ليست كل الجرائم عنيفة، أو تشوبها مشاهد دامية وآلات عسكرية وجنود ودول عظمى.
هذا بالتحديد ما يشير إليه مفهوم «جرائم ذوي الياقات البيضاء» أي الجرائم التي تتميز بالخداع وغسل الأموال، وهدفها الأساسي جني الأموال الطائلة من أسواق المال غالباً، والاحتيال على الشركات والمستثمرين الأفراد وحتى كبار البنوك حول العالم.
هي أيضاً لو شئنا طرح أمثلة عنها، تذهب بنا في الأساس نحو مصطلح مخطط بونزي.
تاريخ مصطلح بونزي
كانت السيدة سارة هاو، أول من فعلتها تاريخياً، بعد أن قامت عام 1870 بإنشاء بنك مُخصص للسيدات وكانت تعطي نسبة ثمانية في المئة فائدة شهرية على الأموال المودعة.
لكن، كارلو، أو كارل، أو تشارلز بونزي، أحد أكبر المحتالين الماليين في التاريخ الأميركي، هو من ارتبط اسمه بلقب بونزي بعد مخططات الاحتيال التي قام بها في العالم كافة.
تخيلوا.. لم يكن في جيبه حين وصل أميركا سوى دولارين ونصف الدولار، لكن بعدها بأربع سنوات أصبح مساعد صراف في بنك زاروسي (Banco Zarossi) الإيطالي، وبسرعة كبيرة صار مديراً للبنك.
سُجن بونزي عدة مرات بسبب الاحتيال، لكن أشهر ما فعله هو عثوره على ثغرة كبيرة في النظام البريدي الأميركي، التي مكّنته من التلاعب على عدد كبير من الناس، بعد أن جنى أول 15 مليون دولار من أصل أربعة دولارات كانت في يده حسبما قال.
كان بونزي قد وعد ضحاياه بعوائد تصل إلى 50 في المئة، بينما كانت البنوك تمنح خمسة في المئة فقط سنوياً، لكن في أغسطس عام 1922، كُشف أمره، وبلغ رصيده آنذاك ما يقارب سبعة ملايين دولار.
بيرني مادوف
الأكثر شهرة بعد تشارلز بونزي، هو بيرني مادوف، إليكم قصته..
مادوف، الذي ينحدر من عائلة يهودية هُجّرت من بولندا ثم رومانيا ثم النمسا، تلاعب بالجميع، حتى بهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، كما تسبب مخططه في انتحار عدد كبير من الأشخاص الذين فقدوا كل ما يملكون.
قُدّر حجم اختلاساته بنحو 64.8 مليار دولار، ما جعله صاحب أكبر مخطط بونزي في التاريخ.
أخيراً تجدر الإشارة إلى أن مخطط بونزي أطلقه البنك الدولي مؤخراً على الانهيار الاقتصادي الذي ضرب لبنان، وقال حرفياً إن أركان النظام اللبناني هم المسؤولون عن الأزمة المالية الطاحنة التي أنهكت الاقتصاد منذ أواخر 2019، مضيفاً أن ما يجري اليوم هو مخطط «بونزي»، وحكّام البلاد هم من أوصلوها إلى حالة من الإفلاس المتعمد.