خُصِّص جزء في بلازا مهرجان الجونة لشركات الإنتاج السينمائي، ويجمع هذا الحيز مجموعة من المنتجين والمخرجين العرب جاؤوا من مصر والأراضي الفلسطينية والسودان واليمن وبلدان عربية أخرى، أغلبهم يبحث عن فرصة أو سيناريو أو مشروع فيلم روائي أو تسجيلي للعمل عليه.
وبحسب المنتجة المصرية والمدير الفني لمهرجان الجونة السينمائي، مريان خوري فإن المخرجين ينقسمون إلى ثلاث فئات رئيسية: مخرجو الأفلام التجارية التي تجذب الشريحة العريضة من الجماهير، ومخرجو السينما المستقلة، ثم فئة ثالثة تضم مخرجين يحاولون إيجاد المعادلة الصعبة بحسب خوري للخروج بأفلام عالية فنياً، وفي الوقت نفسه تجذب شريحة كبيرة من الجمهور.
يرى المخرج المصري أمير رمسيس أن «الحصول على التمويل لم يعد صعباً بفضل توافر إمكانات الإنتاج المشترك، إذ لم يعد حكراً على شريحة معينة من المنتجين مثلما كان الحال في عقد تسعينيات القرن الماضي والعشر سنوات الأولى من الألفية، وأصبح سهلاً الحصول على منح إنتاج من هذا المورد».
شهد مهرجان الجونة السينمائي في يومه الثالث عرض الفيلم المصري «رفعت عيني السما» الذي يصنفه صانعوه فيلماً تسجيلياً طويلاً، وأكثر شيء مثير للاهتمام في الفيلم الذي كان يعرض في مصر بشكل علني للمرة الأولى هو حجم مؤسسات التمويل الكبيرة وشركاء الإنتاج الذين أسهموا في تنفيذ الفيلم، والذي يتجاوز عشر مؤسسات وصناديق تمويل ظهرت شعاراتها جميعاً في نهاية الفيلم، ويحكي الفيلم قصة مجموعة من الفتيات المصريات يقمن بأداء فصول مسرحية في شوارع قريتهم الصغيرة في صعيد مصر ويعرضن من خلالها تحدياتهن الاجتماعية.
وحصل الفيلم على جائزة خاصة من مهرجان كان السينمائي في فرنسا في دورته الماضية.
ولفتت خوري في لقائها مع CNN الاقتصادية النظر إلى المصاعب التي تنتج عن الدخول في عمليات إنتاج مشترك، إذ تفرض الجهة المانحة على المخرج على سبيل المثال العمل مع فريق تصوير بعينه من دولة ما، فيضطر المخرج للقبول مقابل الحصول على التمويل، وتضيف المنتجة المصرية أن المسألة تقع في يد المخرج فعليه أن يختار العمل دون مشاركة صناديق الدعم والتكيف مع مصاعب الإنتاج بمبلغ صغير، أو العمل على تنفيذ فيلمه بميزانية كبيرة مع القبول بشروط الجهة المانحة.
ويرى رمسيس أن التحدي الأكبر يكمن«في اعتماد أغلب المخرجين على صناديق الدعم وتعاني أسواق السينما في العالم العربي تعاني من غياب منظومة تجارية تحمي الصناعة وتضمن استمرارها، وذهب رمسيس إلى تساؤل كبير: هل يستطيع المخرج تقديم الفيلم الذي يريده بحرية أم أنه يقع تحت رغبة وأجندة صندوق الدعم الذي يوفر التمويل له؟ مساحة الحرية هي التحدي الأهم»، ويضيف رمسيس أن «المشكلة تتكرر بصورة مختلفة في الدول التي ينتشر فيها نظام سينمائي تجاري، حيث إنه يفرض كذلك قواعده».
لا تخرج كذلك منصات المشاهدة من المعادلة المالية، إذ يعيب المنتجون على المنصات شراء حقوق بث أفلامهم بنحو 60 في المئة من قيمة الإنتاج.
ولكن رمسيس لا يتفق معهم فهو يرى أن الدورة الطبيعية لمشاهدة الفيلم يجب أن تبدأ من صالات العرض ثم المنصات ثم البث التلفزيوني، ولا يجب أن تدفع المنصات بدفع تكلفة الإنتاج بالكامل.
ويستخدم منتجو الأفلام غير التجارية جوائز المهرجانات لتمويل مشروعات أفلامهم التالية، وهو ما يتسبب في استمرار متابعة السينمائيين وأفلامهم مهرجانات السينما بغرض حصد الجوائز ما يتسبب في أحيان كثيرة في عدم عرض أفلامهم داخل صالات العرض.
ويقدم مهرجان الجونة السينمائي في دورته الحالية جوائز لصانعي الأفلام الفائزة يبلغ مجموعها 234 ألف دولار أميركي، كما يقدم منح تطوير مشاريع أفلام لصانعي السينما تبلغ قيمتها نحو 400 ألف دولار أميركي ضمن مشروع سيني جونة لرعاية مشاريع السينمائيين، ويعد مهرجان الجونة السينمائي ضمن أهم أربعة مهرجانات الأفلام في العالم العربي، ليحل ضمن قائمة الأربعة الكبار، مهرجان مراكش في المغرب ومهرجان القاهرة السينمائي ومهرجان البحر الأحمر الذي ينظم على الضفة المقابلة من البحر في المملكة العربية السعودية.