ظهرت سوق النفط كساحة جديدة للتجاذبات بين أميركا والصين بعد حرب الرقائق والصراع التجاري، وذلك مع سعي واشنطن لمنع بكين من شراء النفط من احتياطي البترول الاستراتيجي الأميركي.

وتتوجه الأنظار إلى سير العملية الانتخابية في واشنطن في نوفمبر تشرين الثاني 2024 بين المرشحين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطي جو بايدن، وما إذا كانت حلبة الصراع الجديدة تلك ستدفع الصين لتوطيد العلاقات مع الشرق الأوسط.

وكانت واشنطن تبيع النفط من احتياطيها الاستراتيجي إلى شركات صينية، ما أثار جدلاً واسعاً حول مدى فائدة هذه المبيعات وتأثيرها على الأمن القومي الأميركي​​.

ولذلك يسعى الكونغرس الأميركي لمنع الصين من شراء النفط من احتياطي البترول الاستراتيجي الأميركي، رغم اعتبار الواردات النفطية الصينية من أميركا «رمزية» بحسب إلهام لي، الكاتب المختص بالصين في مقابلة مع «CNN الاقتصادية».

صادرات النفط الأميركي الخام إلى الصين

قيود أميركية تقود إلى تقارب صيني- عربي

ويرى محللون أن القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على وصول الصين إلى نفطها ستظل سارية بغض النظر عمن سيصل إلى البيت الأبيض، لكن المشهد يبدو مختلفاً من منظور بكين.

إذ يقول باتريك تسانغ، رئيس مجلس إدارة مجموعة «تسانغ»، إنه بغض النظر عمّن سيربح السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض، فإن الصين على الأرجح ستسعى لمزيد من التقارب مع الخليج.

وتابع تسانغ قائلاً إن الواردات والتجارة النفطية بين الصين والخليج ستزيد بشكل حتمي وخاصة مع السعودية والإمارات والكويت.

واتفق لي مع هذا التوقع قائلاً إن من المحتمل أن تتجه الصين إلى شراء كميات أكبر من النفط من دول الخليج ومن دول إفريقية مثل أنغولا في حال استمرت الولايات المتحدة في فرض «قيود» على وارداتها النفطية.

الصين وسلاسل الإمداد العالمية

ويأتي أمن سلاسل الإمداد، وعلى رأسها أمن الطاقة، على قائمة أولويات الدول لا سيما مع ما يشهده العالم من اضطرابات جيوسياسية واقتصادية.

ويقول رائد الترك الرئيس التنفيذي لـ«التجمع الدولي للاستشارات» إن الصراع الدائر بين الصين وأميركا في الأساس هو صراع اقتصادي يبدأ بالممرات اللوجستية ويصل لسياسات الإنماء والتبادلات النقدية، مشدداً على أن الحرب لم تعد سياسية في أروقة الأمم المتحدة كما كانت الحال خلال الحرب الباردة، إنما تعدت الإطار السياسي لتصبح حرباً اقتصادية بين مجموعة البريكس ومجموعة السبع للسيطرة على الاحتياطات والموارد وتسعيرها والممرات اللوجستية لهذه الموارد.

وأكد الترك أن الخاسر الأكبر من تداعيات هذه المعادلة هو المستهلك الغربي الذي سيعاني من ارتفاع أسعار السلع جراء رفع تكاليف الشحن وانعكاسات الانقطاع في سلاسل التوريد، ورأى أن الشرق الأوسط سيستفيد بزيادة صادراته النفطية إلى الصين كونه خزان النفط العالمي وأن بكين ستستفيد بالمقابل من خلال توطيد روابط تجارتها مع دول الشرق الأوسط.

وتجتهد الصين في السيطرة على سلاسل الإمداد من خلال الاستثمار في البنى التحتية الحيوية، بحسب الترك «فالصين استثمرت في ترميم وتطوير العديد من المرافئ الحيوية مثل الكويت وحيفا واليونان، وهي بوابات الوصول إلى أوروبا» وعملت على تعزيز مخزونها باستيراد كميات قياسية من النفط الخام من روسيا ومن دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط، وتباشر أيضاً بناء أكبر مشروع تجاري لاحتياطي النفط تحت الأرض في مقاطعة جيجيانغ.

ملف شائك

بعد عام شهد معركة بين البلدين حول أشباه الموصلات والتنافس العسكري، يطل النفط برأسه في عام الانتخابات كملف شائك، ليس لكونه مورداً استراتيجياً فحسب، بل كعنصر يعكس أوجه التنافس الأوسع بين البلدين على الساحة العالمية سيتعين على من سيربح سباق الانتخابات في نهاية العام أن يتعامل معه بحذر.