على نار هادئة يتغيّر مشهد الطهي وطرق تقديم وتوصيل الطعام في الإمارات العربية المتحدة والعالم.
فالتطور التكنولوجي وتحول النموذج الذي تُدار به الأعمال في هذا المجال أعاد بدوره تشكيل الطريقة التي يتم بها توصيل الطعام وتحضيره، لتظهر نماذج أعمال ثورية في قطاع الأغذية وخدمات الضيافة مثل المطابخ السحابية المعروفة أيضاً باسم مطابخ الأشباح أو المطابخ الافتراضية.
يُعد تناول الوجبات في المطاعم شكلاً من أشكال التواصل الاجتماعي في المنطقة والعالم، لكن تسارع التطور الحضري وتغير أنماط المعيشة أثناء جائحة كورونا نتج عنهما تحول جذري في كيفية وأماكن تناول الطعام.
ومهد هذا التحول الطريق لظهور المطابخ السحابية، التي تعمل فقط لتوصيل الطلبات أو الوجبات الجاهزة، دون تقديم أي مساحة فعلية لتناول الطعام.
ومن هنا، أطلق الشريك المؤسس لشركة «The Cloud» جورج كرم، أول مطعم افتراضي له بين نهاية عام 2018 وبداية عام 2019، فمن مكتبه في الطابق الثالث وبثلاجة صغيرة فقط في البداية، بدأ كرم تنفيذ فكرته الطموحة.
وفي مقابلة مع «CNN الاقتصادية» قال كرم «في هذه اللحظة أدركت أن هذا قد يكون أكبر تغيير ثوري في صناعة الأغذية والمشروبات في الخمسين عاماً الماضية».
أجيال المطابخ السحابية
بدأت المطابخ السحابية كمساحات واسعة تضم العديد من الوحدات المستقلة، حيث يمكن للعلامات التجارية الحصول على مساحة خاصة بها لإعداد منتجاتها.
وكان هذا النموذج يُدار «من منظور عقاري بحت»، على حد وصف كرم.
أما الجيل الثاني من المطابخ السحابية، فكان عبارة عن مطابخ مركزية كبيرة تقوم بالطهي نيابة عن علامات تجارية متعددة.
ثم بدأ الجيل الثالث في الظهور والانتشار مؤخراً، وهو نموذج العمل الذي تطبقه منصة «The Cloud»، حيث لا تمتلك الشركة أي مطعم أو مطبخ تقليدي بل تستغل المطابخ المجهزة غير المستغلة في المطاعم في تحضير قوائم الطعام التي تروج لها على منصتها الإلكترونية.
وبهذه الطريقة، تحقق «The Cloud» والمنصات المماثلة زيادة في عدد طلبات الطعام، بالإضافة إلى رفع القدرة الإنتاجية والإيرادات للمطاعم التي تتعاقد معها.
التكامل بين الإدارة والتكنولوجيا
سر نجاح المطابخ السحابية هو التكامل السلس بين الإدارة والتكنولوجيا؛ بدءاً من إدارة الطلبات وتتبع المخزون والخدمات اللوجستية حتى عملية التسليم، إذ تعمل الحلول التكنولوجية المتقدمة على تبسيط العمليات وتحسين كفاءتها بشكل ملموس.
وتتيح تطبيقات الهاتف المحمول والمنصات الإلكترونية للعملاء تصفح القوائم وتقديم الطلبات وتتبع عمليات التسليم بسلاسة غير مسبوقة.
كما تلعب تحليلات البيانات دوراً محورياً في فهم سلوك المستهلك وتفضيلاته، وبالتالي تصميم العروض الترويجية واستراتيجيات التسويق المناسبة وفقاً لتلك التفضيلات، ما يضمن أعلى مستوى من رضا العملاء والاحتفاظ بهم.
وفي هذا الصدد، أوضح مدير التكنولوجيا في شركة «The Cloud» كميل روجالينسكي، أن «الطلبات تأتي تلقائياً من المنصة، ويتم توزيعها تلقائياً على المطابخ ذات الصلة، بينما يقوم النظام أيضاً بحجز مواعيد التسليم ومراقبة العملية برمتها»، لافتاً إلى أن نحو 95 في المئة من عمليات «The Cloud» مؤتمتة بالكامل.
كما تساعد الحلول التكنولوجية المنصة على التوسع إلى أي مدينة وأي بلد في العالم دون الحاجة للوجود الفعلي بها، فضلاً عن توفير وسيلة مثالية للتواصل بين جميع الأطراف في مكان واحد.
وفي هذا الصدد، قال روجالينسكي «نريد إطلاق سوق تمنح الأشخاص إمكانية الوصول إلى شبكتنا والعمل معنا لمساعدة شركائنا على زيادة مبيعاتهم وإيراداتهم».