تبدأ خلال شهر أبريل نيسان المقبل دورة التنصيف الثانية لعملة البيتكوين التي ستخفض مكافآت المعدنين إلى النصف أي من 6.25 بيتكوين إلى 3.125 لكل كتلة.

ويقول ريزا نادجاتيان الرئيس التنفيذي لعمليات التعدين العالمية في شركة فينكس للتعدين في مقابلة مع «CNN الاقتصادية» إن «التنصيف من شأنه الحد من الربحية بالنسبة لشركات التعدين لكن قفزات السعر التي تشهدها عملة البيتكوين من شأنها تعويض تقلص الأرباح».

وتوقع ريزا أن يشهد سوق البيتكوين بعد التنصيف الثاني إما قفزة جديدة أو عملية تصحيح للسعر معتبراً أن تحقيق الأرباح يظل ممكناً ما دام سعر البيتكوين سيتراوح بين 55 و60 ألف دولار.

التنصيف وآثاره

ويهدف التنصيف بشكل أساسي إلى الحفاظ على العملة كمخزن للقيمة قادر على مواجهة الركود والتضخم كما أن من شأنه إبطاء وتيرة التعدين لموازنة قواعد العرض والطلب.

وسيستمر هذا المسار من خلال 64 عملية تحدث كل أربع سنوات حتى عام 2140 للوصول إلى الحد الأقصى من العملات المعدنة والبالغ عددها 21 مليون بيتكوين.

وشهدت سوق تعدين العملات المشفرة منذ دورة التنصيف الأولى تخارجاً للاعبين الأفراد بسبب تراجع العائدات وارتفاع أسعار معدات التعدين وزيادة تكاليف الطاقة.

وتوقع فيل هارفي الرئيس التنفيذي لشركة Sabre 56 للاستشارات في الأصول الرقمية والبلوكتشين أن تتراجع أرباح التعدين وتزيد التكلفة على الشركات لا سيما أن المعدات أصبحت قديمة نظراً لأنها أصبحت غير قابلة للتطبيق تجارياً مع وجود طرازات أكثر حداثة في السوق وهوامش ربح أقل على المعدات القديمة.

رغم ذلك، لا يزال هذا القطاع يثير شهية المؤسسات والمستثمرين الكبار وحتى الدول التي رأت في جذب شركات التعدين لها فرصة لاستخدام كفء للطاقة المنتجة وتحقيق العائدات في القطاع بنمو بشكل متزايد.

هجرة الشركات لتقليل التكلفة

تعد الطاقة الكهربائية الرخيصة عامل جذب للمستثمرين في التعدين بالبيتكوين، فكلما كانت تكلفة التعدين أقل، كان هامش الربحية أعلى.

وتتفاوت تكلفة استخراج عملة البيتكوين بين دولة وأخرى وفق معيار تكلفة الطاقة الكهربائية ودعم الحكومة من عدمه عمليات التعدين.

لذلك نشط التوجه خلال السنوات الثلاث الماضية إلى إثيوبيا والخليج وأميركا اللاتينية التي توفر مزايا تفضيلية في تكلفة الطاقة.

ويقول راشد الخزاعي الخبير في العملات الرقمية ورئيس مركز الأبحاث في تي دي آر كابيتل في مقابلة مع «CNN الاقتصادية» إن ثلاثة عوامل رئيسية تجذب شركات التعدين إلى الخليج وهي «توفير الطاقة بسعر غير مكلف وتوفير مصدر غير منقطع للطاقة وتوفير حاضنة تشريعية مناسبة لتطوير هذه الأعمال».

وأشار إلى الشهية المتزايدة لدول الخليج لقطاع التعدين لا سيما من صناديق الاستثمار السيادية التي بدأت تستثمر بشكل مباشر فيه.

ونوه فيل هارفي إلى مساهمة هذه الخطوة في التنوع الاقتصادي مشيراً إلى أن مشاركة دول مجلس التعاون الخليجي -التي يبلغ مجموع الناتج المحلي لها نحو تريليوني دولار- بشكل جماعي في صناعة التعدين لا تتعدى ما نسبته 5 في المئة.

ديناميكية السوق

لجأت شركات التعدين في الآونة الأخيرة إلى إدارة المخاطر الناجمة عن تنصيف البتكوين بتنويع محافظ استثماراتها في البلوكتشين والأصول الرقمية والترميز والذكاء الاصطناعي.

ويرى الخزاعي أن تقنيات البلوكتشين والأصول الرقمية هي أكثر التقنيات ابتكاراً نظراً لفوائدها العديدة وتداخلها مع الصناعات والقطاعات كافة على المدى الطويل.

وتنتهج بعض شركات التعدين العالمية منهجية الاستثمار في الأصول الرقمية والبلوكتشين والترميز، إذ أعلنت شركة أبلايد ديجيتال وهي شركة تعدين للعملات المشفرة مقرها تكساس، أواخر العام الماضي، عن صفقة بقيمة 460 مليون دولار لاستضافة الحوسبة السحابية للذكاء الاصطناعي في مركز بياناتها.

وتتبع شركة فينكس للتعدين، التي نجحت في تجميع 371 مليون دولار من خلال طرحها للاكتتاب العام أواخر العام الماضي في سوق أبوظبي المالية، استراتيجية التملك أو التأجير التمويلي لأصولها ومواقعها بهدف الإبقاء على قوة ميزانيتها العمومية، بحسب ريزا نادجاتيان.

ومع إعادة ترسيم شركات التعدين مواقعها واستراتيجياتها، فإن بصمتها الكربونية ستبقى التحدي الأساسي أمامها فيما تصل انبعاثاتُ عملياتِ التعدينِ إلى 8.7 مليونِ طنٍ متريٍ من ثاني أكسيد الكربونِ سنوياً وفق ستاندرد أند بورز.