تتصدر أسعار الفائدة عناوين الصحف منذ الأشهر الأولى لعام 2022، ولم يعد هذا الأمر مقتصراً على كبار المستثمرين والمصرفيين وحدهم، بل صار هاجساً لدى الكثير من الأفراد جرّاء ارتفاع تكاليف قروضهم.
فمنذ العام الماضي حتى اليوم، وفي ظل ارتفاع التضخم العالمي لمستويات قياسية، ناهزت 8.7 في المئة في الولايات المتحدة، وتجاوزت 10 في المئة في أوروبا وبريطانيا، تتبع البنوك المركزية العالمية سياسة رفع أسعار الفائدة لكبح التضخم.
ولكن، كيف يمكن أن تؤثّر أسعار الفائدة على الاقتصاد وحياة الناس؟ وما علاقة التضخم والركود بسعر الفائدة؟
ببساطة، يتم تحجيم التضخم المرتفع برفع أسعار الفائدة، وكذلك يتم خفضها مع انخفاض نسب التضخم.
لكن المخاوف تظهر في حال استمر ارتفاع التضخم لنحو ستة أشهر متتالية أو أكثر، وهو ما حدث فعلاً، لكنه لم يؤدِ إلى ركود اقتصادي عالمي حتى الآن.
الكل يتبع خطى الفيدرالي الأميركي
حجر الدومينو الأول، بدأ من الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة الذي رفع الفائدة 11 مرة متتالية لتبلغ أعلى مستوياتها في 22 عاماً، لتصل إلى نطاق 5.25 في المئة و5.5 في المئة.
وبطبيعة الحال، تضطر غالبية البنوك المركزية في العالم لاقتفاء خطى الاحتياطي الفيدرالي في هذا الشأن، خصوصاً تلك التي ترتبط عملاتها بالدولار بشكلٍ مباشر، كدول الخليج على سبيل المثال.
ما الأثر المباشر على القطاعات المنتجة عموماً؟
ارتفاع الفائدة يعني ارتفاع تكلفة القروض المصرفية على مستوى الأفراد والشركات، وبالتالي خفض الإنفاق والطلب على السلع، أي انخفاض أرباح الشركات وتأجيل خطط التوسع.. وهنا تظهر مخاوف الركود.
أمّا القطاعات الأكثر تأثراً، فهي غالباً الإنشاء والعقارات، وكذلك الشركات المدرجة في البورصة التي يتخارج منها المستثمرون الطامعون بجني أموال سهلة عبر شراء السندات.
يقول الخبير الاقتصادي العالمي محمد العريان، في كتابه «ذي أونلي غيم إن تاون» أو اللعبة المتاحة (The Only Game in Town) الصادر عام 2016: «معظم الناس لا يعطون الوقت الكافي، إن فعلوا ذلك أصلاً، للتفكير في كيفية تأثير البنوك المركزية عليهم.. ليس فقط في حياتهم اليومية، ولكن أيضاً في التأثير على الفرص التي سيحظى بها أطفالهم في المستقبل».
نستعرض في هذه الحلقة من برنامج «كبسولات» كيف أثّرت أسعار الفائدة المرتفعة على الاقتصادات العالمية وكذلك على الأفراد.