دخلت العلامة التجارية « ذا بودي شوب» التي تُعرف بعدم اختبار منتجاتها على الحيوانات دائرة الإفلاس بعد نحو نصف قرن، وأوقفت جميع عملياتها في الولايات المتحدة، وتعتزم إغلاق العشرات من المتاجر التابعة لها في كندا، ضمن إجراءات إعلان إفلاسها رسمياً وإعادة تشكيلها.

وكانت الشركة أعلنت كذلك في أوائل شهر مارس آذار أنها ستغلق 75 متجراً في المملكة المتحدة بحلول منتصف أبريل نيسان 2024، ما سيؤدي لفقدان 489 وظيفة.

واستعانت الشركة بخبراء من «اف ار بي ادفايزري» لتولي مسؤولية الإدارة، وهذا ما يحصل عادة في المملكة المتحدة حيث يقوم خبراء المال بالعمل على محاولة إنقاذ أجزاء معينة من الشركة.

سبب هذا الإعلان صدمة في قطاع منتجات العناية الشخصية، لأن «ذا بودي شوب» كانت أول شركة تطبق معايير أخلاقية في اختبار منتجاتها تواجه هذا المصير.

واعتبرت كيت هاردكاسل، الخبيرة في تجارة التجزئة، إفلاس «ذا بودي شوب» لحظة مهمة في تاريخ قطاع التجزئة، وأبدت تقديرها لدور العلامة التجارية في ريادة الجمال الأخلاقي ورحلتها التي استمرت ما يقرب من 50 عاماً للتأثير على قطاع التجميل.

سمعة على المحك

تأسست «ذا بودي شوب»، المعروفة بتسويق منتجاتها على أنها طبيعية ومستدامة، في عام 1976 في بريطانيا على يد الناشطة في مجال حقوق الإنسان والناشطة البيئية أنيتا روديك، وكانت من أوائل الشركات التي حظرت إجراء الاختبارات على الحيوانات للعديد من منتجاتها.

وفي عام 2006، استحوذت شركة « لوريال» العملاقة على «ذا بودي شوب» في تحرك أثار التساؤلات، إذ كانت «لوريال» تُعرف باختبار منتجاتها على الحيوانات، ما أضعف موقف «ذا بودي شوب» وتسبب في خسارتها شريحة كبيرة من مستهلكيها.

وتدرك هاردكاسل التحديات التي تواجهها العلامة التجارية في سوق يتطور بشكل سريع وترى هذه اللحظة نقطة حاسمة تسلط الضوء على الحقائق القاسية لمشهد البيع بالتجزئة المتغير باستمرار والحاجة حتى إلى العلامات التجارية الأكثر شهرة للتكيف.

ويقول ريتيش موهان، وهو خبير في شؤون قطاع التجزئة إن «ذا بودي شوب» فقدت زخمها بسبب التغييرات المتكررة في ملكيتها وإدارتها.

ويقول «كانت آنيتا روديك، المؤسِّسة، لديها هدف أساس يتجلى بتمكين النساء من خلال نموذج أعمالها، الذي كان يركز على منتجات الجمال المستدامة وإتاحة المجال أمام رائدات الأعمال، ومع ذلك واجهت الشركة صعوبة في الحفاظ على رؤيتها بعد وفاة روديك، وهذا بطبيعة الحال تحدٍ شائع يواجه العديد من المؤسسات بعد رحيل المؤسس».

كما أضاف الخبير آن «ذا بودي شوب» واجهت مشكلة الافتقار للابتكار، خاصة مع ظهور علامات تجارية مستدامة للجمال الطبيعي، ما جعلها غير قادرة على مواكبة التطورات في السوق.

ويضيف «يعتبر هذا درساً واضحاً إذ طغت الأولويات التجارية للشركة، مثل دفع المبيعات العليا بأي ثمن، على أهمية الاستثمار في تطوير المنتجات الجديدة والابتكار، واللذان كانا في الأساس مهمتين أساسيتين للشركة».

«ذا بودي شوب» والشرق الأوسط

يقول موهان «نظراً لأن إغلاق المتاجر يعتمد على جوانب مختلفة مثل مشكلات سلسلة التوريد، فإن التنبؤ بالتأثير على متاجر الشرق الأوسط معقد».

لكن أضاف أنه إذا أوقفت الشركة عملياتها على مستوى العالم، فإن إغلاقها في الشرق الأوسط سيكون مسألة وقت، ومن جهة أخرى فقد يحصل أصحاب الامتياز التجاري لها على بعض المرونة في أعمالهم، إذا قاموا بتطوير وإيجاد مصادر محلية للسلع أو مصادر مباشرة من المصانع.

وقال «في نهاية المطاف، بدون دعم العلامة التجارية، سيكون من الصعب الحفاظ على استمرار عمل هذه المتاجر».

وعندما سُئلت هاردكاسل عن رأيها حول ما إذا كان إفلاس الشركة سيؤثر على الشرق الأوسط، قالت «يبدو أن أعمال الشرق الأوسط تعمل بانتعاش أكبر ولكن هذا لا يجعلها محصنة من مواقف مماثلة في سوق تنافسية للغاية، ومع ذلك فإن مدى التأثير سيعتمد على استراتيجية العلامة التجارية لمواجهة تحدياتها الحالية وقدرتها على التكيف مع مشهد البيع بالتجزئة المتغير».

وتشرح هاردكاسل أن شركة «ذا بودي شوب» لديها فرصة للتحول والتغيير من خلال إعادة تصور لمبادئها الأساسية وتنفيذها، وذلك من خلال الاستفادة من التكنولوجيا، وإعادة التفكير في استراتيجيات التجزئة، والابتكار في خط المنتجات لتلبية احتياجات وقيم المستهلكين الحالية بشكل أفضل.

وتشير إلى أن تراث العلامة التجارية والتزامها بالممارسات الأخلاقية لا يزالان لهما قيمة مهمة، وأنه بزخم جديد وقيم مجددة يمكن لـ«ذا بودي شوب» استعادة مكانتها كشركة رائدة في مجال منتجات التجميل ذات الممارسات الأخلاقية.