في أعقاب انتهاء وقف إطلاق النار الذي استمر لمدة أسبوع في قطاع غزة، تدهور الوضع الإنساني بشكل أكبر، ما أدى إلى صعوبة بالغة في أداء المهام الإنسانية، هذا ما قاله هشام مهنا، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة لـ«CNN الاقتصادية».
تحديات المساعدات الإنسانية
تصاعد الصراع وزيادة القتال بين حماس وإسرائيل تسببا في تقليل إمكانية الوصول إلى المناطق المتضررة وزادت صعوبة التنقل فيها بحسب مهنا، مضيفاً أن المساعدات الإنسانية الواردة إلى قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي غير كافية، وكشف مهنا أن المستشفيات تعج بالمرضى، معقباً هذا الزخم الهائل يضع ضغوطاً على الموارد الطبية المحدودة.
في الوقت نفسه تحدث مهنا عن التحديات التي تواجه الفرق الإنسانية، فمع مرور الوقت، ستزداد صعوبة أداء المسعفين وفرق الإنقاذ لمهامهم، وبالتالي يصبح من الصعب تقديم الرعاية الطبية والإنقاذ للضحايا.
وقال مهنا «إذا استمر الصراع، فإن كل شيء سينهار، ليس هناك منظومة طبية يمكنها الصمود أكثر من هذا»، مضيفاً «لا يمكن أن تستمر فرق الإنقاذ في عملها لفترة طويلة في ظل هذه الظروف، أمامنا أسابيع فقط» قبل الانهيار.
الوضع في خان يونس
قال مهنا إن محافظة خان يونس في الجنوب التي كانت في السابق مأوى للعديد من النازحين الفلسطينيين الذين فروا من شمالي غزة، تغيرت بشكل كبير بعد توسع مناطق العمليات العسكرية لتصبح نسخة جديدة لما حدث في شمالي قطاع غزة، وأضاف أن هذا التغول في المنطقة يضع مزيداً من الضغوط على السكان المحليين ويجعلها «شمال غزة جديد».
وأوضح مهنا «مع اشتداد القتال وزيادة وتيرة الأعمال العدائية، أصبح من الصعب للغاية الاستمرار في أداء مهام إنسانية ذات معنى أو ذات قيمة، وذلك ليس بسبب غياب التدابير الأمنية اللازمة لفرق الصليب الأحمر للعمل في الميدان فقط، بل أيضاً جراء صعوبة الوصول إلى الأماكن وصعوبة التحرك».
وتابع مهنا أنه قبل وقف إطلاق النار كانت المستشفيات في جنوبي قطاع غزة -خمسة مستشفيات فقط ما زالت قادرة على تقديم الخدمات الطبية- تستقبل سيلاً متدفقاً من الجرحى والمصابين الذين أجلوا من المستشفيات شمالي القطاع.
وأضاف مهنا أنه أثناء فترة وقف إطلاق النار عمل الصليب الأحمر على زيادة القدرة الاستيعابية لهذه المستشفيات للتعامل مع هذا العدد الكبير من المصابين عن طريق فريق متخصص من جراحي اللجنة الدولية للصليب الأحمر متواجدين في مستشفى غزة الأوروبي.
وأكد مهنا «لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة، بعض الأهالي ما زالوا بلا مأوى».
وكشف مهنا أن فرق عمل الصليب الأحمر تعرضت عدة مرات إلى إطلاق نار بشكل مباشر أثناء محاولتهم الوصول إلى شمالي غزة وإيصال بعض المساعدات الطبية إلى أحد المستشفيات.
أطراف النزاع لم تف بالتزاماتها ودور الصليب الأحمر
وقال مهنا إن أطراف النزاع لم تف بالتزاماتها في توفير التدابير الأمنية اللازمة والكافية لإنجاز المهام الإنسانية بشكل كامل، مضيفاً أنهم لم يكونوا طرفاً في المفاوضات التي أدت إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
وشدد مهنا أن مهمة الصليب الأحمر هي الإنسانية وتسهيل تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار، ونقل الأسرى الذين يطلق سراحهم والمعتقلين الفلسطينيين ليتم لم شملهم مع أسرهم.
وأوضح مهنا أنه «خلال فترة وقف إطلاق النار قمنا بتوجيه عدد من القوافل الطبية المحملة بالمواد الطبية والأدوية وأكياس الدم إلى هذه المستشفيات والبعض منها استخدم جزءاً من هذه الأدوية فور وصوله» نظراً للحاجة الملحة لمثل هذه المواد.
وأكد مهنا أن الصليب الأحمر وسيط إنساني محايد ولا ينخرط في المفاوضات، وأن المؤسسة تقف على أهبة الاستعداد لإعادة ممارسة دور الوسيط الإنساني المحايد وليس مساعدة طرف وإهمال طرف آخر.
معظم الجرحى في قطاع عزة أطفال ونساء
وقال مهنا إن معظم الإصابات البالغة في صفوف المدنيين جاءت بين الأطفال، بعضها تمثل في حروق خطيرة، وأضاف أنه من الواضح أن التكلفة الباهظة التي دفعها المدنيون جراء الصراع وأن النسبة الأكبر من الجرحى والذين فقدوا أرواحهم كانت بين النساء والأطفال.
وأوضح مهنا «إحدى الشهادات التي أدلى بها أحد جراحي الصليب الأحمر أنه كان يجري عملية جراحية لأحد الأطفال، واضطر مع الأسف إلى بتر يد الطفل بينما كانت تخرج الديدان من هذه اليد».
وتابع مهنا «هذا معناه أن هذا الطفل المدني تعرض للإصابة ومكث في المكان الذي أصيب فيه لمدة طويلة قبل نقله إلى أقرب مستشفى، وبالتالي لم يتلقَّ الرعاية الصحية المطلوبة في هذا المستشفى نظراً لأنه يواجه تحديات كبيرة وقسوة انعدام المقومات الأساسية والطبية لإجراء التدخل الطبي المطلوب. وبعد أن نقل إلى مستشفى غزة الأوروبي ووصوله وإجراء العملية الجراحية له، كانت المحصلة فقدانه يده».