الولايات المتحدة قاب قوسين أو أدنى من مرحلة ركود تضخمي، وتخفيض الفائدة حتى بمقدار 50 نقطة أساس قد لا ينقذ أميركا لاحقاً من الركود الاقتصادي حسب ما قال مازن سلهب، كبير استراتيجيي الأسواق في «بي دي سويس» لـ«CNN الاقتصادية».
من جهته، قال جورج خوري، رئيس قسم الأبحاث والتعليم في «سي إف آي»، إن ما حدث كان متوقعاً، حتى إنه تأخر وكان مرجّحاً حصوله قبل عام من اليوم.
هذا الكلام من الخبراء جاء بعد يوم بالغ القسوة على الأسواق، إذ استيقظ المتداولون اليوم على هبوط جماعي اكتست فيه أسواق المال باللون الأحمر حاصدة خسائر بالمليارات للقطاعات كافة، باستثناء الملاذات الآمنة وأهمها الذهب، الذي افتتح الاثنين على قفزة تجاوزت 12 في المئة وسجّل مستوى قياسياً عند 2458 دولاراً للأونصة.
من جهة أخرى، ارتفعت عملات الملاذ الآمن مثل الين والفرنك السويسري، فيما شهدت العملات المشفرة التي تعتبر أكثر الأصول مخاطرة أسوأ يوم لها منذ 2021، بخسارة تجاوزت 370 مليار دولار في يوم واحد.
هذه أسباب هبوط الأسواق
سببان رئيسيان وراء هبوط الأسواق العالمية اليوم، أولهما وصول أسعار الأسهم إلى مستويات قياسية تقترب من كونها فقاعة، وثانيهما، موجة البيع الواسعة للمستثمرين اليابانيين الذين استفادوا من أسعار الفائدة المنخفضة لديهم لشراء أسهم أميركية، حسب ما قال مازن سلهب إن التراجع الجماعي «لم يكن مفاجئاً»، وستبدأ الأسواق بمرحلة تراجع قد تدفع الكثير من الأسهم إلى التراجع، واصفاً ما حدث بالقول «شهر العسل للأسواق انتهى».
وأضاف أن تخفيض الفائدة «لن يكون كافياً» حتى ولو حصل بنصف نقطة مئوية، مشيراً إلى أن الأشهر القادمة ستكون «قاسية» على الأسواق خصوصاً وأن الولايات المتحدة قاب قوسين أو أدنى من مرحلة «ركود انكماشي».
من جهته، قال جورج خوري، إن الهبوط بالأسواق الأميركية الذي انعكس على أسواق العالم كافة كان متوقعاً منذ عام تقريباً، لكنه تأخر بسبب الزخم الصاعد للأسهم والسيولة المفرطة وخصوصاً في مجال الذكاء الاصطناعي والاستثمارات بأبرز شركاته مثل إنفيديا وغيرها، مشيراً إلى أن هذه السوق شهدت فقاعة.
وأضاف أن ما أنقذ الولايات المتحدة من الركود هو الزخم وضخ الأموال الذي جاء بشكلٍ رئيسي من مدخرات الأميركيين.
ماذا عن التأثيرات الجيوسياسية؟
قال محمد الغباري، الرئيس التنفيذي للأكاديمية الاقتصادية في دبي، في حديث لـ«CNN الاقتصادية» إن الهبوط الجماعي يعود كذلك لعوامل جماعية من مخاطر جيوسياسية ومخاطر اقتصادية، وكما نعلم أن المخاطر الجيوسياسية نتيجة تزايد المخاوف من اتساع الصراع بين إسرائيل وغزة وخاصة بعد دخول عدة أطراف في الصراع والذي قد يؤدي إلى تصاعد وتزايد الصراع وعدم إمكانية إخمادها.
