بدأت الحكومة المصرية في إعداد مقترحات واتخاذ إجراءات لزيادة نشاط «تصدير» العقار باعتباره إحدى آليات توفير النقد الأجنبي، في ظل المبادرات العديدة التي أطلقتها مصر لحل أزمة الدولار.

المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، نادر سعد، قال إن الحكومة ناقشت ما تم اتخاذه من إجراءات من خلال اللجنة المُشكلة لدراسة آليات تصدير العقار للخارج، لتوفير النقد الأجنبي، وكذلك ما تم إعداده من مقترحات تشريعية خاصة بهذا الشأن، إذ من المقرر أن تُعرض مشروعات القوانين المقترحة على مجلس الوزراء قريباً، بما يسهم في تيسير تملك الأجانب للعقارات.

تصدير العقار مصطلح يستخدمه المسؤولون المصريون ويُطلق على عملية جذب المستثمرين الأجانب للاستثمار في الأصول العقارية المختلفة أو تملك عقار داخل الدولة بالعملة الأجنبية.

توفير النقد الأجنبي

قال طارق شكري، رئيس مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية ووكيل أول لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، إن زيادة تصدير العقارات ستسهم في توفير النقد الأجنبي لمصر، خاصة أن سوق تصدير العقارات المصرية تستحوذ على حصة منخفضة من إجمالي قيمة صادرات العقارات عالمياً البالغة ما بين 200 و250 مليار دولار سنوياً، مضيفاً «مصر حققت صادرات عقارية خلال العام الماضي، بلغت قيمتها 600 مليون جنيه من خلال استحواذ شركات عقارية على حصص في السوق المصرية، بالإضافة إلى بيع الحكومة أراضي بقيمة تصل إلى ملياري دولار للمصريين العاملين في الخارج».

تعاني مصر من أزمة نقص حاد في العملة الصعبة أدت لتراجع سعر الجنيه بشدة في الأشهر الماضية، وتعول الحكومة على اتفاقها مع صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من السيولة الدولارية، بالإضافة إلى تدبير النقد الأجنبي من خلال برنامج الطروح الحكومية، والمبادرات المصرية لتشجيع المصريين العاملين في الخارج على ضخ أموالهم بالدولار في السوق المحلية.

وبحسب شكري، فإن زيادة صادرات مصر العقارية تتطلب إعداد خطة ترويجية جيدة لتسويق المنتج العقاري المصري من خلال الوجود على المنصات العقارية العالمية لجذب المستثمرين، وتسهيل الحكومة المصرية إجراءات تملك المستثمرين العرب والأجانب للعقارات المصرية، بالإضافة إلى سرعة حصول مالكي العقارات من الأجانب على الإقامة والجنسية المصرية.

الحكومة المصرية أكدت على ضرورة إعداد حملة ترويجية تسهم في زيادة تصدير العقار، كما وضعت محفزات وتيسيرات لحصول الأجانب عليه، منها الحصول على الجنسية والإقامة عند تملك عقار في مصر.

العاملون المصريون بالخارج

يقول رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات إن من الضروري أن تستهدف الحملات الترويجية للعقار المصرية، العاملين المصريين في الخارج الراغبين في تملك وحدة سكنية، أو الاستثمار في المجال العقاري، بالإضافة إلى مواطني دول الخليج، ومواطني الدول الأوروبية الراغبين في تملك وحدة عقارية في شرم الشيخ والغردقة لقضاء فترة فصل الشتاء في مصر، في ظل انخفاض درجات الحرارة في بلدانهم وارتفاع تكلفة التدفئة في أوروبا.

وتتضمن آليات الحكومة المصرية لتعزيز نشاط تصدير العقار، إنشاء صندوق عقاري لتملك أصول إدارية وتجارية مدرة للدخل، ومقترحاً لتداول العقارات في البورصة المصرية، وفكرة لإنشاء البورصة العقارية، والتي ستمثل منصة تُمكِّن المستثمرين والشركات العقارية من شراء وبيع حصص في الأصول العقارية، والاستثمار فيها، بحيث تكون مكملة للأسواق العقارية التقليدية، وتوفر فرصاً للتداول اللحظي، والاستثمار الأكثر سيولة في قطاع العقارات.

ويرى شكري، أن على الحكومة المصرية إسناد إدارة الصندوق العقاري للقطاع الخاص المصري، حيث سيسهم الصندوق في جذب المستثمرين الراغبين في الاستثمار في المجال العقاري ويرغبون في عدم تحمل عبء الإدارة أو المخاطرة في شراء العقارات، بالإضافة إلى الراغبين في الاستثمار في المجال العقاري ولا يمتلكون ثمن شراء وحدة عقارية.

ويقول شكري، إن جذب المزيد من المستثمرين لشراء العقار المصري يتطلب ضبط القطاع من خلال إنشاء محاكم عقارية لإنهاء الخلافات بين المشتري والمطور العقاري، حيث إن المحاكم العادية تستغرق وقتاً طويلاً للبت في المشكلات العقارية، ما يعرقل الاستثمارات في ذلك القطاع.

مبادرات مصرية لتدبير الدولار

تأتي هذه الخطوة في إطار المبادرات العديدة التي أطلقتها الحكومة المصرية مؤخراً لتشجيع المصريين العاملين في الخارج على ضخ أموالهم بالدولار إلى السوق المحلية، حيث أطلقت في أكتوبر تشرين الأول مبادرة إعفاء سيارات المصريين المقيمين في الخارج من الجمارك مقابل تسديد وديعة دولارية تُسترد قيمتها بالجنيه بعد خمس سنوات حسب سعر صرف الدولار وقت حلول أجلها، وأعلنت وزارة المالية تحصيل 763 مليون دولار بفضل هذه المبادرة.

كما أطلقت الحكومة مبادرة أخرى لتوفيق أوضاع المواطنين الذين تخلفوا عن أداء الخدمة العسكرية، إذ ستتمكن هذه الفئة من توفيق أوضاعها وتحديث بياناتها في الأوراق الرسمية بعد سداد خمسة آلاف دولار في أحد الحسابات الخاصة ببنك مصر، ويستهدف هذا الإجراء الكثير من المصريين بالخارج ممن لم يؤدوا الخدمة العسكرية وهو ما يعد «جريمة» بحسب القانون المصري.

كما تم طرح شهادات دولارية من إصدار بنكين حكوميين، هما الأهلي ومصر، بعوائد تصل إلى تسعة في المئة، بالإضافة إلى إطلاق وثيقة معاش تقاعد بالدولار للمصريين بالخارج، من خلال شركة مصر لتأمينات الحياة التابعة لشركة مصر القابضة للتأمين، وبالتعاون مع البنك الأهلي المصري.