التداول الوهمي أو ما يُعرف بمصطلح «ووش ترايدينغ»، هو نوع من التلاعب في السوق هدفه إعطاء انطباع بوجود نشاط حقيقي في سوق معينة، حيث يقوم المتداولون بعقد صفقات بيع وشراء وهمية، هدفها الأساسي التلاعب بسعر أصل معين إن كان بالخفض أو بالرفع لإيهام المتداولين أن هناك حجماً ضخماً من السيولة يدخل أو يخرج من السوق، ما يعزّز إمكانية التلاعب بمشاعر المتداولين ودفعهم إما إلى الشراء أو إلى البيع الواسع.
وفي ما يخص العملات المشفرة، فإن التداول الوهمي بات أمراً يشكّل مصدرَ قلقٍ في السوق، إذ إنه لا يؤثّر فقط في سعر أو اتجاه السوق، بل أيضاً يعتبر فعلاً خارجاً عن القانون، وخطورته تكمن في عدم وجود تشريعات حتى اليوم لضبط مثل هذه التحركات.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
عام 2024.. عام التداول الوهمي
وفقاً للمحللين في شركة الأبحاث المتخصصة بتحليل سوق العملات المشفرة «تشيناليسيس»، بلغت تجارة التداول الوهمي على بلوك تشين الإيثريوم وبينانس وكوين بيس، مجتمعة، نحو 2.57 مليار دولار عام 2024.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
إضافة إلى ذلك، كشف تقرير الشركة أن ما يقرب من 5 في المئة من جميع الرموز المشفرة التي تم إطلاقها عبر شبكات مختلفة عام 2024 كانت لها أنماط مماثلة لمخططات الضخ والإغراق، التي تشكّل حجر الأساس للتداول الوهمي.
وأشارت تشايناليسيس إلى أنه في 2024 تحديداً، تم إطلاق أكثر من 3 ملايين رمز مع إدراج ما يقرب من 1.3 مليون منها أو ما نسبته 40 في المئة منها، في البورصات اللامركزية التي تعرف باسم «Decentralized exchange».
والأخطر من ذلك، خصوصاً على المتداولين المبتدئين الذين يحددون سلوكياتهم في السوق حسب الموجة السائدة على وسائل التواصل الاجتماعي، أن معظم هذه الرموز «تم التخلي عنها بعد فترة وجيزة من إنشائها»، أي بمعنى آخر، اتجهت نحو الصفر، إن كان بسبب قلة الاهتمام بها أو ربما لأنها بالنهاية غير ذي جدوى فعلية.
كما لاحظ المحللون أن بعض هذه الرموز ربما كانت جزءاً من مخططات قصيرة الأجل مثل الضخ والإغراق أو عمليات السحب العشوائية.
بين «ديب سيك» و«بارون ترامب».. عمليات احتيال
بُعَيد التنصيب الرسمي للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وإطلاقه عملة ترامب ميم تحمل اسمه، تلاها في اليوم التالي عملة أخرى باسم زوجته «ميلانيا»، كثُرت الشائعات حيال توجه أبناء الرئيس أيضاً بطرح عملات ميم تحمل أسماءهم، في توجهٍ اعتبره الكثيرون ينضوي تحت مظلة ترامب المناصر للعملات المشفرة.
لكن ما حدث على أرض الواقع كان مخالفاً تماماً للحقيقة، إذ إنه بعد إطلاق ميلانيا ترامب عملتها الميم، لم يصدر أيٌ من أبنائهما أي عملة رسمية، بل إن ما حدث، هو قيام أحد المحتالين بإنشاء عملة تحمل اسم ابن دونالد ترامب الصغير «بارون» بأسلوب شبيه جداً بعملة أبيه، وطرحها على منصة «فانتوم» التابعة لبلوك تشين سولانا.. ليس هذا فقط، بل إن المصيبة الكبرى حصلت عندما نشرت منصة «كوين تيليغراف» واسعة الانتشار خبراً عن أحد الحسابات على منصة إكس –وروجت في الخبر لهذه العملة غير الصحيحة– إذ إن ابن الرئيس ترامب ليس له بالأصل حساب على منصة إكس، تهافت الملايين لشراء عملة الميم التي حملت اسم بارون ترامب، ما أدّى إلى تكبد المستثمرين خسائر تجاوزت 70 مليون دولار في أقل من ساعتين.
وبداية هذا الأسبوع، حصل أمر مشابه أيضاً، فمع إطلاق برنامج الذكاء الاصطناعي «ديب سيك» الذي أحدث ثورة هائلة وهبط بأسهم التكنولوجيا الأميركية وعلى رأسها مؤشر ناسداك، أفادت بيانات نشرها موقع «كوين ماركت كاب» بأن محتالي الإنترنت خلقوا ما يقرب من 77 عملة مشفرة على بلوك تشين «إيثريوم وسولانا» مستخدمين اسم التطبيق ديب سيك، وخلقوا مواقع وحسابات وهمية، لإيهام الناس بأن الشركة المصدرة للتطبيق الصيني، هي نفسها التي طرحت عملة مشفرة باسمها.
لكن في الواقع، كل هذه العملات، أي الـ77، هي عملات احتيالية ولا تمت للشركة بأي صلة، والنتيجة، خسارة ملايين الدولارات بالطرق الاحتيالية نفسها.
الخلاصة، على أي متداول أن يقوم بعملية بحث دقيقة قبل الاستثمار في أي عملة مهما كان تأثيرها أو انتشارها على منصات التواصل الاجتماعي قوياً، والتأكد في الدرجة الأولى من القيمة السوقية لها، ومن مصدرها على البلوك تشين، وكذلك وبالدرجة الأولى من مصدره الرئيسي، أي من الشركة نفسها عبر موقعها الرسمي أو عبر حساباتها الموثقة على منصات التواصل، قبل صرف أي دولار لشرائها.