مع صدور تقرير صندوق النقد الدولي لتوقعات دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أجرت «CNN الاقتصادية» مقابلة مع جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، تحدث فيها عن تطورات الحرب في غزة والتي انعكست سلباً على الدول المجاورة، وفجّرت أزمة في البحر الأحمر كانت لها تداعيات على التجارة العالمية والإمدادات، وفجّرت تخوفات باندلاع حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط.
ويقول أزعور إن «عام 2024 عام تحول، وهو عام يشهد تحولات كبيرة جداً وتأثيرها على المنطقة سلبي ولو كان محدوداً»، وأكّد أن هناك ضرورة للتحوط لتخفيف أعباء تأثير الصراع في غزة.
انعكاس صراع غزة على اقتصادات المنطقة
وتابع أزعور قائلاً إن التوقعات بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا غير مؤكدة إلى حد كبير، كما أن المخاطر السلبية تعود إلى الظهور، وأضاف أن تصعيد الصراع أو انتشاره إلى خارج غزة وإسرائيل، فضلاً عن تكثيف الاضطرابات في البحر الأحمر، يمكن أن يكون له تأثير اقتصادي شديد بما في ذلك على التجارة والسياحة.
وذكر تقرير توقعات صندوق النقد الدولي أن الاستجابة السياسية للصراع في غزة ستعتمد على مدى تعرض البلدان للصراع ونقاط الضعف الموجودة مسبقاً والحيز السياسي، كما ذكر أن إدارة الأزمات والسياسات الاحترازية ستكون حاسمة عندما يكون التأثير حاداً أو عندما تكون المخاطر مرتفعة، وأنه يجب أن تظل السياسة النقدية مركزة على استقرار الأسعار، كما ينبغي تصميم السياسة المالية بما يتناسب مع احتياجات البلدان والحيز المالي المتاح.
وتابع التقرير أن الإصلاحات الهيكلية لا تزال بالغة الأهمية لتعزيز النمو وتعزيز القدرة على الصمود على المديين القريب والبعيد.
تأثير أزمة البحر الأحمر على أسعار النفط وميزانيات دول الخليج
وأضاف التقرير أن التقلبات المتزايدة المرتبطة بالصراع أدّت إلى زيادة قصيرة الأجل في أسعار النفط ولكن سرعان ما عادت الأسعار إلى ما دون مستويات ما قبل الصراع، مع الإشارة إلى أنه رغم الصدمة السلبية الناجمة عن الصراع في البحر الأحمر، لا يزال زخم النمو غير النفطي قوياً في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي هذا الإطار يقول أزعور إن أسعار النفط مرتبطة بتمديد اتفاق أوبك وأوبك + والتخفيضات الطوعية لدول الخليج وإن هذا أثّر على إعادة تقييم الدول المصدرة للنفط.
كما تابع أن ذلك انعكس على القطاع النفطي في دول الخليج في الفترة التي يشهد فيها القطاع غير النفطي انتعاشة، إذ من المتوقع أن ينمو القطاع بنحو ما بين 4 و4.5 في المئة وهو معدل جيد نسبياً على المستوى العالمي.
تداعيات صراع البحر الأحمر على سياسة أوبك خفض الإنتاج
وأكّد أزعور أن هناك عدة مصادر للعرض من داخل أوبك+ ومن خارجه وخاصة العرض المتزايد في الولايات المتحدة وغيرها من المصدرين، وأضاف أن السياسات التي ينتهجها اليوم تحالف أوبك+ ستحدد حجم العرض وسينعكس ذلك بشكل مباشر على الإيرادات النفطية نظراً لتأثيره على حجم تصدير النفط نسبةً لدول الخليج، مؤكداً أن الترقب العالمي اليوم نتيجة الحرب في غزة وأزمة البحر الأحمر ستكون له انعكاسات سلبية لكن مداها لم يتضح بعد.
انعكاس الصراع في غزة على الدول المجاورة
يؤكد التقرير أن من الممكن أن تتصاعد التوترات السياسية والاضطرابات الاجتماعية، لا سيما في ظل ارتفاع معدلات البطالة، وبالإضافة إلى التأثير السلبي على الناتج، فإن تزايد التوترات والاضطرابات يمكن أن يزيد الضغط على أرصدة المالية العامة وسط الحاجة إلى معالجة السخط الاجتماعي الأساسي وقد تدفع الاضطرابات الاجتماعية أيضاً السلطات إلى تأخير تنفيذ الإصلاح الهيكلي، وبالتالي تقليص آفاق النمو على المدى المتوسط.
وبحسب التقرير، يمكن أن يؤدي الصراع إلى تدفقات كبيرة للاجئين، إذا اتسعت رقعته، إلى أوروبا وخارجها، وينطوي هذا السيناريو على تكاليف مالية إضافية على المدى القريب بالنسبة للبلدان المضيفة ويمكن أن يخلق توترات اجتماعية، خاصة إذا زاد عدد النازحين داخلياً بشكل ملحوظ.
ونظراً لقربها، فإن البلدان المجاورة للصراع تكون أكثر عرضة لتدفقات اللاجئين المحتملة.
مصر وصندوق النقد الدولي
ويقول أزعور إنه تمت مراجعة توقعات نمو الاقتصاد المصري بنحو 0.6 في المئة ومن الممكن أن تشهد إيرادات قناة السويس والإيرادات الحكومية وتدفقات رؤوس الأموال تراجعاً، وهذا الانخفاض في التوقعات مرتبط بتطورات الفترة الأخيرة التي أدّت إلى ارتفاع مستويات الدين والتي تتطلب معالجة للحفاظ على الاستقرار من جهة وتسريع عملية النهوض الاقتصادي من جهة أخرى، ويتطلب الاقتصاد المصري أن تكون هناك مساحة أكبر لدور القطاع الخاص، كما يتطلب قدرة على توفير العملات الأجنبية وتحجيم مستويات التضخم وتحرير سعر الصرف.
موازنة لبنان الجديدة
وفي ما يتعلق بلبنان، يقول التقرير إن من المتوقع أن تظل السياحة، التي يقودها عدد كبير من المغتربين، ضعيفة، علاوة على ذلك فإن الإنتاج الزراعي، الذي يتركز في جنوب البلاد، يتأثر بشكل مباشر بالصراع، وبالتالي فمن المتوقع أن ينكمش نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بشكل أكبر مقارنة بعام 2023.
ويقول أزعور إن المحادثات بين صندوق النقد الدولي ولبنان لم تتوقف لمعالجة المشكلة المالية المزمنة ومعالجة المشكلة المصرفية المرتبطة اليوم بمستقبل لبنان الذي يحتاج إلى استثمارات وتمويل من القطاع المصرفي، وأضاف أن لبنان أيضاً بحاجة لأن يعالج الحسابات الخارجية ليكون أقل عرضة للتقلبات الاقتصادية.
السياسة المالية والنقدية في العراق
ختم أزعور بالقول إن تدفقات رؤوس الأموال إلى العراق جيدة وخاصة مع ارتفاع حجم تصدير واستقرار أسعار النفط، إنما من المفيد للاقتصاد العراقي أن يكون هناك توسيع أكبر للقطاع المالي والقطاع المصرفي من خلال تطوير أدوات للقطاع المصرفي تسهم في تحسين مستوى أداء الاقتصاد العراقي.