أما في المقابل في ما يخص المخاطر الاقتصادية فلها عدة أسباب أبرزها أن الفيدرالي الأميركي يحارب التضخم من خلال إحداث الركود الناعم ولكن الأسواق تزايدت مخاوفها من أن يكون هذا الركود أعمق من أن يكون ناعماً بسبب طول الفترة الزمنية ببقاء معدلات الفائدة عند مستويات مرتفعة، وبدأ يتزايد اليقين بأن الاقتصاد العالمي مقبل على ركود شديد بعد صدور أرقام الوظائف الأخيرة للاقتصاد الأميركي والذي أظهر تباطؤاً شديداً في سوق العمل بأرقام أقل بكثير من المتوقع.
وأَضاف أنه لذلك بعض البنوك العالمية بدأت تتوقع أن الفيدرالي سيقوم بإجراء ثلاثة تخفيضات لهذا العام للثلاثة اجتماعات المتبقية لهذا العام على أن أول خفض للفائدة قد يكون في اجتماع سبتمبر أيلول بمقدار 50 نقطة أساس، كما أن بنك أوف أميركا عدّل توقعاته لموعد خفض الفائدة الأميركية من ديسمبر إلى سبتمبر المقبل.
خسائر الأسهم اليابانية تتجاوز «الاثنين الأسود»
هبطت أسواق الأسهم اليابانية في بداية تداولات الاثنين لتتجاوز خسائرها تلك التي تكبدتها في «الاثنين الأسود» عام 1987، حيث دفعت المخاوف من الركود في الولايات المتحدة المستثمرين إلى العدول عن المخاطرة مع المراهنة على أن خفض أسعار الفائدة سيكون ضرورياً لإنقاذ الاقتصاد من الركود وهو ما لم يفعله الاحتياطي الفيدرالي.
وقد أغلق مؤشر «نيكي 225» القياسي الياباني منخفضاً بنسبة 12.4 في المئة وهو أكبر انخفاض له في يوم واحد منذ أكتوبر 1987، في حين خسر مؤشر توبكس الأوسع ما نسبته 12.4 في المئة.
أوروبا عند أدنى مستوياتها في 6 أشهر
هبطت الأسهم الأوروبية إلى أدنى مستوياتها في ستة أشهر تقريباً في بداية تداولات الأسبوع وسط موجة بيع عالمية للأسهم وسط مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.
فقد انخفض مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 3.1 في المئة صباحاً ثم ارتد إلى تراجع قدره 2.2 في المئة لحظة إعداد التقرير، مسجلاً أدنى مستوى له منذ 13 فبراير شباط الماضي، كما يتجه المؤشر القياسي إلى أسوأ أداء يومي له في عامين ونصف.
وفي النتيجة، تضررت القطاعات المالية أكثر من غيرها، إذ خسرت أسهم البنوك ما نسبته 4.2 في المئة، وخسرت أسهم الخدمات المالية 3.6 في المئة، بينما تراجعت أسهم قطاع التكنولوجيا 5 في المئة.
هبوط حاد للأسواق العربية
هبط مؤشر سوق دبي المالي بنسبة 4.16 في المئة إلى 4060 نقطة لحظة إعداد التقرير، في ما تراجع مؤشر سوق أبو ظبي المالي بنسبة 2.7 في المئة إلى 9039 نقطة.
وانخفض مؤشر بورصة قطر بنحو 2.6 في المئة إلى 9792 نقطة، كما هبط مؤشر بورصة الكويت الرئيسي بأكثر من 1.4 في المئة، فيما شهد مؤشر بورصة البحرين الرئيسي تراجعاً قدره 1.04 في المئة.
كذلك هوى المؤشر العام للسوق السعودية «تاسي» بنسبة 2.96 في المئة إلى 11405 نقاط، وسط انخفاض عدد من الأسهم القيادية منها أرامكو التي تراجعت 0.74 في المئة والمصافي التي تراجعت بنحو 5.8 في المئة.
أما البورصة المصرية فقد خسر مؤشرها الرئيسي «إيجي إكس 30» ما نسبته 3 في المئة وسط خسائر جماعية كان أبرزها قطاع الرعاية الصحية الذي تراجع 4.2 في المئة يليه قطاع الصناعة بنسبة 4.08 في المئة.