من فان جوخ وكلود مونيه وبول سيزان، آباء الفن الانطباعي، إلى بابلو بيكاسو رائد الفن التشكيلي وبعده عصر الحداثة الذي تجلى بالفن المعاصر، آلاف الأعمال الفنية التي تركها هؤلاء كإرثٍ لم ينالوا منه للأسف ما يكفيهم قوت يومهم، أما اليوم فتُباع أعمالهم بملايين الدولارات.
فمن المزادات العامة والخاصة، إلى ظهور البيع عبر الإنترنت والأعمال الرقمية مؤخراً، وصل سوق الفن العالمي إلى ذروته من حيث المبيعات في عام 2014، ثم اقترب من مستوياته تلك في 2022، لكنه العام الماضي شهد انخفاضاً نسبته 4 في المئة، وهو أدنى مستوى له في ثلاث سنوات عند 65 مليار دولار، في الوقت الذي أدت فيه ظروف الاقتصاد الكلي والتوترات الجيوسياسية إلى تباطؤ النشاط، وفقاً لتقرير صدر عن بنك «يو بي إس»، وشركة «آرت باسيل».
الأثرياء غير محصنين ضد التغيرات الاقتصادية
كشف التقرير الذي يتتبع سوق الفن العالمي أن الأثرياء ليسوا محصنين من التغيرات المالية أو الاجتماعية أو السياسية المدمرة، وهذا تمثل في كون أكبر انخفاض على الطلب طال الأعمال الفنية التي تجاوزت قيمتها عشرة ملايين دولار، وانخفضت مبيعات المزادات العامة بنسبة 7 في المئة لتصل إلى 25.1 مليار دولار.
كما أبلغ أكبر تجار القطاع الخاص، الذين يبلغ حجم مبيعاتهم السنوية أكثر من 10 ملايين دولار، عن انخفاض متوسط في المبيعات بنسبة 7 في المئة، استناداً إلى استطلاع «ماكندرو» الذي شمل أكثر من 1600 معرض.
لكن من جهة أخرى، أبلغ التجار الذين تقل مبيعاتهم عن 500 ألف دولار عن أكبر زيادة في المبيعات ناهزت 11 في المئة مدعومة بعمليات البيع عبر الإنترنت.
الولايات المتحدة أكبر سوق للمبيعات
حافظت الولايات المتحدة على مكانتها الرائدة في سوق الفن العالمي، إذ استحوذت على 42 في المئة من المبيعات، بينما حلت الصين كثاني أكبر سوق للأعمال الفنية بحصة 19 في المئة، تلتها المملكة المتحدة بحصة 17 في المئة وبعدها فرنسا بنسبة 7 في المئة.
وشهدت مبيعات الفن الحديث مزيداً من التباطؤ عام 2023، وكذلك الفن الانطباعي وما بعد الانطباعي بعد أقوى أداء لها في مزادات عام 2022.
لكن رغم ريادتها، لا يزال إجمالي المبيعات في الولايات المتحدة يمثل انخفاضاً بنسبة 10 في المئة على أساس سنوي، إذ تم بيع الأعمال الأعلى قيمة في نيويورك ولندن.
وذكر التقرير أن القوة النسبية للصين كانت في الغالب نتيجة للمبيعات المتراكمة التي تم تأجيلها بسبب قيود كورونا في حين أظهرت البيانات الصادرة عن جمعية المزادات الصينية المستخدمة في التقرير أن 54 في المئة فقط من قيمة البضائع المباعة في عام 2022 تمت تسويتها بالكامل بحلول مايو أيار 2023.
سوق الرموز غير القابلة للاستبدال لم تتعافَ
نمت المبيعات العالمية عبر الإنترنت في عام 2023 بزيادة قدرها 7 ف المئة على أساس سنوي لتصل إلى نحو 11.8 مليار دولار، لكن هذا الرقم منخفض قياساً بذروتها في عام 2021 البالغة 13.3 مليار دولار.
وفيما يخص الرموز غير القابلة للاستبدال تحديداً، استمر الاتجاه الهبوطي في مبيعات إن إف تي في عام 2023 حيث انخفضت إلى 1.2 مليار دولار، ما يمثل هبوطاً بنسبة 51 في المئة على أساس سنوي.
والخلاصة هي أنه على الرغم من هذا الانخفاض الكلي للسوق قياساً بالعام الماضي، فإن التقرير قد لفت إلى تفاؤل عام في السوق لدى التجار، الذين توقع 39 في المئة منهم زيادة في مبيعات المعارض الفنية عام 2024، و46 في المئة توقعوا عاماً مستقراً في المستقبل، فيما رجح 14 في المئة فقط انخفاضاً في المبيعات مع نظرة سلبية للعام الجاري.