تعاني مصر أزمة انقطاع الكهرباء بلغت ذروتها خلال الشهر الماضي، ما دفع الحكومة إلى الإسراع بتوفير الأموال اللازمة لشراء شحنات من الوقود لتوفير احتياجات محطات الكهرباء.

وتعمل مصر في السنوات الأخيرة على إسراع الخطى نحو إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة، إذ يقول خبراء تحدثوا إلى «CNN الاقتصادية» إن زيادة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة سيسهم في التغلب على أزمة الكهرباء في مصر.

ويعتمد مزيج الطاقة لمصر في الأساس على توليد الطاقة الكهربائية من مصادر مختلفة أهمها الغاز والبترول، والذي يمثّل نحو 90 في المئة في المصادر المولّدة للكهرباء.

وخلال الفترة الماضية توسعت مصر في الاتفاقيات ومذكرة التفاهم لجذب استثمارات ومشروعات في الطاقة المتجددة و الهيدروجين الأخضر.

مصر تتوسع في إنتاج الطاقة المتجددة

تخطط مصر لبدء عدد من مشروعات الطاقة المتجددة خلال العام الحالي، لتوليد طاقة بقدرة تصل إلى 700 ميغاوات، بحسب ما يقوله محمد الخياط، الرئيس التنفيذي لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، لـ«CNN الاقتصادية».

ويضيف أن مصر تنفذ مشروعات في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة خلال العام الحالي باستثمارات تصل إلى نحو ملياري دولار بإجمالي قدرة إنتاجية تصل إلى 1.9 غيغاوات.

ووفقاً لاستراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030 التي وُضعت خلال عام 2018، من المخطط أن يتكون مزيج الطاقة المصري بحلول 2030 من 27 في المئة من النفط والغاز، وخمسة في المئة طاقة كهرومائية، و16 في المئة من الطاقة الشمسية، و14 في المئة من الرياح، و29 في المئة من الفحم، وتسعة في المئة من الطاقة النووية.

وتستهدف الحكومة المصرية أن يتكون مزيج الطاقة المصري بحلول عام 2035 من 55 في المئة محطات حرارية، واثنين في المئة طاقة كهرومائية، و26 في المئة من الطاقة الشمسية، و14 في المئة من الرياح، وثلاثة في المئة من الطاقة النووية، وفقاً لموقع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة.

وتشير بيانات وزارة الكهرباء المصرية، إلى أن مصر أنفقت خلال الفترة من 2014 إلى 2023 نحو 116 مليار جنيه (نحو 3.7 مليار دولار)، لتدعيم وتطوير الشبكة الكهربائية الموحدة، وذلك بهدف تحسين البنية التحتية وزيادة القدرة التوليدية لمواكبة الطلب المتزايد على الكهرباء في البلاد.

ولدى مصر أكثر من مشروع لإنتاج الطاقة المتجددة منها محطة الطاقة الشمسية في (بنبان) بأسوان، التي تولّد 1465 ميغاوات بتقنية الخلايا الكهروضوئية، والمحطة الشمسية الحرارية بالكريمات بقدرة إجمالية تبلغ 140 ميغاوات، ومحطة طاقة الرياح في جبل الزيت بالبحر الأحمر، التي تصل قدرتها الإجمالية إلى 580 ميغاوات، ومحطة طاقة الرياح في خليج السويس، إلى جانب محطة الضبعة للطاقة النووية في مطروح، بقدرة متوقعة 4800 ميغاوات.

هل تنقذ الطاقة المتجددة مصر من أزمة الكهرباء؟

منذ بداية فصل الصيف بدأت مصر فترة تخفيف الأحمال أي قطع التيار الكهربائي لعدة ساعات بلغت في بعض الأيام 4 ساعات بسبب زيادة معدلات الاستهلاك وعدم توافر الوقود اللازم لتوليد الكهرباء.

وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي خرج نهاية الشهر الماضي معلناً توفير الاعتمادات المالية اللازمة لشراء الوقود ووقف انقطاع الكهرباء مع الأسبوع الثالث من يوليو تموز الحالي حتى نهاية الصيف، فإن تخفيف الأحمال سيعود مرة ثانية حتى نهاية العام الجاري، حسب ما قال مدبولي.

ويمكن لمصر الاستفادة من الإقبال على الاستثمار في الطاقة المتجددة لتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري ومن ثم إنتاج كهرباء عبر طرق بديلة.

ويقول محمد صلاح السبكي، الرئيس التنفيذي الأسبق لهيئة تنمية استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، لـCNN الاقتصادية، إن الطاقة المتجددة تستطيع المساهمة في التغلب على أزمة الطاقة التي تتعرض لها مصر حالياً، إذ من الممكن أن تسهم الطاقة الشمسية في توفير الكهرباء خلال فترات النهار على أن يكون استخدام الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء خلال فترات الذروة والمساء.

ويضيف السبكي، أن كل 1 كيلو وات ساعة منتجة من الطاقة المتجددة يوفر نحو 200 غرام من الوقود الأحفوري، ما يسهم في التغلب على أزمة الكهرباء خلال السنوات القادمة.

وعلى المدى المتوسط، من الممكن استخدام الألواح الشمسية فوق أسطح المنازل والمصانع في توفير جزء من احتياجاتهم من الكهرباء، ما يقلل الضغط على محطات إنتاج الكهرباء، وفقاً للسبكي.

وتستهدف الحكومة المصرية أن تصل نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لتوليد الكهرباء بنحو 42 في المئة بحلول عام 2030، ما يسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري تدريجياً، بحسب السبكي.

ولا يعني توسع مصر في إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة التخلي عن الوقود الأحفوري، إذ سيظل يسهم في إنتاج الطاقة.

وتعمل الحكومة حالياً على إعادة النظر في حصة الطاقة المتجددة، ولذلك من المفترض أن تصل تلك النسبة إلى نحو 60 في المئة من مزيج الطاقة، وفقاً للسبكي.

ويضيف أن الحكومة يتوجب عليها زيادة الحوافز الاستثمارية وخفض الضرائب على المشروعات الخاصة بالطاقة المتجددة ما يسهم في الإسراع في تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة وزيادة إنتاجها.