أبل تؤجل تحديث سيري الكبير.. لماذا يصعب التنبؤ بتطور الذكاء الاصطناعي؟

أبل تؤجل تحديث سيري
أبل تؤجل تحديث سيري الكبير.. لماذا يصعب التنبؤ بتطور الذكاء الاصطناعي؟
أبل تؤجل تحديث سيري

افتتحت شركة أبل مؤتمر المطورين العالميين لهذا العام بإعلان صريح: النسخة المطوّرة من المساعد الصوتي سيري Siri، التي تم الإعلان عنها في المؤتمر ذاته العام الماضي، لا تزال غير جاهزة.

قال كريغ فيديريغي، النائب الأول لرئيس قسم هندسة البرمجيات في أبل، خلال الحدث: «كما أعلنا سابقاً، نواصل العمل على تقديم مزايا تجعل Siri أكثر تخصيصاً، هذا العمل تطلب وقتاً أطول للوصول إلى معايير الجودة العالية التي نطمح لها، ونتطلع لمشاركة المزيد عنه خلال العام المقبل».

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

خلال عامين فقط، انتقل الذكاء الاصطناعي من مجرد روبوتات دردشة محدودة إلى ما يعتبره بعض قادة التكنولوجيا «موجة هائلة» قد تغيّر الحياة مثلما فعل الإنترنت، لكن التأخير في تطوير Siri يعكس تحدياً أساسياً: تطور الذكاء الاصطناعي لا يسير على النمط المتوقع نفسه كما كان الحال مع الهواتف الذكية أو وسائل التواصل الاجتماعي.

تحديثات غير متوقعة

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

بعكس الهواتف التي تُطلق في دورات زمنية واضحة، غالباً مرة أو مرتين في السنة، فإن نماذج الذكاء الاصطناعي تتغير باستمرار وبشكل أقل قابلية للتنبؤ.

يقول أورين إيتزيوني، الرئيس التنفيذي السابق لمعهد ألين للذكاء الاصطناعي: «نماذج الذكاء الاصطناعي تُطلق بوتيرة سريعة ومكثفة، كما أنها غامضة وغير متوقعة ويصعب قياس أدائها بسبب طبيعتها العامة».

أيضاً، قد يختلف شكل اعتماد المستخدمين على المساعدين الذكيين عمّا رأيناه في الهواتف الذكية والمتصفحات ومواقع التواصل الاجتماعي، فبينما ساعد «التأثير الشبكي» شركات مثل أبل وميتا على ترسيخ مكانتها في الأسواق السابقة، لا يبدو أن الذكاء الاصطناعي يسير على المنوال نفسه.

تأخيرات بارزة في صناعة الذكاء الاصطناعي

تبدو وتيرة الذكاء الاصطناعي وكأنها سريعة للغاية وفي الوقت نفسه بطيئة، كما يظهر في تأخيرات مثل تأجيل سيري

لكن أبل ليست الوحيدة في هذا المسار، إذ لم تطلق أوبن إيه آي OpenAI بعد نموذجها المنتظر GPT-5، وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال أن ميتا أجّلت بدورها إطلاق النسخة التالية من نموذج Llama.

ورغم هذه التأخيرات، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في تزايد ملحوظ: 78% من الشركات أفادت باستخدامه في 2024 مقارنة بـ55% فقط في 2023، وفقاً لتقرير «مؤشر الذكاء الاصطناعي» الصادر عن جامعة ستانفورد لعام 2025.

جزء من صعوبة الالتزام بالجداول الزمنية لتحديثات الذكاء الاصطناعي يرجع إلى أن أداء هذه النماذج يصعب قياسه. فقد يتفوق النموذج في جانب ويتراجع في آخر، وأحياناً تؤدي تغييرات بسيطة إلى نتائج غير متوقعة، مثلما حدث في مايو الماضي عندما أصبحت ChatGPT «مزعجة» بعد تحديث، أو عندما بدأ روبوت Grok التابع لـxAI الحديث عن «إبادة جماعية للبيض» في جنوب إفريقيا بدون أي توجيه.

دورة حياة مختلفة للذكاء الاصطناعي

لا تزال شركات التكنولوجيا تحاول تحديد وتيرة إصدار التحديثات الكبيرة والمؤثرة، مقابل التحديثات الصغيرة المتكررة، على عكس ما اعتاده المستخدمون في عالم الهواتف المحمولة والأنظمة مثل iOS وAndroid، التي تحصل على تحديثات سنوية واضحة.

يقول ليو غيبي، المحلل الرئيسي في شركة CCS Insight: «تقدم الذكاء الاصطناعي أصبح تدريجياً وأصعب في التوصيف والعرض للعملاء كمزايا جوهرية».

ليس سوقاً يربحه لاعب واحد

في الماضي، كان النجاح في التكنولوجيا يعتمد على من يصل أولاً ويكسب «تأثير الشبكة»، لكن الذكاء الاصطناعي لا يعمل وفق هذه القاعدة، على عكس Facebook مثلاً، فإن خدمات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT أو Google Gemini ليست اجتماعية، ولا تعتمد على استخدام الأصدقاء لها، كلما عرفك المساعد الذكي أكثر، أصبح أكثر فائدة لك،  بغض النظر عما إذا كان الآخرون يستخدمونه أم لا.

يقول داريل ويست، زميل أول في مركز الابتكار التكنولوجي في معهد بروكنغز: «الأمر يتعلق بمهام فردية خاصة بكل شخص، المنصة لا تصبح أكثر قيمة إذا كان جميع أصدقائك يستخدمونها».

وقد يكون هذا خبراً جيداً لأبل، إذ إن استخدام أجهزة مثل iPhone وAirPods وApple Watch يمنح Siri الجديد ميزة محتملة عند إطلاقه، خاصة أن الشركة قالت إن Siri المطوّر سيعتمد على البيانات الشخصية من هاتف المستخدم لتقديم إجابات مخصصة.

هل ما زال من المهم أن تكون الأول؟

على عكس ما حدث في أسواق الهواتف والمتصفحات، حيث سيطرت أنظمة مثل iOS وAndroid على السوق، وأقصيت منصات مثل BlackBerry وWindows Phone،  قد لا يشكل الوصول الأول ميزة كبيرة في سباق الذكاء الاصطناعي.

فوفقاً لإحصاءات StatCounter، يمتلك متصفح كروم التابع لغوغل Google أكثر من 67% من الحصة السوقية عالمياً، بينما يأتي Safari من أبل في المرتبة الثانية بنسبة 17% فقط.

لكن في الذكاء الاصطناعي، لا تزال قواعد الولاء والتفضيل للمستخدمين غير واضحة، فقد يلجأ الأشخاص إلى استخدام أكثر من خدمة حسب الحاجة، مثل استخدام روبوت معين في البحث وآخر في الترجمة أو الدعم الكتابي.

وهذا قد يخفف الضغط على الشركات مثل أبل.

يقول دانيال كيوم، أستاذ إدارة الأعمال في كلية كولومبيا: «حتى لو تأخرت قليلاً، يمكنني اللحاق بالركب بسهولة، وبمجرد أن أتحسن، سيعود المستخدمون إليّ».

(ليزا إيديشيكو - CNN)