يشهد قطاع العقارات في الشرق الأوسط تغيرات جذرية، إذ أصبح التركيز على التحول الرقمي والابتكار التكنولوجي أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، ومع التطورات السريعة التي تشهدها المنطقة، بات القطاع العقاري يتكيف مع المتطلبات الجديدة والتوجهات المتغيرة للمستهلكين، خاصة مع دخول الأجيال الشابة التي تسعى لنمط حياة ذكي ومتقدم.
هذا التحول ليس صدفة، بل هو نتاج جهود متعددة؛ حيث أصبحت التكنولوجيا والابتكار ضرورة يفرضها كل من اللوائح الحكومية ورغبات العملاء، وكما أوضح د. حسام الجميلي، الشريك الرئيسي في شركة باين آند كومباني الشرق الأوسط، في حديثه لشبكة CNN الاقتصادية، فإن هذه التحولات تسهم في إعادة تعريف مفهوم السكن وبناء مستقبل جديد قائم على الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتكاملة.
تفضيلات العملاء الجديدة ودور الحكومات
وفقاً للجميلي، فإن تفضيلات العملاء الجديدة، خاصة لدى الأجيال الشابة المتمكنة من التقنيات، تلعب دوراً حاسماً في دفع قطاع العقارات نحو حلول مبتكرة، ويزداد الطلب على المباني الذكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة لتوفير أساليب عيش جديدة، مثل الرعاية الصحية المدمجة في المنازل والتنقل الذكي، هذا التوجه يجد دعماً من التنظيمات الحكومية التي تدفع بالصناعة نحو معايير جديدة تسهم في بناء مشاريع حديثة تواكب تطلعات المستقبل.
التحديات في سلسلة القيمة والعقبات أمام الابتكار
مع ذلك، لا تزال التحديات قائمة؛ فقد أشار الجميلي إلى أن «سلسلة القيمة في قطاع العقارات مجزأة بشكل كبير»، إذ تتواجد شركات متعددة تختص بكل مرحلة من مراحل المشروع، بدءاً من التصميم والهندسة إلى المشتريات والبناء، يؤدي هذا التجزؤ إلى صعوبات في التنسيق وتوحيد المعايير، ما يعوق تنفيذ المشاريع بكفاءة ويحد من الابتكار.
كما أضاف الجميلي أن الشركات التقليدية العاملة في القطاع العقاري باتت أكثر تحفظاً وميلاً للحفاظ على الأساليب التقليدية بدلاً من التعاون مع الشركات الناشئة أو تبني حلول تقنية مبتكرة. ويشكل هذا الوضع تحدياً أمام دمج الأفكار الجديدة وتطبيقها على نطاق واسع، إذ يظل القطاع محافظاً في العديد من جوانبه.
الذكاء الاصطناعي وتجربة العميل الجديدة
يعد الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية في إعادة تشكيل قطاع العقارات، إذ يفتح آفاقاً جديدة تتجاوز مجرد البناء إلى تغيير تجربة العميل بأكملها، فمن خلال الذكاء الاصطناعي يمكن تصميم المنازل وتخطيطها بل وحتى دفع المستحقات عبر عملية رقمية متكاملة «من البداية إلى النهاية»، وفقاً للجميلي، هذه التطورات الرقمية تتيح تجربة سلسة وشخصية للعميل، بدءاً من تحديد احتياجاته حتى استلامه للعقار.
كما يرى الجميلي أن الذكاء الاصطناعي يوفر فرصاً لاستخدامات غير مسبوقة في أنماط العيش، تشمل الرعاية الصحية داخل المنازل وتقديم خدمات ذكية تسهل الحياة اليومية وتقلل الاعتماد على الحلول التقليدية، هذه الابتكارات ليست مجرد تحسينات تقنية، بل تحول جذري في طريقة التفكير بالسكن والخدمات العقارية.
المستقبل الرقمي للعقارات
من الواضح أن التحول الرقمي في قطاع العقارات يسير بخطى ثابتة، إلا أن هذا المسار يتطلب مزيداً من التكيف من قبل الشركات التقليدية، وبينما تسعى الشركات الناشئة لجذب الاستثمارات وتقديم حلول رقمية، تجد الشركات الكبرى نفسها أمام تحدٍّ يتمثل في احتواء هذا الابتكار أو المخاطرة بفقدان دورها في سوق سريع التغير.
تمثل هذه التحولات بداية لمستقبل رقمي، حيث تسعى شركات العقارات إلى تبني تقنيات جديدة تسهم في تحسين جودة الحياة وتلبية التطلعات المستقبلية للمستهلكين.