على الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مصر، والتي ألقت بظلالها على جميع القطاعات في السوق، فإن أرباح وإيرادات الشركات العقارية المقيدة في البورصة شهدت ارتفاعاً بأكثر من 90 في المئة خلال النصف الأول من العام الحالي، مدعومة بانتعاش حركة السياحة.

وأوضحت مريم السعدني، محلل القطاع العقاري بشركة «اتش سي» لتداول الأوراق المالية، لـ«CNN الاقتصادية»، أن نمو حركة السياحة في مصر أدى إلى ارتفاع إيرادات الشركات العقارية المقيدة في البورصة، خاصة تلك التي لديها استثمارات في القطاع السياحي، لافتة إلى أن زيادة الإيرادات جاءت انعكاساً لارتفاع نسبة إشغالات الفنادق وارتفاع أسعار الغرف الفندقية التي تأثرت بتغيير أسعار الصرف.

ووفقاً لتصريحات وزير السياحة المصري أحمد عيسى في يوليو تموز، فقد استقبلت مصر قرابة سبعة ملايين سائح في النصف الأول من العام الجاري، وهو ما يُعد الأعلى في تاريخ البلاد لهذه الفترة.

وتوقع عيسى أن يكون عدد الزوار في النصف الثاني من العام أكبر من النصف المنتهي في يونيو حزيران، كما توقع نمو عدد السياح إلى 18 مليون سائح العام المقبل.

خطة حكومية لجذب الاستثمارات السياحية

وأوضحت السعدني أن الحكومة المصرية تعمل خلال الفترة الحالية على جذب استثمارات في القطاع السياحي ومضاعفة أعداد الغرف الفندقية خلال الخمس سنوات القادمة، لتصل إلى 500 ألف غرفة مقابل 200 ألف غرفة حالياً، ما سيساعد على زيادة أعداد السائحين الوافدين إلى مصر إلى نحو 30 مليون سائح سنوياً ورفع إيرادات مصر من القطاع إلى 30 مليار دولار خلال الخمس سنوات القادمة.

وتعمل الحكومة المصرية على صياغة رؤية مُستقبلية للنهوض بالقطاع السياحي وتحقيق مُستهدفات الدولة بالوصول بأعداد السائحين إلى 30 مليون سائح، وهو ما يعني زيادة أعداد الغرف الفندقية بين 40 و50 ألف غرفة سنوياً على مدار خمس سنوات.

وتستهدف الحكومة المصرية زيادة حصيلة الإيرادات الدولارية للدولة بنحو 70 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، لتصل إلى حدود 191 مليار دولار، ويشمل ذلك زيادة إيرادات السياحة بقيمة 20 مليار دولار سنوياً بحلول 2026.

أرباح مليونية لشركات العقارات في مصر

أعلن عدد من الشركات العقارية المقيدة في البورصة المصرية عن نمو أرباحها خلال النصف الأول من العام الحالي، حيث ارتفعت إيرادات النشاط الفندقي لمجموعة طلعت مصطفى القابضة بنحو 111.04 في المئة إلى 899.9 مليون جنيه (29.07 مليون دولار)، ما أدى لارتفاع صافي أرباح الشركة خلال الستة أشهر الأولى من العام بنسبة 40.2 في المئة على أساس سنوي لتبلغ 1.56 مليار جنيه.

وارتفعت إيرادات الفنادق التابعة لشركة إعمار مصر بالنصف الأول بنسبة 62.67 في المئة إلى 146.71 مليون جنيه، ما أسهم في زيادة صافي الأرباح بنسبة 12.9 في المئة إلى 3.48 مليار جنيه.

وسجلت أرباح شركة مصر للفنادق خلال العام المالي الماضي 2022-2023 ارتفاعاً بنسبة 134 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى 819.76 مليون جنيه.

أما شركة أوراسكوم للتنمية، فشهدت ارتفاعاً بنسبة 117.61 في المئة في أرباح الفنادق التابعة لها خلال النصف الأول لتصل إلى 1.395 مليار جنيه (45 مليون دولار)، ما ساعد على نمو إجمالي الإيرادات بنسبة 62.2% إلى 6.2 مليار جنيه (200 مليون دولار)، وذلك مقابل إجمالي إيرادات بقيمة 3.81 مليار جنيه (123 مليون دولار) خلال النصف الأول من العام الماضي.

وكان الرئيس التنفيذي لمدينة الجونة محمد عامر، قد قال في مقابلة سابقة مع «CNN الاقتصادية» إن إيرادات قطاع الفنادق بالمدينة ارتفعت بأكثر من 100 في المئة في النصف الأول من العام نتيجة تحسن النشاط في السوق العالمية، بالإضافة إلى التأثير الإيجابي لانخفاض أسعار الصرف خلال تلك الفترة، حيث زادت نسبة الإشغالات في الفنادق إلى 71 في المئة، مقابل 66 في المئة في الفترة نفسها من العام الماضي، موضحاً أن «85 في المئة من إشغالات الفنادق في الجونة خلال النصف الأول كانت لأجانب».

وأضاف عامر في المقابلة «خلال الفترة الماضية، لاحظنا زيادة السياحة الخليجية نتيجة وجود خطوط طيران مباشر من السعودية إلى مدينة الغردقة، وهو ما دفعنا إلى تنمية تلك السياحة من خلال الخطة الترويجية للجونة، وذلك من خلال الاتفاق مع شركات الطيران لتدشين خطوط مباشرة من الدول الخليجية والغردقة».

زيادة أعداد الغرف الفندقية

وبحسب السعدني، فقد أبدت العديد من الشركات العقارية العاملة في السوق المحلية خلال الفترة الأخيرة رغبة متزايدة في رفع استثماراتها في القطاع السياحي المصري، حيث أعلنت إعمار العقارية رغبتها في زيادة عدد الغرف الفندقية بنحو ثلاثة آلاف غرفة، بينما قررت أوراسكوم للتنمية زيادة عدد الغرف الفندقية في الجونة بنحو ألف غرفة، أما سوديك فتخطط لإنشاء فندقين جديدين في الساحل الشمالي والقاهرة.

كان رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار، مؤسس إعمار العقارية، قال في مقابلة سابقة مع «CNN الاقتصادية» إن إجمالي استثمارات المجموعة في السوق المصرية منذ بداية أعمالها بلغ نحو عشرة مليارات دولار، مضيفاً أن «أعمالنا في مصر مستمرة»، على حد تعبيره.

ويرى العبار أن ازدهار قطاع السياحة المصري، من حيث نسبة الإشغال وأسعار الغرف الفندقية، قد أثَّر إيجابياً على إيرادات قطاع الفنادق بالمجموعة.

وتتوقع السعدني ارتفاع متوسط إيرادات الشركات العقارية -مثل طلعت مصطفى وأوراسكوم- بنهاية العام الحالي بنسبة 15 في المئة بفضل ارتفاع الإيرادات المرتبطة بالقطاع السياحي، على أن تنخفض نسبة النمو خلال العام القادم لتتراوح بين عشرة و12 في المئة.