تُقبل صناديق رأس المال الجريء على الاستثمار في قطاع الاستدامة بدول الخليج، في مسعى للاستفادة من مشاريع رؤية السعودية «2030» ورؤية الإمارات «2050».

فبحسب تقرير «صندوق ميرسد»، الذي أطلق أول صندوق لرأس المال الجريء المختص بالاستدامة، هناك فرص استثمارية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تصل إلى 265 مليار دولار، وفي مقدمة هذه الفرص، الاستثمارات في قطاعي المواصلات، بقيمة 154 مليار دولار، والطاقة النظيفة، بقيمة 76 مليار دولار.

الاستدامة أولوية قصوى للحكومات والاقتصاد العالمي بشكل عام، ولدول الخليج بشكل خاص، حيث أعلنت تلك الدول عن خطط طموح لتنويع موارد الاقتصاد بدلاً من الاعتماد على النفط، مما يعني أن الاستدامة قد تكون المسار الأهم للوصول لتلك المستهدفات.

لا يقتصر هذا على تنويع اقتصادات دول الخليج فحسب، لكنها باتت ضرورة ملحة أيضاً للتكيف اقتصادياً مع عالم ما بعد الوقود الأحفوري.

وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن التوجه نحو الاستدامة لا تقتصر أهدافه على محاربة تغير المناخ وارتفاع درجة حرارة الكوكب، بل تشمل أيضاً التصدي لشح الموارد الطبيعية مثل المياه والطاقة.

ووفقاً لشركة الاستشارات «ماكينزي»، فإن التحول الأخضر المطلوب للوصول لصفر انبعاثات يحتاج إلى استثمارات بتسعة تريليونات دولار سنوياً، وبدورها تحتاج الدول العربية لاستثمار 230 مليار دولار سنوياً للوصول لأهداف الأمم المتحدة فيما يخص التنمية والاستدامة.

المستقبل الأخضر والدول العربية

على الرغم من التحديات العديدة، تملك دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ميزة تنافسية طبيعية سوف تساعدها على الاضطلاع بدور مهم في مستقبل الاستدامة.

فقد بدأت بالفعل دول في المنطقة، على رأسها السعودية والإمارات، التركيز على هذا التحول والاستفادة من الفرص المتوفرة، فمثلاً في السعودية، أطلقت المملكة مشاريع عملاقة تعنى بالاستدامة مثل «نيوم» و«ذا لاين».

أما الإمارات فقد أطلقت في عام 2021 استراتيجية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، ما يجعلها أول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعلن عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي.

اللاعبون في التحول الأخضر

وللحكومات المنطقة دور كبير في هذا التحول، فأغلبية المشاريع في الخليج هي من مبادرات صناديق سيادية أو شركات مملوكة حكومياً.

كانت «أرامكو» قد أطلقت في أكتوبر تشرين الأول 2022 أحد أكبر صناديق رأس المال الجريء في العالم، والذي يركز على الاستدامة بقيمة 1.5 مليار دولار.

بدورها، أعلنت شركة «أدنوك» الإماراتية، في يناير كانون الثاني، عن تخصيص 15 مليار دولار، ضمن استراتيجية جديدة تهدف إلى تطوير مجموعة من المشروعات المعنية بتعزيز الاستثمار في الحلول منخفضة الكربون والطاقات الجديدة وتقنيات الحد من الانبعاثات الكربوني بحلول عام 2030.

وبالرغم من أن لحكومات هذه الدول دور كبير في هذا التحول، لا سيما عبر صناديقها السيادية أو شركاتها المملوكة للدولة، فإن الشركات الناشئة المدعومة من صناديق رأس المال الجريء الخاصة ترغب أيضاً في الاستفادة من التوجه الأخضر وترى فرصاً كبيرة في المنطقة.

يقول مايكل سلاج، الشريك المؤسس في «صندوق مرسيد»، إن شركات رأس المال المخاطر والشركات الخاصة تتطلع إلى جني الأموال وتوليد الأرباح والإيرادات، ما قد يدفعها إلى التوجه نحو الدول التي لديها فرص استثمارية كبيرة.