مع استمرار الحرب بين إسرائيل وقطاع غزة، تلقّى العالم ضربة جديدة نتيجة اضطراب الملاحة في البحر الأحمر وتزايد استهداف الحوثيين السفن المارة بخليج عدن ومنطقة باب المندب، ما دفع العديد من الشركات إلى تغيير مسارات سفنها بعيداً عن قناة السويس والبحر الأحمر.
ولجأت تلك الشركات لطرق ملاحية قديمة تتطلب وقتاً وتكلفة أكبر لنقل الشحنات لوجهاتها النهائية، ما أدّى إلى ارتفاع تكاليف التأمين ورسوم الشحنين الجوي والبري، مع زيادة الطلب عليهما كبديلين للنقل البحري، لتتحول الملاحة في البحر الأحمر إلى أزمة جديدة تُضاف لأزمات الاقتصاد العالمي.
أهمية البحر الأحمر
يعتبر البحر الأحمر واحداً من أهم طرق الملاحة في العالم؛ إذ يربط بين ثلاث قارات هي إفريقيا وآسيا وأوروبا، وتمثل قناة السويس في شماله شرياناً ملاحياً ذا أهمية استراتيجية دولية، إذ تختصر زمن مرور السفن بشكلٍ كبير، وبالتالي تختزل تكاليف الوقود والنقل.
يبلغ طول قناة السويس 192 كيلومتراً، وتمثل أهمية بالغة لتجارة النفط العالمية؛ فبحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية، تدفق نحو 9.2 مليون برميل من النفط يومياً عبر القناة في النصف الأول من عام 2023، أي ما يقرب من 9 بالمئة من إجمالي الإمدادات العالمية.
وأغلب الدول المطلة على هذا البحر دول عربية، وهي مصر والسعودية والأردن والسودان واليمن وجيبوتي والصومال، وتشكل 90 في المئة من إجمالي سواحل البحر الأحمر.
على الجانب الأوسع نطاقاً، يمر عبر البحر الأحمر 12 في المئة من التجارة العالمية البحرية، و40 في المئة من حجم التعاملات التجارية بين آسيا وأوروبا، كما يعتبر معبراً رئيسياً لصادرات النفط الخليجية إلى الأسواق العالمية.
البدائل المتاحة
قررت العديد من شركات الملاحة الكبرى الأسبوع الماضي تغيير مسارات سفنها بعيداً عن البحر الأحمر وتحويلها عبر طريق رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا، ما يزيد زمن الرحلة أسبوعاً كاملاً مع قطع مسافة إضافية تصل إلى 3500 ميل بحري، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى ارتفاع تكاليف الشحن.
كما تروّج روسيا لطريق بحر الشمال «بديلاً» لقناة السويس، وهو ممر تجاري يمتد على طول الساحل السيبيري.
أما البديل الإيراني، فهو ميناء تشابهار الذي يمثل حلقة وصل مع الهند، ويمكنه توفير بديل لنقل البضائع إلى أوروبا عبر إيران في غضون 20 يوماً مع تكاليف مخفضة.
كذلك، تطمح تركيا إلى إنجاز طريق التنمية، وهو ممر نقل يمتد من ميناء الفاو العراقي في البصرة إلى ميناء مرسين التركي، ويهدف إلى ربط الشرق بالغرب، ليكون بمثابة بديل لقناة السويس.
المشروع الآخر يتعلق بإسرائيل الطامحة لحفر قناة تربط بين البحرين المتوسط والبحر الأحمر.
لكن الواقع الذي يفرض نفسه اليوم يؤكد أن البحر الأحمر هو الممر الملاحي الأساسي الأكثر فاعلية، وأن أمن التجارة العالمية يظل رهيناً بأمنه وبما ستسفر عنه تطورات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في الأيام المقبلة.