الفن لا يتعلق بالاستثمار فقط بل بمدى استمتاعنا بالحياة.. فالثقافة هي أصول عاطفية وعائداتها تنعكس بالاستمتاع بالفن الذي يحسّن من نوعية الحياة بشكل كبير.. وفتح عالم جديد من الإمكانات.. بهذه العبارات وصف الرئيس التنفيذي لسوذبيز الشرق الأوسط إدوارد جيبز لـ(CNN الاقتصادية) الإرث الثقافي لدار المزادات العريقة «سوذبيز» والذي يرقى لأكثر من 280 عاماً.
وفي السنوات الأخيرة شهدت دول مجلس التعاون اهتماماً ملحوظاً في الاستثمارات الثقافية حيث لعبت سوذبيز دوراً محورياً في هذا التحول.
كانت القابضة أيه دي كيوِ ADQ قد أبرمت في أغسطس آب الماضي اتفاقية شراكة مع دار سوذبيز العالمية، تستحوذ القابضة بموجبها على حصة أقلية في الدار بقيمة استثمار إجمالية وصلت إلى مليار دولار؛ وذلك بهدف مساعدة الدار على خفض ديونها ودعم نمو الشركة وخططها للتوسع والابتكار بحيث تعتبر أصول سوذبيز من الأصول الاستراتيجية التي تدعم سياسة التنويع الاقتصادي لإمارة أبوظبي.
ومن المتوقع قبل نهاية هذا العام استكمال الموافقات الإدارية المطلوبة كافة ليظل رجل الأعمال الفرنسي باتريك دراهي، الذي استحوذ على دار «سوذبيز» عام 2019 مالكاً لحصة الأغلبية.
دور متنامٍ
واعتبر حيبز أن السوق في الإمارات ومنطقة الخليج عامة لا تزال أسواقاً واعدة وأن الاتجاه الرئيسي الذي يتم رصده حالياً في المنطقة هو إنشاء المتاحف وبناء نظام بيئي متكامل، بما في ذلك البنى التحتية والمعارض التجارية.
ورجّح أن تكون أولويات الدار حالياً قائمة على التثقيف والتعليم، معتبراً أن التعليم هو العنصر المفقود في حلقة المعادلة، وأن المحفز الرئيسي لنهضة النظام البيئي هو التعلم.
وشرح جيبز أن الأعمال التي قامت الدار بتطويرها في دبي تهدف إلى الوصول إلى جمهور أوسع، وإنشاء جامعين جدد وإشراك فئة سكانية شابة وجلب العائلات.
ورغم عدم قيام معرض سوذبيز في دبي بأي مزادات مباشرة في المنطقة بعد، إلّا أنه ومنذ افتتاح معرض دبي في عام 2017، قدم فريق العمل مجموعة من العناصر الفنية الفاخرة ذات المستوى العالمي ليراها الجمهور ويختبرها. وتنوعت هذه المجموعات بين الفن العربي ولوحات فنية قديمة رئيسية مثل رامبرانت وروبنز وبوتيتشيلي، وأعمال الفن المعاصر والانطباعي الرئيسية لأسماء مثل بيكاسو ووارهول، والأحجار الكريمة والساعات الرئيسية، وحقائب اليد، والأحذية الرياضية بما في ذلك الأحذية الرياضية التي يرتديها مايكل جوردان.
وينصب اهتمام الدار حالياً على ورش العمل والمحادثات ونشر الوعي حول الفن من خلال الدورات التدريبية والبرامج التعليمية ومعارض الفنون ومزادات المجوهرات من أجل نشر ثقافة الفن عبر شبكة واسعة من الشراكات البارزة.
القفزة النوعية: المتاحف
وتستمد سوذبيز أهميتها في المنطقة ليس فقط بسبب تقديمها الاستشارات والخبرات في كيفية بناء أسواق الفن في الأسواق الناشئة، بل بسبب عراقتها وعلامتها التجارية التي تعزز الطلب المتزايد والاستثمار في المشهد الثقافي للمنطقة وتغطية إعلامية كبيرة في الأسواق العالمية تؤكد الطموحات الثقافية للمنطقة.
وفي هذا السياق أفاد جيبز بأن سوذبيز لعبت دوراً محورياً في تقديم أعمال فنية متميزة للمتاحف الجديدة في المنطقة إلى جانب البرامج والمبادرات التي يتخذها معرض دبي لنشر الوعي والثقافة.
وتستفيد المتاحف من خبرات سوذبيز في اقتناء الفن وتصميم المعارض للحصول على الأعمال الفنية والقطع الأثرية كمتحف اللوفر في أبوظبي ومتحف المستقبل في دبي.
وكانت الإمارات قد رصدت أكثر من 30 مليار دولار من المشاريع الثقافية كمتحف اللوفر وغوغنهام في أبوظبي، مع التركيز على أن تصبح مركزاً ثقافياً عالمياً مع العديد من المتاحف المقرر افتتاحها بحلول عام 2025 مدعومة بفوز دبي لاستضافة وتنظيم المؤتمر السابع والعشرين للمجلس الدولي للمتاحف (آيكوم) لعام 2025 في دبي.
وخصصت المملكة ضمن رؤية 2030 نحو 20 مليار دولار لمشاريع الثقافة بما في ذلك تطوير متحف الدرعية والمتحف السعودي للعلوم والتكنولوجيا، أما قطر فستثمر نحو 10 مليارات دولار في قطاع الثقافة مع مشاريع مهمة مثل المتحف الوطني القطري ومتحف الأولمبي والرياضي القطري.
ويعكس انخراط سوذبيز في اتجاه المتاحف في دول الخليج نهضة ثقافية أوسع للمنطقة، ومع استمرار التدفقات الاستثمارية وتعميق التعاون ستلعب المتاحف دوراً متكاملاً في تشكيل الهوية الثقافية وتعزيز المكانة على الخريطة العالمية.