في مقابلة خاصة مع CNN الاقتصادية على هامش مشاركته في قمة إيكونومي ميدل إيست التي عُقدت في العاصمة الإماراتية أبوظبي، حذّر الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030، من أن العالم يبتعد بشكلٍ مقلق عن المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع اقتراب عام 2030، وهو الموعد النهائي الذي تم تحديده عند إطلاق الأجندة عام 2015.
وقال محيي الدين إن الأرقام الصادرة مؤخراً عن الأمم المتحدة تعكس واقعاً صعباً، حيث لم يتحقق سوى 15 في المئة فقط من الأهداف وهي تسير في الاتجاه المطلوب، في حين أن 75 في المئة منها منحرفة عن المسار، و65 في المئة أصبحت أوضاعها أسوأ مما كانت عليه عند انطلاق المبادرة، وأوضح أن هذا لا يعني أن الأمور سيئة في الدول كافة، فهناك تجارب ناجحة مثل الصين والهند ودول أوروبية واسكندنافية، بالإضافة إلى بعض دول مجلس التعاون الخليجي، لكن الصورة العالمية تبقى مقلقة، خاصة في القارة الإفريقية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وشدد المبعوث الأممي على أن التمويل يبقى التحدي الأكبر أمام تحقيق الأهداف، مشيراً إلى أن الفجوة التمويلية العالمية تبلغ نحو أربعة تريليونات دولار سنوياً، وأضاف أن الدول منخفضة الدخل تحتاج إلى ما بين 12 و14 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي لتغطية احتياجات التنمية، بينما تحتاج الدول متوسطة الدخل مثل مصر والمغرب إلى تمويل إضافي يعادل خمسة إلى سبعة في المئة من ناتجها المحلي، وهي أرقام كبيرة لا يمكن الاعتماد فيها على الموازنات العامة فقط، بل تتطلب شراكات حقيقية مع القطاع الخاص المحلي والدولي.
وأشار إلى أهمية المؤتمر الدولي لتمويل التنمية، الذي سيُعقد في مدينة إشبيلية الإسبانية في الفترة من 30 يونيو إلى 3 يوليو، موضحاً أن المؤتمر سيشكل فرصة حيوية لحشد الموارد العامة والخاصة، وتفعيل الشراكات لدعم التجارة الدولية التي تواجه تحديات كبيرة، إلى جانب معالجة ملف المديونية الخارجية، حيث أصبحت خدمة الديون في العديد من الدول تفوق ما يُنفق على التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
كما تناول محيي الدين ملف التحول الرقمي، معتبراً أنه يشكّل فرصة استراتيجية للدول القادرة على الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية والطاقة المستدامة وتنمية المهارات البشرية، وقال إنه من الصعب الحديث عن تحول رقمي في بعض المناطق الإفريقية التي يعاني فيها ما بين 600 و800 مليون شخص انقطاع الكهرباء، في حين أن بعض الدول العربية تمتلك عناصر بشرية واعدة في مجالات الهندسة والتكنولوجيا والمعلومات.
أما في ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، فقد شدد محيي الدين على أهمية توظيفه بشكل متوازن وواقعي دون تهويل أو تمجيد، مؤكداً أنه يمثّل فرصة حقيقية لزيادة الكفاءة والإنتاجية وتحسين القدرة التنافسية للدول العربية، إذا استُخدِم ضمن أطر تنظيمية واضحة، كما أشار إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه التقنيات في تقليص الفجوة التنموية بين الدول، شرط توفر الإرادة السياسية والاستثمار الجاد في التعليم والبنية التحتية.
واختتم محيي الدين حديثه بالتأكيد على أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة لا يزال ممكناً، لكنه يتطلب تحركاً سريعاً وإرادة قوية من الحكومات، وتعاوناً دولياً فعّالاً، حتى لا تضيع فرصة أخرى كما حدث في الثورات الصناعية السابقة.