من كان متفائلاً بتحصيل الأرباح من مكاسب الأسواق الأميركية نتيجة وعود دونالد ترامب قبيل انتخابه، ربما نسيَ سياسات الرئيس الأميركي الخارجية خلال ولايته الأولى، والتي شهدنا نسخة أقسى منها في الأشهر القليلة الماضية. فخلال تحليل لبيانات أسواق المال قامت به «CNN الاقتصادية» اتضح أن الأسواق الأميركية -وعلى الرغم من المكاسب المؤقتة التي حصّلتها نتيجة المعنويات الإيجابية لوصول ترامب مجدداً- عادت لتجلس اليوم على معدلات أدنى من تلك التي كانت عليها يوم انتخاب دونالد ترامب رئيساً لأميركا بولاية ثانية، وعلى العكس، تمتعت أسواق المال الأوروبية بمكاسب قوية جداً، وأيضاً مؤشر «هانغ سينغ» الصيني الذي قفز بأكثر من 20 في المئة منذ يوم الانتخابات حتى تاريخ 19 مارس آذار الحالي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
المعدن الأصفر بدوره كان بين أكثر الأصول تحصيلاً للمكاسب خلال هذه الفترة الممتدة بين السادس من نوفمبر 2024 و19 مارس 2025، بمكاسب لأسعار
الذهب تجاوزت 13 في المئة، أما خيبة الأمل الكبرى فكانت بالحصة الأكبر من نصيب مجتمع العملات المشفرة، الذي كما يقال جاءت «خيباته بقدر آماله بجعل أميركا عاصمة الكريبتو».
الأسواق الأميركية.. معدلات دون مستوياتها يوم الانتخابات
رغم وصوله لأعلى مستوياته تاريخياً فوق 20 ألف نقطة بتاريخ 19 فبراير الماضي، عاد مؤشر
ناسداك الأميركي ليقارب مستوياته التي سجلها في 16 سبتمبر أيلول، وهو ما يوازي خسارة نحو 2500 نقطة عن أعلى مستوياته، أو ما نسبته 8.5 في المئة عن مستويات يوم الانتخابات تحديداً.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
مؤشر ستاندرد آند بورز 500، كان بدوره قد لامس أعلى مستوياته في التاريخ فوق 6000 نقطة بتاريخ 9 ديسمبر الماضي، مستفيداً من المعنويات الإيجابية لوصول ترامب إلى السلطة مجدداً، لكن سياسات ترامب الخارجية وخصوصاً التعريفات الجمركية والمخاوف التي فرضتها على التضخم وإعادة النظر بتيسير السياسة النقدية بأميركا، عادت به اليوم إلى مستويات 5600 نقطة، وهي الأدنى منذ السادس من سبتمبر الماضي، هذا يساوي خسارة نحو 5.6 في المئة من مستوياته يوم انتخاب ترامب في 6 نوفمبر الماضي.
رغم وعود ترامب بتعزيز مكانة الدولار عالمياً يلازم مؤشر الدولار اليوم أدنى مستوياته منذ الخامس من نوفمبر، أي قبل الانتخابات بيومين، مسجلاً 103 نقاط، وذلك بعد بلوغه في يناير الماضي أعلى مستوياته في أكثر من سنتين.
رغم وعود ترامب.. أوروبا تكسب
ضعف الدولار لم يكن وحده مكسباً لليورو، فمئات مليارات الدولارات التي قرر الاتحاد الأوروبي ضخها في ميزانياته الدفاعية، عززت مكاسب اليورو، وهو ما انعكس على مؤشر ستوكس 600 الذي يقيس الأداء الشامل لأسهم أوروبا أو ما يوازي 90 في المئة من سوق الأسهم الرئيسية في القارة العجوز، الذي يسجل اليوم أعلى مستوياته على الإطلاق فوق 550 نقطة، بمكاسب تتجاوز 9 في المئة منذ يوم انتخاب ترامب.
بورصة هونغ كونغ مكاسب قياسية
مكاسب قياسية تفوق 20.6 في المئة سجلها مؤشر بورصة هونغ كونغ الرئيسي «هانغ سينغ» الصيني، الذي يجلس اليوم عند أعلى مستوياته في 3 سنوات، فعلى الرغم من
التعريفات الجمركية القياسية التي فرضها ترامب على الصين والتي ناهزت 20 في المئة، وأيضاً انخفضت بمؤشر «هانغ سينغ» إلى مستويات دون 23 ألف نقطة، استطاع المؤشر استعادة خسائره كلها في أقل من شهر.
