في خطوة هي الأولى من نوعها أعلنت إدارة الطيران والفضاء الأميركية ناسا عن اشتراك علامة الأزياء الفاخرة برادا في تطوير بدلة فضاء وذلك بالاشتراك مع شركة الفضاء التجارية أكسيوم سبيس.

ومنحت ناسا عقداً بقيمة 228.5 مليون دولار لشركة أكسيوم سبيس لتحديث بدلات الفضاء، وبعد ذلك توجهت أكسيوم لرائدة الأزياء العالمية، برادا، للاستعانة بخبراتها مع المواد الخام في تصميم وتصنيع الملابس بمختلف أغراضها.

لكن هذه أول مرة تصنع فيها برادا بدلات فضائية حيث ينبغي تطبيق معايير مختلفة تواكب الظروف الاستثنائية التي يتعرض لها رواد الفضاء خارج الغلاف الجوي أو على سطح القمر.

هذه البدلات الفضائية ستستخدم من قبل رواد الفضاء في مهمة أرتيمس III المقرر انطلاقها في عام 2025، ويعد هذا الحدث تاريخياً، إذ ستعود ناسا للهبوط على القمر مرة أخرى بعد مرور خمسين عاماً على آخر هبوط مأهول لها على سطح القمر، فضلاً عن صنعها للتاريخ مجدداً بإرسال أول امرأة في التاريخ للهبوط على القمر.

خبرة برادا في عالم التفصيل

تتمتع علامة الأزياء الفاخرة برادا بالخبرة الفنية في المواد الخام وتقنيات التصنيع ومفاهيم التصميم المبتكرة، إذ تتطلع كل من أكسيوم سبيس وناسا إلى أن يوفر هذا التصميم الجديد لبدلة الفضاء الراحة وسهولة الاستخدام لرواد الفضاء.

وسيعمل مصممو برادا مع فريق أكسيوم سبيس المختص بتقنيات الفضاء طوال عملية التصميم بما في ذلك تطوير المواد ومواصفات التصميم المناسبة لطبيعة المهمة في الفضاء الخارجي وخصوصاً في بيئة سطح القمر.

وقال مايكل تي سوفريديني، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة أكسيوم سبيس في بيان للشركة «نحن نواصل البناء على إرث وكالة ناسا من خلال تصميم بدلة فضائية متقدمة تسمح لرواد الفضاء بالعمل بأمان وفاعلية على القمر، ستكون بدلة الفضاء الخاصة بمهمة أرتيمس III جاهزة لمواجهة التحديات المعقدة للقطب الجنوبي للقمر والمساعدة في تنمية فهمنا للقمر من أجل تمكين التواجد على المدى الطويل هناك».

تفاصيل البدلة الفضائية

ستواصل برادا تطوير النموذج الأولي الذي كشفت عنه أكسيوم سبيس في مارس آذار من العام الجاري 2023، وفازت المجموعة بعقد بقيمة 228 مليون دولار العام الماضي لتصميم بدلات الفضاء التابعة لناسا كجزء من حزمة أكبر بقيمة 1.3 مليار دولار لتوفير البنية التحتية لمهمة أرتيمس III لعام 2025.

وتحتوي البدلات على مفاصل مخيطة لتزويد رواد الفضاء بمرونة أكبر في الحركة مما كانت عليه بدلات رواد الفضاء في آخر رحلة مشي على سطح القمر في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، وستكون لديهم أيضاً كاميرا مدمجة عالية الدقة لبث رحلة العودة إلى الأرض، وتهدف إلى السماح لرواد الفضاء باستكشاف سطح القمر بشكل أفضل وإجراء التجارب العلمية، وذلك وفقاً لموقع أكسيوم سبيس.

تكلفة صناعة بدلات الفضاء

في عام 1974، كشفت وكالة ناسا أن تكلفة تصنيع بدلة الفضاء تتراوح بين 15و22 مليون دولار أي ما يقدر اليوم بين 83 و122 مليون دولار، وكان ذلك بعد 13 عاماً من تصنيع أول بدلة فضاء، وهي بدلة ميركوري، لرائد الفضاء آلان بي شيبرد، وهو أول رائد فضاء أميركي يخرج للفضاء، ومنذ أن تم تصميم ميركوري لأول مرة، سرعان ما تبعتها بدلات فضائية أخرى لتحسين المفهوم واستخدام أحدث التقنيات المتاحة لمهندسي ناسا، أما حالياً فقد تبلغ تكلفة بدلة الفضاء نحو 150 مليون دولار.

استثمرت ناسا أكثر من 200 مليون دولار في تطوير البدلات الفضائية منذ عام 2009، وأشارت تقارير إلى أن ناسا تستثمر ما يصل إلى 3.5 مليار دولار حتى عام 2034 في استكمال عمليات التطوير.

تُصمم البدلات الفضائية لحماية رائد الفضاء من مجموعة واسعة من التهديدات، مثل الفراغ الكوني والإشعاع الصادر عن الأجرام السماوية، والجسيمات التي تنتقل بسرعة تصل إلى 18 ألف ميل في الساعة كما أنها توفر الأكسجين والاتصالات ومجموعة واسعة من معدات تنظيم الوظائف الحيوية للجسم لرواد الفضاء أثناء التواجد في الفضاء أو على سطح القمر.

وتعد الطبقات العديدة من المواد عالية التقنية، والمصممة خصيصاً والتي تساعد في الحفاظ على سلامة رواد الفضاء مع السماح بمستوى عالٍ من المرونة في الحركة، أحد أهم الأسباب في ارتفاع تكلفة بدلة الفضاء.

والمواد الخام ليست هي الجانب الوحيد المكلف عند تصنيع بدلات الفضاء، إذ يعمل لدى ناسا حالياً أكثر من 2000 موظف ضمن مهمة أرتميس، بالإضافة إلى العديد من المقاولين والاستشاريين، وفريق الباحثين والمهندسين اللازم لتطوير مثل هذا التصميم المعقد، ما سيكلف مبلغاً كبيراً من المال، بالإضافة إلى المعدات المطلوبة وخلق ظروف الاختبار التي تحاكي البيئة التي سيختبرها رواد الفضاء في المهمات.