منذ زمن أجدادنا، وصولاً لآبائنا والأبناء الآن.. استثمار المعادن كان الطريقة الأمثل لحفظ الأموال المدخرة وربما جني بعض الأرباح منها.

وعلى الرغم من أن الذهب هو المعدن الأكثر شيوعاً بين الأجيال، فإن الفضة تبرز اليوم وخصوصاً وسط تزايد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، أكثر من الذهب كوسيلة للاستثمار الآمن وجني الأرباح متوسطة أو طويلة الأجل. فهل فعلاً تعتبر الفضة استثمارا مربحاً؟ وما هي الطرق الأكثر شيوعاً للاستثمار بها؟

ما أهمية الفضة؟

نحو 50 في المئة من الفضة الموجودة في العالم اليوم يتم استخدامها بشكل أساسي لا غنى عنه في الصناعات الثقيلة والتكنولوجيا المتقدمة، إضافة إلى دورها المتنامي في القطاع الطبي من جهة، وكذلك في السيارات الكهربائية التي باتت من أهم أشكال التحول الأخضر في العالم، وكذلك الألواح الشمسية التي تسعى الدول لدعم استخدامها كبديل للطاقة التقليدية كثيرة التلويث، عدا عن أهميتها الفائقة للمفاعلات النووية والعديد من المنتجات والتطبيقات الصناعية الأخرى.

لذا، في الفترة التي يرجح فيها المحللون توجه الاقتصاد العالمي وخصوصاً القطاع الصناعي نحو النمو، تبرز الفضة كأكبر الأصول استفادة من هذا النشاط، وهو الأمر الذي يدعم أسعارها، تماماً كما حصل عام 2014 حين بلغت أونصة الفضة نحو 49 دولاراً.

كيف يتم الاستثمار بالفضة؟

أولاً، على كل مستثمر أن يحدد هامش المخاطرة الذي يستطيع تحمله.

لذلك، سنبدأ بالطرق الأكثر أماناً والأقل مخاطرة، وهو شراء سبائك الفضة، وتخزينها انتظاراً لارتفاع قيمتها وجني الأرباح من الفروقات لاحقاً.

ثانياً، في حال كنت من الأشخاص الذين لا يودون الاحتفاظ مادياً بسبائك الفضة وتحمل مسؤولية تخزينها، يمكنك الاستثمار بأحد صناديق الاستثمار المتداولة التي تعطيك عوائد تتماشى مع أسعار الفضة بعد خصم نسبة العمولة المتفق عليها مسبقاً، وهذا يعتبر استثماراً منخفض المخاطرة.

هل فقد الذهب بريقه كملاذ للمستثمرين ؟

الخطر الوحيد يكمن في تخزين السبائك وتحمل مسؤولية حفظها بمكان آمن.

ثالثاً، وأيضاً لأولئك الذين يفضلون عدم امتلاك السبائك المادية، بإمكانهم شراء أسهم في الصناديق المتداولة للفضة المدرجة في البورصات العالمية، وأشهرها «آي شيرز سيلفر تراست» و«غلوبال إكس سيلفر ماينرز للتعدين»، وهي وسيلة مخاطرها قليلة تتيح لك التعرض لأنواع مختلفة من المعادن مع مخاطر أقل مقارنةً بامتلاك أسهم في شركة معينة.

رابعاً، في حال تود رفع نسبة المخاطرة قليلاً، بإمكانك شراء أسهم الشركات التي تعمل في تعدين الفضة، هنا يمكنك الاستفادة بالأرباح ليس فقط من ارتفاع سوق الفضة، بل أيضاً من ارتفاع السهم إثر زيادة أرباح شركات التعدين بوتيرة أسرع من زيادة سعر الفضة، على شرط التنبه إلى أن العكس قد يحدث أيضاً.

الخطر هنا يكمن في حال هبوط سعر الفضة التي تعتبر كثيرة التقلبات، أو ربما هبوط أسهم الشركة التي استثمرت بها.

توقعات أسعار الفضة في 2024 و2025

تشير بيانات «ريفينيتيف» إلى أن معدل أسعار الفضة في الربع الرابع من العام الجاري، قد يتراوح ما بين 26 دولاراً للأونصة كحد أدنى، مقابل 31 دولاراً كحد أقصى.

ومن المتوقع أن يصل الطلب العالمي على الفضة إلى 1.2 مليار أوقية في نهاية عام 2024، وهو ما يمثل ثاني أعلى مستوى على الإطلاق، حسب ما ذكر تقرير نشره معهد الفضة في فبراير شباط الماضي.

أما في نهاية عام 2025، فتشير التوقعات إلى أن سعر أونصة الفضة قد يقفز إلى نحو 47.7 دولار للأونصة كحد أقصى مقابل 24.6 كحد أدنى، ومتوسط سعر يبلغ 31 دولاراً.

وفي تحليل بيانات خاص لـ«CNNالاقتصادية» تبيّن لنا أن أسعار الفضة شهدت ارتفاعاً بنسبة 38.4 في المئة في سنة واحدة، وبنسبة 80 في المئة خلال 5 سنوات، و341.7 في المئة خلال العشرين عاماً الماضية.

علام يعول مستثمرو الفضة؟

يتم تداول أونصة الفضة اليوم بين 29 و32 دولاراً، وهو سعر يتمتع بهامش أرباح مرتفع قياساً بالقمم التي بلغتها الفضة عام 2014، عند تسجيلها نحو 49 دولاراً.

أي ببساطة، استثمارك بالفضة مبلغاً يوازي سعر أونصة واحدة من الذهب اليوم، قد يعطيك نحو أربعة أضعاف الأرباح التي قد تجنيها من الذهب في حال بلوغ المعدنين قممهما المتوقعة خلال العام المقبل.

في خلاصة الأمر، نؤكد أن هذا التقرير يعتبر تحليلاً للبيانات المتاحة في السوق، وليس نصيحة استثمارية أو تشجيعاً للشراء، فلكل مستثمر نظرته الخاصة وطريقته الخاصة في التداول.