يعيد الذكاء الاصطناعي هندسة عمل الشركات وتشكيل استراتيجياتها، لا سيما في الشرق الأوسط، فمع ما تشهده المنطقة من تسارع في عملية التحول الرقمي، يوفر الذكاء الاصطناعي أرضية خصبة لدفع عجلة الابتكار ورفع الكفاءة التشغيلية للشركات وتحقيق النمو الاقتصادي.

ويقول علي حسيني، الشريك والرئيس التنفيذي للشؤون الرقمية في بي دبليو سي الشرق الأوسط إن أهم التطورات التي حصلت خلال العامين الماضيين تمثلت في «نموذج الأغراض العامة» للذكاء الاصطناعي، وهو نموذج يتم تدريبه مسبقاً على مجموعة كبيرة من البيانات من شركات متخصصة.

ويقول حسيني إن الذكاء الاصطناعي التوليدي يتطور بسرعة وستكون تطبيقاته واستخداماته أوسع وأكثر شمولاً على مستوى المجتمعات والحكومات والدول، الأمر الذي يتيح للشركات إمكانية استخدامه دون الحاجة إلى بدء عملية البناء من الصفر، وذلك عبر تغذية هذه النماذج بمجموعة بيانات تتوافق مع متطلبات الشركة من خلال تقنيات الضبط الدقيق أو غيرها من التقنيات المتقدمة.

البيانات الكبرى تحدٍ عالمي

وشرح حسيني أن من شأن تبني هذه التقنيات توفير جهود التحقق من نوعية البيانات وجودتها والذي يعد بحد ذاته تطوراً مهماً.

ويواجه الذكاء الاصطناعي التوليدي على الصعيد المحلي والعالمي تحديين بارزين، يتمثل الأول في كيفية الحصول على البيانات وإذا ما كانت تتم بطريقة مفتوحة ومجانية أو عبر مقابل مادي لها، أما الثاني فيتجسد بضمان حماية خصوصية هذه البيانات ضمن النطاق الاختصاصي للدول حسب حسيني.

واعتبر حسيني أن نماذج اللغات الكبيرة التي أطلقتها الإمارات مؤخراً مثل فالكون وجيس تظهر رؤية الإمارات الاستباقية في أن تكون بطليعة الدول لتطوير واستغلال الذكاء الاصطناعي التوليدي مشيراً إلى أن الاستثمار الهائل الذي تقوم به دول الخليج في مراكز البيانات ستظهر نتائجه خلال السنتين أو الثلاث سنوات المقبلة مع اكتمال وفتح البنى التحتية التكنولوجية الخاصة بالحوسبة السحابية المواتية لاحتضان التحول الكبير نحو اعتماد الذكاء الاصطناعي على السحابة.

المعادلة الجديدة تقلب المقاييس

وقال حسيني إن هذا يعزز ثقة العديد من الشركات في البنى التحتية لمشاركة البيانات ما دام أنها محمية بالإطار الجغرافي للدول، الأمر الذي سيشكل قوة دفع إضافية نحو تبني الشركات الذكاء الاصطناعي على السحابة.

وشرح حسيني أن هذا النظام يمكن اعتماده في شركات كبيرة تضم عشرات الآلاف من المستخدمين، التي تدفع مقابل الاستهلاك، إنما «جمالية الحوسبة السحابية تكمن بشكل أساسي في تمكين الشركات الصغيرة والناشئة التي تدير 20 و30 موظفاً من الاستفادة من البنية التحتية التي تحتاج إليها مقابل دفع المستحقات حسب الاستهلاك».

وكان استطلاع بي دبليو سي كوبرز السابع والعشرون لانطباعات الرؤساء التنفيذيين أظهر إيلاء غالبية التنفيذيين للتحول التكنولوجي الأولوية القصوى مع رغبة قوية من جهتهم بإعادة الابتكار والتجديد وأن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيكون مفتاح العصر الجديد لقدرته على تعزيز جودة المنتجات والخدمات وتوليد قيمة ومزايا تنافسية جمة

آثار الذكاء الاصطناعي: وهم أم حقيقة؟

وعن التخوف من استبدال الذكاء الاصطناعي الوظائف، شرح حسيني أن هذه المقاربة غير دقيقة فالبشر ومن خلال الذكاء الاصطناعي هم الذين سيحلون محل نظرائهم الذين لا يتبنون أو يتعلمون هذه التقنية.

وشرح أن الطريقة التي يجب أن نفكر بها هي كيفية بناء القدرات وتعلم استخدام الذكاء الاصطناعي، ومن يقوم بذلك سيتمتع بفرص أفضل للحصول على وظائف أفضل، مقارنة بالأشخاص الذين يعملون في الأساس في بيئة لا تريد الاعتماد على التكنولوجيا.

وتتركز استراتيجية بي دبليو سي كوبرز في بناء القدرات على بناء القدرات الهندسية في مناطق مختلفة حيث عقدت الشركة العديد من الشراكات مع عدد من الجامعات المختلفة، لاختيار أفضل المواهب وتبادل المعرفة لبناء حالات استخدام معينة، كما شرح حسيني

واستثمرت شركة برايس ووترهاوس كوبرز الشرق الأوسط نحو مليار دولار أميركي في قدرات الذكاء الاصطناعي -وخاصة GenAI- مع التركيز بشكل خاص على الموظفين الحكوميين، الخدمات، وخدمات المواطنين، وتعزيز العمليات الداخلية، وتعمل شركة بي دبليو سي الشرق الأوسط على إحداث تحول في منطقة الشرق الأوسط من خلال الابتكار والنمو والقيادة الرقمية

وسجلت بي دبليو سي الشرق الأوسط نمواً ملحوظاً خلال العقد الماضي، إذ حققت رقماً قياسياً في معدل النمو السنوي المركب (CAGR) بلغ 20%، مع شبكة قوية من الشراكات تضم أكثر من 400 شركة على صعيد المنطقة.