كان مركز دبي المالي العالمي يتبع سلطات قضائية أخرى من الدرجة الأولى فيما يخص الأصول الرقمية، حتى وجد نفسه اليوم في قلب النقاشات حول هذا الموضوع وأصبح قدوة للآخرين في قوانين الأصول الرقمية بحسب جاك فيسر، الرئيس التنفيذي للشؤون القانونية ومفوض حماية البيانات في سلطة مركز دبي المالي العالمي.

فقد أصدر مركز دبي المالي العالمي، أول قانون للأصول الرقمية في العالم وقانوناً جديداً للضمان وتعديلات على بعض التشريعات القائمة لتلبية متطلبات نظام الأصول الرقمية الجديد وتعديل نظام الضمان.

ويسهم ذلك في تحقيق خطط دبي بأن تصبح عاصمة للأصول الرقمية في العالم والتي يبلغ حجمها تريليون دولار، إذ تسعى دبي لتنظيم الأصول الرقمية، وإلى تحويل الإمارة إلى عاصمة لاقتصاد الأصول الرقمية، مع حماية علاقاتها التجارية مع أوروبا، التي تتبنى المزيد من اللوائح المشددة في قطاع التشفير.

القانون هو الأول من نوعه

قال فيسر في حديث مع «CNN الاقتصادية» إن التركيز الأساسي في العديد من السلطات القضائية كان على تنظيم وفرض عقوبات لتنفيذ القانون على بعض التطبيقات العملية لهذه الفئة من الأصول من منظور الخدمات المالية المنظمة.

وظلت الأسئلة القانونية الأوسع المتعلقة بالطبيعة الدقيقة للسمات القانونية للأصول الرقمية والآثار المترتبة عليها، مفتوحة للنقاش حول عدد من القضايا الرئيسية، وبدأت التطورات والأحكام القانونية الدولية في عالم القانون العام في تقديم بعض التوضيحات في هذا الصدد، ولكنها لم تقدم حتى الآن إطاراً قانونياً شاملاً يحدد بالكامل نطاق الخصائص القانونية للأصول الرقمية وكيفية تفاعل المستخدمين والمستثمرين ضمن هذه الفئة من الأصول مع الأصول الرقمية وبين بعضها بعضاً.

قال فيسر «ما نحاول القيام به من منظور قانون الملكية هو تقديم المبادئ القانونية الأساسية لما نعتقد أنه الأصول الرقمية، لذلك نحاول أن تشمل جميع الأصول الرقمية بموجب هذا القانون، والسبب في ذلك هو أنه حتى الآن، تم تركيز كل الاهتمام على تنظيم أنواع معينة من الأصول الرقمية».

أضاف أنه تم بذل الكثير من الوقت والجهد «على تنظيم الأصول الرقمية من منظور متعلق بحماية المستهلك أو من منظور سلوك السوق أو من منظور متعلق بغسل الأموال أو منظور الضرائب، وتم التركيز كثيراً على تنظيم أنواع معينة من الأصول الرقمية».

واستغرب فيسر أنه حتى الآن «لم يخرج أحد حتى لمناقشة هذا الموضوع من منظور قانون الملكية، ويقول لنا هذا هو الأصل الرقمي وهذه هي خصائص الأصول الرقمية، هذه هي الطريقة التي تملكها، هذه هي الطريقة التي تقوم بنقلها، فبدون المبادئ القانونية الأساسية لفئة أصول معينة لا يمكن أن نفهم تماماً ما الذي نتعامل معه».

قوانين غسيل الأموال

لا يشمل هذا القانون مكافحة غسل الأموال بحسب فيسر «فمن منظور الصناعة المتعلق بـ(اعرف عميلك) ومكافحة غسل الأموال، فإن هذا القانون لا يعالج ذلك، لدينا، من منظور تنظيم الخدمات المالية، عدد من القوانين والمتطلبات واللوائح التي تتعامل بالفعل مع تتبع الأموال، ومن أين تأتي وإلى أين تذهب في النظام، نعلم أيضاً الآن من منظور متعلق بـالبلوكتشين أن هذا القانون لا يتعامل مع ذلك».

أضاف أن هذا القانون يتعلق بتوفير الأمن «فعلى سبيل المثال، لديك محفظة من الأصول الرقمية التي تريد تأمينها للحصول على فوائد، أو الحصول على قرض مقابل ذلك، وما إلى ذلك، لذلك سيتم توفير ضمان منك للبنك للحصول على تسهيلات معينة في هذا السياق».

