في خطوة مبتكرة تعزز من مكانة الإمارات كقوة رائدة في مجال التكنولوجيا الحديثة، أطلقت شركة «عنان» طائرة الشحن دون طيار «ركاز»، التي تمثّل نقلة نوعية في عالم النقل الجوي، هذه الطائرة التي تتميز بقدرتها على الإقلاع والهبوط العمودي (VTOL)، تُعتبر من أحدث الابتكارات في مجال النقل اللوجستي، حيث تعزز فاعلية عمليات الشحن وتقلل من تأثيرها البيئي، مع تصاعد الطلب على حلول النقل الذكية والمستدامة، تُعدّ «ركاز» تجسيداً لرؤية الإمارات في تحقيق التميز في التقنيات المتقدمة ودفع حدود الابتكار في الصناعة.

تجسّد طائرة «ركاز» الأمل في تحقيق رؤية مستدامة للطيران، حيث تسهم في تحسين كفاءة التوصيل وتقليل الانبعاثات الكربونية، من خلال الجمع بين التكنولوجيا المتطورة والالتزام بالاستدامة، تُعدّ «ركاز» علامة بارزة في تاريخ الطيران دون طيار، ما يعكس التزام الإمارات بالابتكار في مختلف القطاعات.

سوق طائرات الشحن دون طيار

تشير توقعات «MarketsandMarkets» إلى أن سوق طائرات الشحن دون طيار سيصل حجمها إلى 9.4 مليار دولار أميركي، بزيادة سنوية مركبة تقارب 38.6% من 2022 إلى 2030، ويعزى هذا النمو إلى عاملين رئيسيين: الأول هو تنوع وظائف هذه الطائرات في سلاسل الإمداد لمختلف القطاعات، لا سيما العمليات العسكرية، والثاني هو قدرتها على تقليل انبعاثات الغازات الأحفورية التي تثقل كاهل قطاع النقل، والذي يسهم بنسبة كبيرة في التلوث.

على الرغم من أن الصين ما زالت الرائدة عالمياً في هذا المجال، فإن سوق الطائرات دون طيار تشهد دخول لاعبين جدد مثل الإمارات، وخاصة دبي، التي أعلنت مؤخراً نجاح تجارب طائرة «ركاز»، وهي طائرة شحن ثقيل دون طيار ذات إقلاع وهبوط عمودي (VTOL).

عنان شريك استراتيجي

أوضح أورلك ويكس، المدير التنفيذي لشركة «عنان»، في تصريح لـ(CNN الاقتصادية)، أن الشركة قد أتمت بنجاح اختبارات تقييم أنظمة التحكم في الطيران الآلي والملاحة والاتصال، وكذلك قدرات الطائرة التقنية من حيث الوزن المحمل والتشغيل، وأشار إلى أن الشركة تحتاج إلى قرابة السنتين لإكمال مرحلة اختبار حالات الاستخدام بالتعاون مع السلطات المنظمة للطيران في دبي والإمارات، بهدف وضع خارطة طريق للحصول على الترخيص النهائي وفقاً لإجراءات الأمن والسلامة المطلوبة للطيران في المدن الحضرية.

وأضاف ويكس أن شركة «عنان» تميزت بتوطين التكنولوجيا في الإمارات والخليج، ما يعزز من أسواق تقنيات التنقل المتقدمة ويستجيب للطلب المتزايد على حلول طائرات الشحن من دون طيار، خاصة مع النمو المتسارع في التنوع الاقتصادي وقطاع التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط، وأوضح أن الشركة تعتمد على شركائها من أوروبا وأميركا لجذب التكنولوجيا إلى الشرق الأوسط، والمساهمة في عجلة التنوع الاقتصادي بالمنطقة.

وأشار ويكس إلى أن النجاح في الاختبارات يُعدّ إنجازاً استثنائياً يتماشى مع رؤية الإمارات كمدينة ذكية ومبتكرة، ويعزز تطبيقات الاستدامة عبر استخدام تقنيات النقل المتطورة، فطائرة «ركاز» -التي أثبتت كفاءتها في نقل حمولة تتراوح بين 50-200 كيلوغرام وبسرعة 60 كم في الساعة لمسافة تصل إلى 30 كيلومتراً- تُعد من الطائرات عديمة الانبعاثات.

أثر الاستدامة والمنفعة الاقتصادية

تُظهر الدراسات أن الطائرات من دون طيار المستخدمة في توصيل البضائع تسهم بشكل كبير في تقليل استهلاك الطاقة وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري مقارنة بطرق التوصيل التقليدية، وفق دراسة نشرتها جامعة كارنيجي ميلون، تستهلك الطائرات الصغيرة من دون طيار نحو 94% طاقة أقل مقارنة بالشاحنات التي تعمل بالديزل، وتقلل نسبة الانبعاثات بنحو 54% مقارنة بالشاحنات.

على الرغم من أن كفاءة الاستدامة تعتمد على مصدر الكهرباء المستخدم في شحن الطائرات، فإنها تُعدّ من حلول الطاقة النظيفة الواعدة للنقل السريع للبضائع الخفيفة، وأوضح ويكس أن الانتقال من العرض التوضيحي إلى التنفيذ الكامل يتطلب وقتاً، نظراً للتحديات المتعلقة بالأمن والسلامة، وأضاف أن الشركة تتطلع إلى الخليج وإفريقيا وجنوب شرق آسيا، حيث تسعى إلى تطوير مشاريع تجريبية، مثل توصيل الأدوية في إفريقيا والتسليم في المناطق الجبلية في الهند، والتسليم القصير في الإمارات.

وختاماً، لفت ويكس إلى أن هذه الوسائل ستسهم في تقليل التكلفة وكفاءة التسليم وتقليل معدل الحوادث والازدحام، بالإضافة إلى توفير فرص عمل في مجالات البحث والتطوير والتصنيع والصيانة، ما يعزز من تطوير التعليم والتكنولوجيا في المنطقة.