تلعب المساعدات الأميركية دوراً محورياً في مكافحة الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر حول العالم، إذ تسهم في تمويل الجهود الدولية الرامية لإنقاذ الضحايا وتعزيز الأمن والاستقرار، لكنّ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخير بتعليق المساعدات قد يفاقم الأزمة.
في صيف عام 2023 اُختطف الأوغندي، جليل موييك، من بانكوك عاصمة تايلاند، ووُضع في زورق ونقله عبر نهر موي إلى ميانمار، إذ أُجبر على البقاء في مجمع لعصابات الاحتيال عبر الإنترنت.
كان موييك محظوظاً لأنه هرب بعد سبعة أشهر من مجمع الاحتيال، لكن مئات الآلاف غيره فشلوا في ذلك.
وتشير التقديرات الأخيرة إلى أن هناك أكثر من 220 ألف شخص من جميع أنحاء العالم تم اقتيادهم إلى ميانمار وكمبوديا وأُجبروا على خداع الناس في جميع أنحاء العالم عبر الإنترنت والسطو على مدخراتهم، خاصةً الأميركيين والكنديين.
ويستولي المحتالون الإلكترونيون المقيمون في جنوب شرق آسيا على أكثر من 43 مليار دولار سنوياً من ثروات العالم، وفقاً لمعهد الولايات المتحدة للسلام التابع للكونغرس الأميركي.
وتقول جماعات مكافحة الاتجار بالبشر إن التخفيضات الشاملة للمساعدات الخارجية من قبل إدارة ترامب سيفقدها مصدر التمويل الحيوي الذي ساعدها في مكافحة مراكز الاحتيال، واستعادة هؤلاء الذين أُجبروا على العمل فيها.
قدمت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID خلال أول عِقدين من القرن الحالي نحو 164 مليون دولار لبرامج مكافحة الاتجار بالبشر في آسيا، ما يوازي 50 في المئة من إجمالي التمويل العالمي في هذا المجال.
وأمس الاثنين ألغت إدارة ترامب رسمياً 83 في المئة من برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وزعم وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في منشور على منصة إكس «لقد أُلغي الآن 5200 عقد بقيمة عشرات المليارات من الدولارات بطرق لم تخدم، وفي بعض الحالات أضرت، بالمصالح الوطنية للولايات المتحدة».
وفي أواخر فبراير شباط الماضي ألغت الإدارة تمويل كل مشروعات مكافحة الاتجار بالبشر التابعة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية في جميع أنحاء العالم، وفقاً لما قاله مسؤول في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لشبكة CNN.
وقال المسؤول، الذي أُنهي عمله في الخامس من مارس آذار الحالي، وطلب عدم الكشف عن هويته «لقد مُنحنا أربعة أسابيع فقط للإغلاق، ولم تُنقل مسؤوليات عملنا لأي جهة أخرى».
وقالت بعض المصادر لشبكة CNN إنها رفعت التجميد مؤخراً عن جزء من المشروعات، وقال متحدث باسم مكتب وزارة الخارجية لمراقبة ومكافحة الاتجار بالبشر، إن «جميع المساعدات الخارجية الأميركية تخضع حالياً للمراجعة».
وتقول ميشيل مور، الرئيسة التنفيذية لمنظمة (الإيواء العالمي) الأسترالية غير الربحية التي تدعم ضحايا الاتجار بالبشر، إن بعض هؤلاء الضحايا يدفعون فدية لتحريرهم، بينما يهرب آخرون ويسبحون عبر النهر، وجميعهم تقريباً يصلون إلى الشاطئ مصابين بصدمات نفسية، ويحتاجون إلى دعم مؤسسي لإعادتهم إلى ديارهم.
وبذلك تكون فقدت منظمة (الإيواء العالمي) شريان الحياة المتمثل في دعم وزارة الخارجية الأميركية، والذي كان يشكل 60 في المئة من تمويلها، لفترة قصيرة قبل رفع التجميد منذ أيام، لكن ميشيل مور قالت «هناك الكثير من المنظمات الأخرى التي مُنعت من التمويل وتوقفت عن العمل الآن».
يقول الإنتربول إن مجمعات الاحتيال الإلكتروني تسببت في «أزمة عالمية للاتجار بالبشر» تؤثر على «ملايين الضحايا، سواء في مراكز الاحتيال الإلكتروني أو كأهداف لهذا الاحتيال».
ويبذل المسؤولون في مختلف أنحاء جنوب شرق آسيا جهوداً حثيثة لمكافحة هذه الظاهرة، بمساعدة المؤسسات الدولية غير الربحية المهتمة بهذا المجال، والتي انقطع التمويل عنها الآن.
وقال المسؤول السابق في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إن الإنهاء المفاجئ لبرامج الوكالة سيشجع المنظمات الإجرامية على مواصلة عملها.
وذكر مات فريدمان، الرئيس التنفيذي لمنظمة ميكونج كلوب غير الربحية لمكافحة الاتجار بالبشر ومقرها هونغ كونغ، لشبكة CNN «إذا تُرِكَت هذه القضية دون رادع، فسوف تخرج عن نطاق السيطرة أكثر فأكثر».