بعد عمليات الحيازة التي شهدتها العلامات التجارية الإيطالية الراقية مثل غوتشي وفندي وبلغاري وفيرزاتشي خلال العقد الماضي، تواجه صناعة الأزياء الإيطالية اليوم تحدي الحفاظ على إرثها.
روبرتو كافالي التي تأسست في السبعينيات من العلامات الراقية التي عانت من ضغوطات مالية زادت حدتها منذ عام 2015 بسبب سياسة التوسع المفرط وتأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008.
أثرت هذه الأزمات على أداء الشركة وموقعها في السوق، ثم استُحوذ عليها بالكامل في عام 2019 من قِبل مجموعة داماك المملوكة لحسين سجواني، ما دفع بالشركة إلى جهود إعادة هيكلة وتغييرات في الإدارة وفي العام الماضي (2023) عُيِّن سيرجو أتسولاري رئيساً تنفيذياً لروبرتو كافالي.
وفي مقابلة خاصة مع CNN الاقتصادية، أكد أتسولاري أن الحفاظ على إرث روبرتو كافالي هو من أولويات الشركة، وأضاف، «نحن اليوم نشعر بالأمان لأن وجود ملكية قوية وشراكات متينة يتيح لنا التفكير في المستقبل».
صون الإرث
وأضاف أتسولاري أن المحافظة على الإرث هو من مشكلات صناعة الموضة بالنسبة للعلامات التجارية الإيطالية التي فقد بعضها إرثها من خلال إعادة اختراع نفسها.
وقال، «أحياناً بشكل جيد وأحياناً بشكل سيئ، أفقد ذلك هوية دور الأزياء، لكننا في كافالي نريد الحفاظ على الحمض النووي الخاص بنا لأنها علامة تجارية قوية وقائدة في مجالها».
وأضاف أن كافالي هي من دور الأزياء القليلة التي تمتلك أرشيفاً كاملاً للمطبوعات ورسومات الأزياء التي قام بها كافالي لشدة هوسه بها، إنما مع وجود مكونات جديدة على الساحة ومع تغييرات العادات والناس والأذواق، «يترتب علينا البقاء صادقين والعمل كذلك على تحسين الوصفة وجعلها أكثر عصرية وأناقة».
وظهرت معالم هذه التغييرات في التشكيلة الأخيرة لروبرتو كافالي لصيف وربيع 2024-2025 التي تم استعراضها خلال أسبوع دبي للموضة الذي عقد بين 1 -7 سبتمبر في حي دبي للتصميم، ولقيت المجموعة استحسان الجمهور لعصرية الملابس وإحساس الراحة وتعدد الثقافات التي تعكسه.
الربحية تحت المجهر
مع تحفظ أتسولاري عن الكشف عن إيرادات وأرباح الشركة كونها شركة خاصة وغير مدرجة على الأسواق المالية، إلا أنه أفاد بأن الشركة استطاعت اليوم تحقيق عائدات مهمة وأنها سارية على طريق الربحية ولو أن أمامها مرحلة طويلة من التعلم.
وقال إن الشركة اليوم في توافق كبير مع مبيعات التجزئة، متفائلاً بأن يكون الفصل الرابع من العام الحالي حاسماً لأداء الشركة، خاصة في الغرب الذي ينتظره العديد من المناسبات والفعاليات والأعياد والتي تشكل منصات أساسية لعرض أزياء كافالي الجديدة والخاصة بكل مناسبة.
وكانت الشركة قد توقعت في 2023 تحقيق الربحية هذا العام مع وصول قيمة إيراداتها للفترة نفسها إلى 132 مليون دولار مقارنة بـ87 مليوناً في عام 2022، وفق ما تم نقله عبر وكالة رويترز.
وشرح أتسولاري سبب هذه العائدات، عازياً الأول إلى عدد التراخيص التي تعد مهمة جداً لظهور العلامة التجارية وتماسكها حيث تجاوز عدد التراخيص التوقعات.
وأعقب بأن معالجة المخزونات السلبية التي كانت تعيق تطور الشركة وافتتاح متاجر جديدة في أميركا ولندن قلبت المقاييس، ووصفها بأنها تغييرات هائلة لارتباطها بتغير الثقافة، مضيفاً أن «العقلية لم تعد مقسمة بين المتاجر الحقيقية والمتاجر الافتراضية والمتاجر المؤقتة فكلها أصبحت حزمة واحدة خاصة مع تغيير مفهوم البيع بالجملة وطريقة دخول الأسواق والبيع المباشر للمستهلك».
وارتكزت استراتيجية كافالي على معرفة العملاء من خلال إدخال نظام إدارة العملاء CRM الذي تم تبنيه منذ أقل من عام تقريباً مع التخطيط لتعزيز حضور العلامة في قطاعات أخرى.
توسع عمودي وأفقي
وأوضح أتسولاري أن خصوصية كافالي تتمحور حول الملابس الجاهزة على عكس علامات الموضة الفاخرة التي تركز غالبيتها على الإكسسوارات والحقائب «لذلك علينا توسيع فئات المنتجات غير الجاهزة للارتداء وتوسيع عروض الأحذية والتركيز أكثر على أزياء الرجال الذي هو قطاع واعد وغير مستغل بعد، ولا يزال لدينا الكثير من الأعمال لتطويرها».
وكان إطلاق حقائب رور ROAR التي تتميز بتصاميم تجمع بين الجلد عالي الجودة والزخارف قد لقي رواجاً كبيراً، وفق أتسولاري
وكشف أتسولاري أن الشركة تخطط لافتتاح عدة متاجر في المنطقة لا سيما في الإمارات والسعودية نظراً لما توفره من فرص واعدة ومن تطور سريع في مواهب التصميم على عكس أوروبا وأميركا التي تعاني أسواقها من التخمة.
وكشف أن كافالي ستتعاون قريباً مع المصممين العرب وذلك «ليس بهدف جعل المنتج أكثر صدى محلياً، ولكن أيضاً من أجل بناء قصة جديدة، وفصول جديدة.»
الاستدامة بالتصنيع في إيطاليا
واعتبر أتسولاري أن كافالي من بين أكثر العلامات التجارية استدامة لأن «منتجنا مصمم ليدوم مدى الحياة، وطول عمر المنتج هو العامل الرئيسي للاستدامة» وأكد أنه بالإمكان استخدام المواد الأكثر استدامة، ولكن إذا كان المنتج بعيداً آلاف الأميال، فإن ذلك يقلل من فائدته.
وبرأيه تستلزم الاستدامة أحياناً تصنيع المنتج محلياً بدلاً من نقله من الطرف الآخر من العالم، وقال «في كافالي، نسعى لإنتاج كل شيء في إيطاليا، ليس فقط لأنها قريبة من مقرنا، ما يسهل التحكم في الجودة، ولكن أيضاً لأن الحرفية مهمة جداً لضمان الحصول على منتج نزيه وصادق وحقيقي».