تتجدد معاناة النازحين في شمال قطاع غزة مع تواصل القصف الإسرائيلي الذي طال مؤخراً مستشفى كمال عدوان، وهو آخر مستشفى متبقٍ في المنطقة الشمالية من القطاع، ما أسفر عن عشرات الضحايا، وهدد حياة آلاف النازحين الذين تركوا منازلهم فراراً من القصف.

وقُتل وأصيب عدة مدنيين بينهم أطفال ونساء في قصف إسرائيلي قبل منتصف ليل يوم الاثنين، والذي استهدف البوابة الشمالية لمستشفى كمال عدوان في جباليا شمال قطاع غزة، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

وذكرت الوكالة الفلسطينية أن الغارات الإسرائيلية المكثّفة المستمرة جعلت الأهالي غير قادرين على دفن الجثث، مشيرة إلى أن هناك أكثر من 35 حالة وفاة بحاجة إلى الدفن.

وقال حسام أبو صفية، رئيس قسم طب الأطفال في المستشفى لـ(شبكة CNN)، الاثنين، إن الغارة استهدفت المدخل الشمالي للمستشفى، وإن عشرة أشخاص قتلوا، وحاولت الشبكة التواصل مع الجيش الإسرائيلي للرد على ذلك، ولكن لم يجب.

وبحسب المصادر التي تحدثت للوكالة، فقد نقل الأهالي ما لا يقل عن 99 حالة وفاة إلى مستشفى كمال عدوان منذ صباح الأحد، وكان المبنى مكتظاً بالجرحى.

وارتفعت حصيلة الضحايا في قطاع غزة منذ السابق من أكتوبر تشرين الأول إلى 15523 قتيلاً، إضافة إلى 41316 جريحاً، وكان سبعون في المئة من الضحايا من الأطفال والنساء، وفقاً لوفا.

كمال عدوان قد يواجه مصير الشفاء والإندونيسي

انتشر فيديو على منصات التواصل الاجتماعي للصحفي الفلسطيني أنس الشريف الذي ينقل تطورات الأوضاع في شمال قطاع غزة، وأشار فيه إلى مدى خطورة الوضع الراهن؛ بسبب الحصار الإسرائيلي للمستشفى.

وقال أنس الشريف، «سيناريو مستشفى الشفاء والإندونيسي يتكرر الآن في مستشفى كمال عدوان شمال غزة»، مشيراً إلى أن الجيش الإسرائيلي يحاصر المستشفى و«يطلق النيران على أي مارٍّ بجوار المبنى».

وتواصلت (شبكة CNN) مع الجيش الإسرائيلي للتعليق، ولم تتلق أي رد على الفور.

.

وتؤجج هذه الأحداث المخاوف من احتمالية خروج آخر مستشفى في القطاع عن العمل، والذي يعاني بالفعل أزمة نقص الوقود والموارد الطبية، ما قد يتسبب في وفاة مئات الفلسطينيين المصابين والجرحى.

مستشفى ناصر بخان يونس.. كارثة تتجدد

منذ انتهاء وقف إطلاق النار، تجددت الكارثة التي تواجه المستشفيات في قطاع غزة في الشمال والجنوب على حد سواء، ومع عودة الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تزايد الضغط على مستشفى ناصر الطبي بجنوب غزة، إذ أدّى القصف الإسرائيلي لمنطقة خان يونس ومخيم النصيرات لتضاعف أعداد القتلى والمصابين الذين يصلون إليه.

المعاناة لم تتوقف عند حد المستشفيات، إذ ذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة صباح يوم الثلاثاء، أن توزيع المساعدات في منطقة خان يونس «توقف إلى حد كبير» بسبب القتال العنيف بين إسرائيل و«حماس»، وسط توزيع محدود للمساعدات وخاصة الدقيق والمياه في رفح.

نقل المصابين والضحايا إلى مستشفى ناصر الطبي بخان يونس، جنوب غزة
نقل المصابين والضحايا إلى مستشفى ناصر الطبي بخان يونس، جنوب غزة (رويترز)

خسائر قطاع الصحة في غزة

منذ اندلاع الحرب في غزة، خرج أكثر من ثلث المستشفيات ونحو ثلثي مراكز الرعاية الصحية في القطاع عن الخدمة، إما بفعل ما لحقها من أضرار نتيجة للقصف الإسرائيلي وإما بسبب نقص الوقود نتيجة للحصار، بحسب بيانات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا).

ووفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية، هاجم الجيش الإسرائيلي ودمر 56 سيارة إسعاف أثناء أداء واجبها على مدار 59 يوماً، ما أدّى إلى مقتل وجرح طواقمها، وتدمير 56 مؤسسة صحية.

وتسبب الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة في تفاقم أزمة نقص الوقود والغذاء، ما أدّى لتوقف 26 مستشفى و46 مركز رعاية أولية عن العمل.

وتوقعت الإسكوا في أحدث تقاريرها في نوفمبر تشرين الثاني، أن استمرار الحرب لما يتجاوز الشهرين قد يتسبب في مخاطر صحية لأكثر من 5500 امرأة من المتوقع أن تلد في غضون شهرين من بدء الحرب، فضلاً عن زيادة فئة الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع، والذين تبلغ نسبتهم في الوقت الحالي نحو 6.8 في المئة من إجمالي السكان.

وحذرت مؤسسة الإسكوا من تفاقم تدهور الوضع الصحي بسبب نقص الغذاء وانقطاع الماء والكهرباء، إذ أُغلِقَت جميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي الخمس بالقطاع، ما قد يؤدي لتكدس النفايات ويزيد من الخطر الذي تواجهه الصحة العامة في الملاجئ المكتظة بالنازحين.

في غضون ذلك، يواصل المجتمع الدولي بذل جهوده في محاولة لتطبيق وقف إطلاق نار جديد، والمساعدة في تدفق المساعدات الإنسانية للأهالي في قطاع غزة.