حققت البورصة المصرية منذ بداية العام مكاسب كبيرة جعلتها سوق المال الأعلى ربحية عالمياً، على الرغم من مرور البلاد بوضع اقتصادي حرج يعصف به التضخم وشح الدولار الأميركي.

وبلغ حجم رأس المال السوقي للبورصة المصرية نحو تريليون جنيه في الأول من مايو أيار الحالي بينما كان نحو 720 مليار جنيه في نفس الفترة من العام السابق.

إبراهيم النمر، رئيس قسم التحليل الفني بشركة «نعيم للوساطة في الأوراق المالية»، قال في لقاء مع «CNN الاقتصادية» إنه ليس من الضروري أن ينعكس النمو الاقتصادي على تداولات البورصة، فعلى سبيل المثال، حققت بورصة الأرجنتين العام الماضي أرباحاً ناهزت 250 في المئة على الرغم من تردي المشهد الاقتصادي هناك، وهذا الصعود يعود أساساً إلى تغيير سعر الصرف، وهذا ما شهدته سوق المال المصرية منذ بداية تخفيض الجنيه في مارس من العام الماضي».

تخفيض سعر الصرف يفتح شهية أصحاب السيولة

وأضاف «يعيد مستثمرو الأسهم النظر في تسعير وتقييم ما بحوزتهم من محافظ، إثر عمليات تخفيض سعر الصرف أو تعويم العملة، لتقليل الفجوة بين سعر السهم في السوق وسعر الجنيه مقابل الدولار».

ويلفت النمر إلى «أن الأسهم الدولارية المدرجة في البورصة المصرية لم تشهد ارتفاعا، فسهم الشركة المصرية الكويتية القابضة المدرج بالدولار شهد انخفاضاً، بينما شهد سهم الشركة المدرج بالجنيه ارتفاعاً في السعر، محققاً 49 جنيه بينما كان سعره نحو 19 جنيهاً قبل تخفيض قيمة الجنيه».

ومن ناحيتها، قالت عصمت ياسين، مديرة التداول بشركة «أصول للوساطة» في الأوراق المالية، في اتصال مع «CNN الاقتصادية» إن تغيير سعر الصرف وإعادة التقييم يساعد على تحقيق نتائج أعمال قوية تؤدي بدورها إلى فتح شهية المستثمرين للتداول، وبالتالي توفير السيولة من قبل المستثمرين المصريين أو الأجانب العرب أو الأجانب من غير العرب».

وتشير استثمارات المتداولين العرب في البورصة المصرية خلال الربع الأول من العام الحالي إلى تطورات كبيرة تعكس تغيير سعر الصرف، إذ بلغ محصلة تعاملاتهم صافي شراء بلغ نحو 1.5 مليار جنيه، بينما تخطت تداولاتهم 600 مليون جنيه في الربع السابق المنتهي في 31 ديسمبر كانون الأول 2022.

التحوط بالبورصة للحفاظ على قيمة المال

وتعد الأسهم وعاءً استثمارياً، يتحوط المستثمرون من خلاله من تدني قيمة الجنيه، خاصةً وأن القيمة الحقيقية للورقة الخضراء في مصر يصعب تقدير قيمتها العادلة، كما أن التحوط بالذهب أصبح غير مأمون بسبب المضاربات التي أدت إلى ارتفاع سعر جرام الذهب بشكل مبالغ فيه في السوق المصرية بنحو 30 في المئة أعلى من السعر العالمي.

ويضيف النمر أن «البورصة هي أحد وسائل الناس للتحوط ضد القيمة الشرائية لأموالها، ومع كل محطة من محطات تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار تشهد سوق المال في مصر إقبالاً من متعاملين جدد، وزيادة في أحجام التداول، في ظل سعي الأفراد لطرق تحمي مدخراتهم للتحوط ضد تدهور الجنيه».

ومن المتوقع أن تستمر البورصة المصرية في تحقيق مكاسب بسبب تحريك سعر الصرف» بحسب توقعات ياسين، فالمتداولون ينتظرون المزيد من هذه المكاسب مع التعويم المقبل للجنيه أو تخفيض قيمته، كما هي توقعات السوق.

وتفوّق مؤشر البورصة المصرية الرئيسي «إي جي اكس 30» على جميع الأسواق العالمية والعربية على حد سواء، لجهة حصد المكاسب منذ بداية العام الجاري 2023.

فقد أظهرت إحصاءات أجرتها «CNNالاقتصادية» للفترة الممتدة بين بداية يناير كانون الثاني و19 أبريل نيسان الجاري، ارتفاع المؤشر المصري بنسبة 20.8 في المئة، متفوقاً على ثاني أكبر الرابحين عالمياً، مؤشر «كاك 40» الفرنسي الصاعد حوالي 5.5 في المئة، ثم مؤشر «ناسداك» الأميركي بارتفاع قدره 16.12 في المئة منذ بداية العام.