يخشى الكثير من المصريين انفجار فقاعة عقارية بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المساكن، إذ تضاعفت أسعار الوحدات أكثر من مرة خلال العامين الماضيين؛ ما ينذر بأن تصبح ممتلكاتهم العقارية أحجاراً موقوفة لا يمكن التصرف فيها أو إعادة تسييلها.

يخشى مصطفى من هذا الوضع؛ فمنزله الذي اشتراه وراء أسوار أحد كومباوندات غرب القاهرة قبل خمس سنوات بنحو 4 ملايين جنيه أصبح المطور العقاري يبيع مثيله بأكثر من عشرين مليون جنيه -نحو 400 ألف دولار أميركي- لن يستطيع بيعه إذا ما اضطر لتوفير سيولة عند الحاجة.

تحليق أسعار العقارات في مصر لا يطول فقط المنازل الفخمة، لكنه طال كذلك كل أنواع المساكن، حتى تلك الواقعة في الأحياء التقليدية داخل حدود المدن القديمة.

أكد الخبير الاقتصادي هاني توفيق في اتصال مع CNN الاقتصادية أن «سوق إعادة بيع العقارات تشهد فقاعة بالفعل؛ إذ يبيع المطورون الوحدات بأسعار تفوق قيمتها، والمشترون يُقبلون عليها بغرض المضاربة وتحقيق ربح بعد رفع المطورين الأسعار في المراحل السابقة من المشروع، لكن بسبب ارتفاع الأسعار لا ينجحون في بيعها، وستمس هذه الفقاعة كل العقارات».

ارتفاع أسعار العقارات في مصر ناتج بشكل جزئي عن ارتفاع أسعار مواد البناء والحد الأدنى للمرتبات الذي فرضته الحكومة المصرية والمقدر بـ6000 جنيه -نحو 125دولاراً أميركياً- فضلاً عن ارتفاع أسعار الوقود ما أدى إلى بيع المطورين للعقارات بالتقسيط، ويقوم المشتري بتوقيع شيكات بنكية، كضمان للسداد للمطور العقاري، ثم تقوم الشركات بتكوين محفظة ديون بهذه الشيكات، واستصدار سندات توريق أو صكوك، وهي بمثابة أدوات دين خاصة، ما يجعل النشاط الاقتصادي والاستثماري الأكثر رواجاً في مصر مبنياً كلياً على آليات الدين أو الاقتراض؛ ما يعني هشاشة النموذج الاقتصادي، بحسب توفيق.

أما خبير التثمين العقاري، هادي فتحي، فقال في لقاء مع CNN الاقتصادية «نحن نتحدث عن فقاعة عقارية في مصر منذ عام 2008، لكنها لم تحدث حتى الآن، ولن تحدث، لكن السوق مهددة بركود كبير بسبب تحوط المطورين العقاريين الذين يبيعون الوحدات عن طريق التقسيط، قام المطورون في بداية العام بتقييم سعر الدولار الأميركي بأعلى من قيمته، وبالتالي رفعوا أسعار الوحدات، ومن وجهة نظر تجارية وتسويقية لم يخفضوا الأسعار».

بحسب تقديرات المطورين العقاريين وشركات وساطة بيع العقارات في مصر، أصبح 60 في المئة من الأشخاص الذين يرغبون في شراء منزلٍ جديد يفضلون السكن في كومباوند، وهي مجمعات سكنية تطوق امتدادات القاهرة والجيزة، تختلف مستويات الرفاهية والخدمات فيها، لكن ما تجتمع فيه هو وجودها خلف أسوار تؤمنها.

وازداد الطلب على هذه التجمعات التي تتمتع بمستويات تأمين عالية بعد موجة الانفلات الأمني التي عاشتها مصر في أعقاب انتفاضة 25 يناير عام 2011 التي دامت أكثر من عامين.

عمرو صلاح هو صاحب شركة تسويق عقاري في التجمع الخامس إلى الشرق من القاهرة يبلغ حجم العمليات التي تنفذها في العام نحو 7 مليارات جنيه؛ أي نحو 144 مليون دولار، وتبيع الشركة نحو 100 وحدة بمواصفات مختلفة كل شهر.

قال صلاح في اتصالٍ مع CNN الاقتصادية «من المستبعد حدوث فقاعة في مصر على الرغم من تحوط المطورين بنسبة تبلغ 25 في المئة، وذلك أن النظام المتبع في مصر مبني على التحوط، وليس الرهن العقاري كما هي الحال في الولايات المتحدة، تحت أي ظرف لن تُباع وحدة سكنية بعشرة في المئة من قيمتها في حال تعثر المشترين».

يستهدف المطورون العقاريون الوسطاء المصريين المقيمين في الخارج لتسويق الوحدات ثم يليهم بحسب صلاح كبار موظفي الشركات متعددة الجنسيات المقيمين في مصر، ثم أصحاب الأعمال الحرة.

يضيف صلاح أن «سوق العقارات في مصر مرت بظروف عصيبة مثل تفشي جائحة كورونا والاضطرابات التي أعقبت أحداث يناير 2011، ولم نشهد فقاعة عقارية، وأن توجيه استثمارات خليجية إلى قطاع العقارات في مصر دليل على قوة وصلابة القطاع».

في النهاية تزداد أعداد أسوار التجمعات السكنية على أطراف المدينة، وتستمر الأسعار في الارتفاع تحت اسم التحوط، ويطمح صلاح في إنشاء شركة تطوير عقاري في غضون بضعة سنوات، بينما يزداد عدد المضاربين الذين يسعون إلى الحفاظ على قيمة مدخراتهم.