بدورها، لا تزال أكبر بورصة في الصين عند بعض المكاسب ولو كانت طفيفة، فقياساً بمستوياتها يوم انتخاب ترامب، ربح مؤشر بورصة شنغهاي «اس اس إي المركب» 1.2 في المئة، أو أكثر بقليل من 1000 نقطة.
من جهته، مؤشر سوق الأسهم الرئيسي في اليابان «نيكاي 225» يعتبر من المؤشرات التي تأثرت بدورها بتقلبات سياسات ترامب، إذ يسجل اليوم أدنى مستوياته منذ 19 سبتمبر الماضي، وأقل بنحو 5000 نقطة عن أعلى مستوياته على الإطلاق التي سجلها في يوليو 2024، أما قياساً بيوم انتخاب الرئيس الأميركي لولاية ثانية، فقد انخفض المؤشر بنسبة 2.4 في المئة عن يوم افتتاحه في السادس من نوفمبر الماضي.
الخيبة الأكبر لمجتمع العملات المشفرة
جميعنا نذكر كلمات دونالد ترامب في مؤتمر
بيتكوين العام الماضي، حين أدلى بوعود ضخمة كان مفادها بأنه يريد جعل أميركا عاصمة للعملات المشفرة. بعد ذلك، كان الوعد الأكبر بإنشاء احتياطي للعملات المشفرة يتضمن عملات بيتكوين وإيثريوم وكاردانو وإكس آر بي وسولانا.
هذه الوعود الكبرى التي انتهت باعتماد احتياطي للبيتكوين وحدها، على ألا يتم تخصيص أي أموال من دافعي الضرائب لشراء المزيد منها لضمها لعملات البيتكوين التي تم الحجز عليها في السنوات السابقة، شكل ضربة كبرى لسوق العملات المشفرة، ولو كانت بعض المكاسب الخجولة قد حصلت في بعض الأحيان.
بالمجمل، إذا نظرنا إلى سعر بيتكوين يوم انتخاب الرئيس دونالد ترامب، نرى سعرها كان يتحرك بين 68 و69 ألف دولار، وصحيح أنها اليوم تتداول عند نطاق بين 83 و84 ألف دولار، وهو ما يمثل ارتفاعاً بنحو 20 في المئة، إلا أن آمال مجتمع العملات المشفرة كانت ببقائها فوق مستويات 100 ألف دولار التي شهدناها فيها لمرات عدة بين يناير وفبراير الماضي.
الأكثر من ذلك، أن السوق المعروفة بتقلباتها الضخمة، زادت عليها سياسات ترامب الخارجية والتعريفات الجمركية تقلبات من جهة، ومن جهة أخرى، كان إطلاق الرئيس وزوجته لعملتي ميم، إحدى العوامل التي خيبت آمال الكثيرين أيضاً، وكبدت آلاف الأشخاص خسائر ضخمة بالمليارات.
خلاصة الأمر، تناهز القيمة السوقية للعملات المشفرة اليوم مستوى 2.7 تريليون دولار، بمكاسب تناهز 400 مليار دولار مقارنة مع يوم الانتخابات في 6 نوفمبر الماضي، لكن ما كان منتظراً هو إنهاء جميع الدعاوى القضائية وعلى رأسها قضية ريبل على سبيل المثال، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى اليوم، إضافة إلى ذلك، تكوين إطار تنظيمي صديق للعملات المشفرة في الولايات المتحدة، والذي أيضاً لم يحصل على الرغم من الاجتماع الذي ضم قادة الصناعة في البيت الأبيض الأسبوع الماضي.
فهل تثمر وعود ترامب أفعالاً في المستقبل القريب ولو كان الكثيرون يرون أنها تأخرت بعض الشيء؟ علينا ترقب الاجتماعات المقبلة التي وعدت بها اللجنة الخاصة بالأصول الرقمية التابعة لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في الأيام المقبلة، وعليها قد تتضح الصورة.