عملية الترخيص

طلبت «CNN الاقتصادية» من فيسر شرح كيفية إتمام عملية الترخيص للشركات الراغبة في تقديم الخدمات المالية المتعلقة بالرموز المشفرة في مركز دبي المالي العالمي، فأجاب «إذا كنت تريد أن تكون مبادلاً أو أمين حفظ أو وسيطاً أو مدير صندوق أو مدير أصول أو مستشاراً يتعامل مع تلك الأنواع من الأصول، فأنت بحاجة إلى التقدم بطلب للحصول على نوع معين من فئة الترخيص من سلطة دبي للخدمات المالية ثم سيتعين عليك أن تسير في إجراءات للحصول على الموافقة التي تحتاج من خلالها سلطة دبي للخدمات المالية إلى فهم ما هو عملك، وكيف تخطط لتحقيق ذلك، يجب أن تعرف السلطة أنك من ذوي الخبرة والمؤهلين بشكل مناسب للقيام بهذا العمل، وأن لديك النوع المناسب من الضوابط المعمول بها، سواء كان ذلك من منظور غسيل الأموال أو من منظور إدارة المخاطر أو من منظور الأعمال الموصلة أو منظور حماية المستهلك، تنظر السلطة في كل هذه المكونات، وإذا اقتنعت بها، يمكنها عندها منحك الترخيص، وهذا الترخيص عادةً ما يخضع أيضاً لمتطلبات معينة للرقابة المستمرة، ويتعين عليك الاحتفاظ برأس المال التنظيمي إذا حدث خطأ ما، لذلك هناك عملية ترخيص وإشراف وتنفيذ كاملة».

بالإضافة إلى هذا القانون، تم إجراء تعديلات على بعض القوانين القائمة الحالية لمركز دبي المالي العالمي، مثل قانون العقود وقانون الالتزامات وقانون الضمان وقانون الأضرار والتعويضات وقانون صناديق الائتمان وقانون المؤسسات، من خلال قانون تعديل مركز دبي المالي العالمي رقم 3 لسنة 2024، لتلبية القضايا المحددة الناشئة المتعلقة بهذه الفئة من الأصول.

السجلات الإلكترونية القابلة للتحويل

وتنص التعديلات على قانون الالتزامات أيضاً على استخدام السجلات الإلكترونية القابلة للتحويل، وتعادل السجلات الإلكترونية القابلة للتحويل وظيفياً المستندات أو الصكوك التجارية الورقية، مثل سندات الشحن والكمبيالات والسندات الإذنية وإيصالات المستودعات، ويُسهّل الاعتراف بهذه المستندات في شكل إلكتروني تحقيق قدر أكبر من الكفاءة في التجارة الرقمية العابرة للحدود من خلال زيادة سرعة وأمان نقل الوثائق، والسماح بأتمتة بعض المعاملات من خلال العقود الذكية.

قانون الضمان – قانون مركز دبي المالي العالمي رقم 4 لسنة 2024

وعلى نحو مماثل، شهدت أنظمة المعاملات المضمونة قدراً كبيراً من الابتكار على المستوى الدولي ــ لا سيما منذ صدور قانون الضمان في مركز دبي المالي العالمي في عام 2005، ويشمل ذلك ظهور الشركات والمنصات التي تمكن من توسيع الائتمان في ترتيبات ضمانات الأصول الرقمية وتأمينها أو تغطيتها، وزيادة التوجه نحو رقمنة التجارة الدولية.

وبعد النظر في الأنظمة المعمول بها في سلطات قضائية أخرى، ولا سيما قانون الأونسيترال النموذجي بشأن المعاملات المضمونة، وبالتعاون مع قانون الأصول الرقمية الجديد، مركز دبي المالي العالمي بصدد إلغاء قانون الضمان لعام 2005، واستبداله بقانون جديد للضمان لتعديله بشكل كبير وتعزيز نظام الأوراق المالية في مركز دبي المالي العالمي، وسيسهم ذلك في مواءمة النظام مع أفضل الممارسات الدولية وتوفير الوضوح فيما يتعلق بالحصول على الضمان على الأصول الرقمية.

ومن خلال القيام بذلك، يقوم مركز دبي المالي العالمي أيضاً بإلغاء لوائح الضمانات المالية، ودمج أحكام الضمانات المالية في فصل جديد من قانون الضمان الجديد.