رغم أن الاجتماع الأخير بين وزير المالية الياباني كاتسونوبو كاتو ونظيره الأميركي سكوت بيسنت لم يخرج بتصريحات نارية أو مطالب مباشرة بشأن سعر صرف الين، فإن ما لم يُقل ربما يكون أهم مما قِيل. فبينما أكد الطرفان عدم التطرق إلى أهداف سعر الصرف أو اتهام اليابان بالتلاعب المتعمد بالعملة، فإن طبيعة اللقاء وتوقيته يفتحان الباب واسعاً أمام فرضية بقاء ملف العملة اليابانية والسياسة النقدية لبنك اليابان ضمن أوراق الضغط في جولات التفاوض التجاري المقبلة بين طوكيو وواشنطن.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
عُقد الاجتماع الذي دام 50 دقيقة، على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، وجاء في أعقاب فترة توتر نسبي في العلاقات التجارية الثنائية، مدفوعة بقلق الإدارة الأميركية من العجز التجاري مع اليابان، وشكوكها القديمة بشأن «ضعف الين المتعمد» لصالح الصادرات اليابانية.
لم يكشف كاتو تفاصيل كثيرة، مكتفياً بالقول إنه «لا يمكنه التعليق لأنها تدخل في صلب النقاشات الفعلية».
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
زاد الغموض بسبب غياب بيان رسمي من وزارة الخزانة الأميركية عن الاجتماع، لكن إشارات ضمنية ظهرت، منها تأكيد كاتو على استمرار «الحوار البنّاء بشأن أسعار الصرف في إطار المفاوضات التجارية الجارية»، ما اعتبره مراقبون تلميحاً إلى نوايا أميركية بإعادة فتح ملف الين ضمن مفاوضات التجارة.
ومن المرتقب أن يتوجه كبير المفاوضين التجاريين الياباني ريوسِي أكازاوا إلى واشنطن الأسبوع المقبل لجولة ثانية من المحادثات، وسط توقعات بأن تكون أكثر تعقيداً.
لا تزال تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب السابقة حول تلاعب اليابان والصين بعملاتهما ترخي بظلالها على المزاج التفاوضي، إذ يرى البعض أن واشنطن ستضغط لتقوية الين، ما يمنح المنتجات الأميركية ميزة تنافسية في السوق اليابانية.
اقتصادياً، الحديث عن «تطورات الأجور والأسعار» الذي أورده كاتو يلمّح إلى دخول السياسة النقدية لبنك اليابان إلى طاولة الحوار.
فارتفاع الأجور والتضخم من العوامل الأساسية التي دفعت البنك المركزي الياباني إلى إنهاء سياسة التحفيز الضخمة العام الماضي ورفع سعر الفائدة القصير إلى 0.5 في المئة في يناير كانون الثاني.
لكن رغم تسجيل التضخم معدلات تفوق 2 في المئة للسنة الثالثة على التوالي، واستمرار الشركات الكبرى في تقديم زيادات أجور قياسية، فإن الطريق أمام مزيد من رفع الفائدة لا يزال محفوفاً بالمخاطر، إذ تثير سياسات ترامب الحمائية، خاصة الرسوم الجمركية، قلقاً من تراجع الانتعاش الهش للاقتصاد الياباني.
كرر محافظ بنك اليابان كازوؤو أويدا، الخميس، استعداد البنك لرفع الفائدة مجدداً، محذراً في الوقت نفسه من تصاعد عدم اليقين الاقتصادي.
يرى كاتسوهيرو أوشيما، كبير الاقتصاديين في «ميتسوبيشي يو إف جي مورغان ستانلي»، أن إشارات كاتو إلى الأجور تعني أن السياسة النقدية باتت ضمن حسابات أميركا التفاوضية، خصوصاً أن رفع الأجور يصب في مصلحة الجميع... اقتصادياً لليابان، وسعرياً لأميركا، ومعيشياً للأسر اليابانية، ومالياً لبنك اليابان الذي يصبح حينها أكثر قدرة على رفع الفائدة دون تقويض النمو.
(رويترز)