الذهب الأخضر، أو « الأفوكادو»، ثمرة يعشقها الكثير من الناس، وقد كانت طعاماً للفقراء خصوصاً في دولة المكسيك، التي تستحوذ على النسبة الأكبر عالمياً من إنتاجها.

لكنها اليوم، وفي شتى أصقاع الأرض، باتت طعاماً للأغنياء أو على أقل تقدير، لأصحاب الطبقة المتوسطة وما فوق، لا سيما بعد أن أصبحت مكوناً رئيسياً للأغذية الصحية.

سوق يتجاوز 15 مليار دولار

هل تخيل أحدكم أن هذه الثمرة التي نأكلها، حجم سوقها العالمية ناهز 15 مليار دولار نهاية 2022؟ حتى أن مصادر أخرى تقديراتها تفوق ذلك لتصل إلى 18 مليار دولار.

وتتربع المكسيك على قائمة أكبر الدول المنتجة للأفوكادو بنحو 2.4 مليون طن سنوياً، تليها كولومبيا 979 ألف طن، ثم البيرو 777 ألف طن سنوياً.

وما لا شك فيه، أن هذه الثمرة تدعم اقتصادات هذه البلدان بالعملات الأجنبية المتأتية من تصديرها إلى شتى أصقاع الأرض، كما أنه من المتوقع أن تنمو سوق الأفوكادو بمعدل سنوي مركب قدره 7.3 في المئة من عام 2023 إلى عام 2030

تاريخ الأفوكادو

يعتقد الباحثون أن مدينة بويبلا، التي تقع في جنوب وسط المكسيك، هي الموطن الأم للأفوكادو، هناك ازدهرت هذه الثمرة لأول مرة وبدأ السكان المحليون استهلاكها منذ نحو عشرة آلاف عام.

وقد شقت طريقها في النهاية عبر المحيط الأطلسي عندما تعرف المستكشفون الإسبان على الأفوكادو في القرن السادس عشر، وبحلول عام 1521، انتشرت عبر أميركا الوسطى والجنوبية قبل أن يُصدِّرها الإسبان إلى أوروبا ويبيعوها إلى بلدان أخرى، ليصل بها الأمر إلى رفوف المحال التجارية في كل بلداننا العربية.

ولكن الأفوكادو مهددة بالانقراض.. والسبب هو التغيّر المناخي والجفاف الذي ضرب أميركا الجنوبية العام الماضي، الذي أدّى إلى تراجع الإنتاج بنحو 30 في المئة، فهذه الثمرة تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه لريّها، وإذا استمر الحال على ما هو عليه.. فقد تختفي الأفوكادو من الوجود.

أزمة هوية

على الرغم من أننا اليوم بتنا متفقين جميعاً على هذا الكوكب، على اسم موحد للأفوكادو، فإن هذه الثمرة سبق أن مرت تاريخياً بأزمة هوية، تمثّلت بنحو ثلاثة أسماء منذ وجودها.

ففي البداية، كان اسمها «فيرتيليتي فروت» أو «فاكهة الخصوبة»، وقد اعتقدت شعوب الأزتيك أن الفاكهة تعزز الخصوبة لكل من الرجال والنساء.

أما الاسم الثاني، فكان «كمثرى التمساح» (Alligator Pear)، إذ كان الاسم الإنجليزي للأفوكادو، والذي يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر، يشير إلى المظهر الخارجي للثمرة الذي يشبه جلد التمساح، ظل الاسم هكذا حتى نجحت الجهود التسويقية التي بذلها المزارعون الأميركيون في أوائل القرن العشرين في تغيير الاسم إلى الأفوكادو.

أما الاسم الثالث، فهو «باتر فروت»، إذ إن الملمس الشبيه بالزبدة الذي تمتاز به الأفوكادو، جعله اسماً مناسباً لها، خصوصاً في الهند، حيث لا تزال الفاكهة تكتسب زخماً باعتبارها عنصراً أساسياً في الطهي.

كذلك تزرع الأفوكادو في الغالب في منطقة كوداجو في ولاية كارناتاكا بجنوب غرب الهند، وإذا سألت أحد المزارعين عما يزرعه، فسيجيبك «فاكهة الزبدة» حسبما يشير موقع «أفوكادوز فروم ميكسيكو».

لكن الغريب في الأمر، أن الناس في مناطق معينة من الولايات المتحدة، كانوا سابقاً يتجنبون الأفوكادو إلى حد كبير حتى الخمسينيات من القرن الماضي خصوصاً بين الجمهور الأميركي المحافظ، أما اليوم، فتمثل الولايات المتحدة 79 في المئة من الأفوكادو المصدر من المكسيك.