز الطبيعي المسال، قوياً لبعض الوقت بينما تسعى الدول جاهدة لتحقيق أهداف صافية صفرية».