قد تشهد الأسهم الأميركية أداءً متذبذباً خلال عام 2023، بضغط من عدة عوامل أبرزها مواصلة الاحتياطي الفيدرالي تطبيق سياساته النقدية المتشددة.
ويُخشى أن تدفع هذه السياسات المتشددة السوق إلى حالة من الركود الاقتصادي، كما قد تتسبب في تقلّص الهوامش الربحية للشركات.
جاء تراجع مؤشر «داو جونز» الصناعي بنسبة واحد في المئة تقريباً بعد بداية قوية مطلع العام الجديد، ويأتي ذلك بعد ارتفاع المؤشر الذي يقيس أداء أكبر 30 شركة صناعية أميركية بنحو 4 في المئة في منتصف يناير كانون الثاني.
ولا يزال مؤشرا «ستاندرد آند بورز 500» و«ناسداك» يحققان مكاسب قوية بنحو 4 في المئة و10 في المئة على التوالي منذ بداية العام وحتى تاريخه، لكنهما من جهة أخرى -أيضاً- حققا تراجعاً عن المستويات المسجلة قبل بضعة أسابيع فقط.
أداء الأسهم الأميركية
بدأت الأسهم الأميركية الأسبوع الماضي في المنطقة الخضراء، إذ ربح مؤشر «داو جونز» أكثر من 70 نقطة أو 0.2 في المئة، وذلك في ختام تعاملات جلسة يوم الاثنين، كما ارتفع مؤشرا «ستاندرد آند بورز 500» و«ناسداك» بنسبة 0.3 في المئة و0.6 في المئة على التوالي يوم الاثنين.
لكن الأسهم الأميركية شهدت أداءً غير جيد خلال الأسبوع الماضي بفضل ظهور المزيد من المؤشرات الدالة على عدم تراجع الضغوط التضخمية بالوتيرة التي يريدها المستثمرون والمستهلكون، وعلى الأرجح الاحتياطي الفيدرالي أيضاً.
ويراهن المتعاملون في سوق المال في الوقت الحالي على أن هناك احتمالية بنسبة 100 في المئة أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعه القادم في 21-22 مارس آذار.
كانت التوقعات في الشهر الماضي تشير إلى أن البنك المركزي قد يرفع أسعار الفائدة من 4.5 في المئة إلى 4.75 في المئة، لكن مع تفاقم المخاوف من زيادة معدلات التضخم يُرجِّح المستثمرون أن يتجه الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية الشهر المقبل بدلاً من ربع نقطة فقط.
تراجع معدلات الربحية
قد تواجه الأسهم الأميركية صعوبة في الاستمرار في الاتجاه التصاعدي في حال استمر بنك الاحتياطي الفيدرالي في تشديد سياساته النقدية، خاصةً مع تأثير رفع أسعار الفائدة سلباً على معدلات ربحية الشركات.
قال جون نوريس، العضو المنتدب في «أوكوورث كابيتال»: «لا يوجد أي حافز قد يؤدي لارتفاع سوق الأسهم في هذا المناخ الاستثماري»، مضيفاً أن المستثمرين ليست لديهم أدنى فكرة عن موعد تخلي الاحتياطي الفيدرالي عن سياساته المتشددة.
وتوقع نوريس أنه في حال استمرار التضخم في الارتفاع سيواصل الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة حتى 6 في المئة، قائلاً «التضخم سينحسر في نهاية المطاف، لكن هناك حالة من عدم اليقين حول موعد توقف الاحتياطي الفيدرالي».
ويأمل المحللون ألّا تتسبب سياسات الفيدرالي الأميركي في خلق حالة من الركود.
وقال ديفيد كيلي، كبير المحللين الاستراتيجيين في «جي بي مورغان لإدارة الأصول»، في تقرير صدر يوم الاثنين «حتى لو تجنّب الاقتصاد الركود فإن عام 2023 سيكون عاماً صعباً في ما يخص ربحية الشركات».
وأضاف «إذا كان هناك ركود فمن المُرجّح أن تنخفض الأرباح بشكل حاد» وفقاً لكيلي. ومع ذلك فإنه لا يزال متفائلاً بحذر بأن عام 2024 وما بعده سيكون أفضل للأرباح وبالتالي أسهم الشركات الأميركية.
معدلات التضخم
توقّع الخبير الاقتصادي نورييل روبيني في مقابلة مع مذيع (CNN) ريتشارد كويست، أن تواصل معدلات التضخم في الولايات المتحدة الارتفاع لتصل إلى 6 في المئة، وهو ما سيدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى مواصلة تنفيذ سياسات رفع الفائدة.
وأضاف أن محاولات خفض التضخم إلى أقل من 2 في المئة هو أمر حتمي لكن ستكون له عواقب اقتصادية حادة.
(باول آر. لا مونيكا. CNN)